مدونة استاذ مساعد دكتورة شيماء فاضل عبد الحميد العنبكي


( الجوائح ) سنن الله تعالى في خلقه - بشواهد تاريخية

استاذ مساعد دكتورة شيماء فاضل عبد الحميد العنبكي | DR.SHAYMAA FADHEL ABD AL HAMEED AL ANBAKI


07/05/2020 القراءات: 1479  


الجوائح لغة واصطلاحا :
الجوائح جمع ، مفرده جائح من الفعل الجَوْحُ : اي الاستئصال من الاجتياح، رجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله ، ويقصد بها البلية او التهلكة او الداهية او الكارثة ، وقيل (سنة جائحه ) أي جدبه ،غبراء ، قاحلة ، قيل إن الجائحة : كل أفه لاصنع للآدمي فيها كالريح الشديدة ، والامراض ، والجراد ، والزلازل والفياضانات ونحو ذلك من الآفات السماوية ، وفي (الفقه) كل ما اذهب الثمره او بعضها من أفه سماوية ، كما في قوله تعالى في سورة الكهف ايه 42: ( وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحداً(وقيل لا يؤخذ خراج على الزرع في عام الجائحة .
والمقصود بالسنن جمع سنة وهي السيرة من العمل او الخلق الذي يلازم المرء صدور العمل على مثالها ، وجاء في قوله تعالى في سورة ال عمران : ( قد خلت من قبلكم سُنن فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (137) هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين(138) )، وتعني هنا قوانين الله تعالى على خلقه التي لا تتبدل ولا تتغير ولاتحابي فردا على حساب اخر ، فسنن الله دقيقه كل الدقة صارمة شديدة الانتظام لاتتاثر بالاماني وانما بالاعمال ، تكمن الحكمة الإلهية من هذه الجوائح لوقوع أسباب المهلكات الموجبه لعذاب الله تعالى ، وما أصاب الأرض من فساد وعتو ، وهذا ما وضحه الله تعالى في سورة الروم ايه (41) بقوله : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ، وايضا قوله تعالى في سورة العنكبوت ايه (40) :(فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )
وقد حذر نبينا الكريم (عليه واله السلام) اصحابه وامته من المهلكات الخمس باسلوب سنن الله الكونية التي لابد من وقوعها اذا ماتوفرت شروطها وهي : (ظهور الفاحشة والاعلان بها بين الناس مدعاة لظهور الأمراض الخطيرة وانتشار الاوبئة المستعصية ، والغش في الكيل والوزن والنقص بهما ، وتعطيل الزكاة ، ونقص العهد والميثاق والخيانه والغدر ، وترك الحكم بكتاب الله والحكم بغيره من القوانين والانظمة الوضعية)، وهذا التحذير يعد من معجزات نبينا الكريم ، وقد تحققت نبوءته في زماننا الحاضر .

اشهر الجوائح عبر التاريخ : طاعون الاله انليل في العراق : غضب الاله انليل واضطراب نومه بسبب ضجيج الناس الذي ازعجه فاعطى الامر للالهة اتباعه بتفشي مرض الطاعون بين الناس عقابا لهم ، و طواعين ايطاليا بدءاً من سنه 23 ق . م : كانت فاتكه ولسنوات متتابعه قضت على الكثيرين من اهلها ، ووباء أبرهة الحبشي وجيشه في عام الفيل : مرض أصاب ابرهة الحبشي بعد إقدامه على فعلته في مكه ونقله الى بقية جيشه ، فاصبح وباءا ، ولاسيما بعدما ارسل الله تعالى عليهم طير الابابيل، وتمثل هذا الوباء بمرض جلدي ، اصابهم بقروح وقيوح في الايدي خاصة ، والافخاذ ، وقيل اصيبوا بمرض الجدري .
وحمى المدينة المنورة : كان اهل المدينة لَيَهْذونَ وَمَا يَعْقِلُونَ مِنْ شِدَّةِ الْحُمَّى ، فدعى لهم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاله وسَلَّمَ: اللَّهمّ حَبِّبْ إلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إلَيْنَا مَكَّةَ، أَوْ أَشَدَّ، وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إلَى مَهْيَعَةَ» ومَهْيَعَةُ، الْجُحْفَةُ، فَكَانَ الْمَوْلُود يُولد بِالْجُحْفَةِ فَلَا يبلغ الْحلم حَتَّى تصرعه الْحمى ، وطاعون عمواس سنة 18 هـ : في العصر الراشدي بخلافه عمر بن الخطاب ، في قرية عمواس قريبة من بيت المقدس ، حصد ارواح لاتحصى ، طاعون مسلم بن قتيبة سنة 131 هـ : وقع في البصرة توفي بسببه شخص اسمه مسلم بن قتيبة استمر 3 اشهر وعجزت الدولة الاموية من مواجهة هذا الوباء لانها كانت في اوج ضعفها ، الوباء العظيم (دمشق – مصر – العراق – المشرق – المغرب والاندلس). وباءٍ المشرق كان الاقوى اذ اصاب الهند ، وغَزْنَة، وأصبهان، وجُرْجان، والّريّ، ونواحي الجبل، والموصل ، وخرج من أصبهان فيه أربعون ألف جنازة ومات في الموصل بالجدريّ أربعة آلاف صبي بحدود القرن الخامس الهجري ، ووباء السرسام سنه 574هـ : عم العراق وبلاد الشام فني الالاف من الناس ، و وباء عنزة سنة 597هـ : ظهر وأصاب ما بين الحجاز واليمن ، كانت 20 قرية ، ابيد منها 18 قرية ، الوباء الأصفر في ايرلنده بين عامي 550 – 664م ، ووباء الاحتراق في فرنسا وألمانيا في الأعوام 994- 1043-1089 – 1130 م ، يحرق الامعاء، والطاعون الاسود في اوربا .


الجوائح ، سنن ، الله ، في ، خلقه ، بشواهد ، تاريخية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع