سر تذييل الآية 18 من سورة الإسراء ب(مذمومًا مدحورا) والآية 22 من نفس السورة بــ(مذمومًا مخذولا)
د شريف عبد العليم محمود | shareef abdelaleem mahmoud
16/08/2021 القراءات: 5178
سر تزييل الآية 18 من سورة الإسراء ب(مذمومًا مدحورا) والآية 22 من نفس السورة بــ(مذمومًا مخذولا)
أولاً: الآية رقم18 قال تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا ١٨) [الإسراء: 18].
ثانيًا: الآية رقم22 قال تعالى (لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومٗا مَّخۡذُولٗا) [الإسراء: 22].
نلاحظ أن الآية الأولى ذيلت بقوله: (مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا) والآية الثانية بقوله: (مَذۡمُومٗا مَّخۡذُولٗا).
سر هذا التذييل
أولا: بيان معنى مدحورًا. مدحورًا: قال ابن فارس: الدال، والحاء، والراء أصل واحد، والدُّحور: وهو الطرد والإبعاد، فمعنى مدحورًا: مُقَصّىً مطروداً مقيتاَ مُبعداً مِنَ الرَّحمة، مبعداً مقصياً حقيراً مطروداً من رحمة الله.
ثانيًا: بيان معنى مخذولا. مخذولاً: اسم مفعول من خذل، وخَذَلَهُ أي: ترك عونَه ونُصْرَتَهُ، فالمخذول: هو الذي لا عاصم له ولا ناصر( ).
أولاً: في الآية الأولى وهي قوله تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا ١٨) [الإسراء: 18]. جاء استعمال كلمة (مدحورًا)؛ لأن سياق الآية جاء في الحديث عن مصير الذين آثروا الحياة الدنيا على الآخرة، فبيّنت الآية أن فعل ذلك فقد وجبت له النار، ومن وجبت له النار فهو من المدحورين أي المطرودين من رحمة الله تعالى، فتزييل الآية جاء مناسبًا لسياقها.
ومعنى الآية: من كان يريد العاجلة (يعني الدنيا) أي: الدار العاجلة، ولها يعمل ويسعى، وإياها يبتغي (عجلنا له فيها ما نشاء) من البسط والتقتير (لمن نريد ثم جعلنا له): في الآخرة (جهنم يصلاها): يدخل نارها (مذموما مدحورًا): مذمومَا على قلة شكره إيانا، مطرودا من الرحمة، مبعدًا مقصيّا في النار
ثانيًا: أما في الآية الثانية: فقد جاء فيها استعمال كلمة (مخذولا)؛ لأن الآية تبين حال المشرك في الدنيا، إثر النهي عن الإشراك بالله تعالى، وقد ناسب ذلك أن يكون تزييل هذه الآية كلمة (مخذولا) والمخذول هو المتروك إعانته ونصره والمفوض إلى نفسه. وهذا يتناسب مع من يجعل مع الله تعالى إلاهًا آخر؛ لأنه: «لما أثبت شريكًا لله تعالى استحق أن يفوض أمره إلى ذلك الشريك، فلما كان ذلك الشريك معدومًا بقي بلا ناصر ولا حافظ ولا معين. وذلك عين الخذلان.»
قال الرازي: «وأما الفرق بين المخذول وبين المدحور، فهو أن المخذول هو الضعيف، يقال: تخاذلت أعضاؤه، أي: ضعفت، والمدحور هو المطرود، والطرد عبارة عن الاستخفاف والإهانة، فكونه مخذولا عبارة عن ترك إعانته، وتفويضه إلى نفسه، وكونه مدحورا عبارة عن إهانته، فيصير أول الأمر مخذولا وآخره يصير مدحورا» . والمعنى: لا تجعل- أيها المخاطب- مع الله- تعالى- إلها آخر في عبادتك أو خضوعك، فتقعد جامعا على نفسك مصيبتين: مصيبة الذم من الله- تعالى- ومن أوليائه، لأنك تركت عبادة من له الخلق والأمر، وعبدت ما لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ومصيبة الخذلان، بحيث لا تجد من يعينك أو ينصرك، في ساعة أنت أحوج ما تكون فيها إلى العون والنصر.
توجيه، المتشابه
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع