مدونة أ.د حمود محسن قاسم المليكي


كيف نحمي أبناءنا في المؤسسات التربوية ؟

أ.د حمود محسن قاسم المليكي | Hamood Mohsen Gasem Almolukey


18/10/2020 القراءات: 3714  



تعد التربية بحكم دورها وطبيعتها ، أكثر جوانب المجتمع عرضة للتغير، خاصة في ظل المتغيرات الحادة التي تنطوي عليها الثورة المعلوماتية ولعل النقلة المجتمعية التي أحدثتها المعلوماتية ، ما هي إلا نقلة تربوية في المقام الأول ، إذ أصبح الاستثمار في مجال التربية أكثر الاستثمارات عائدًا على الإطلاق
ولعل الدور المهم التي تؤديه التربية في عصر المعلوماتية يزيد من قناعتنا بأن التربية هي , المشكلة وهي الحل ، فإن عجزت التربية ومؤسساتها التعليمية أن تصنع بشرًا قادرًا على مواجهة التحديات المعلوماتية فمآل كل جهود التنمية إلى الفشل مهما توافرت الموارد الطبيعية والمادية ، ولا بد لنا أن ندرك أنه ليس هناك مخرج لانتشال أمتنا العربية من أزمتها الراهنة سوى التربية ، فالتربية هي مدخلنا الأساسي إلى التنمية الشاملة التي أحدثتها الثورة المعلوماتية في شتي المجالات0
ولابد لنا أن نعترف أن التعليم لم يعد الوسيلة التربوية الوحيدة لمقابلة تحديات القرن الحادي والعشرين ودخول أي بلد في تنمية حقيقية ما لم نستعمل وسائل وأسلحة أرقي الدول وهو الإعلام لندعم التعليم كون الإعلام أصبح في واقع الأمر جزء لا يتجزأ من أشكال التربية بل يمثل بنية تربوية وتعليمية من حيث أهدافه المباشرة في تكوين الفكر وبنيان المعارف 0
ولأهمية وسائل الإعلام وأثرها البالغ على التربية , أصبح من الضروري أن نحمي أبناءنا في المؤسسات التربوية من هذه الوسائل وأن ندافع عن قيمنا الثقافية الأصيلة والمتحضرة, وأن ندرب الناشئة على كيفية الاستخدام الصحيح لوسائل الإعلام المتاحة لديهم في البيوت وأي مكان آخر، حتى يصبحوا قادرين على التمييز وغربلة كل ما يقدم لهم عبر هذه الوسائل التي تتدفق عبرها المعلومات بصورة مذهلة ، ولم يعد للمسافات حساب في هذا المجتمع ، ويمكن أن يصبح كل شيء متاحاﹰ لكل إنسان في أي مكان وزمان ، وهذا ما لا يمكن التصدي له إلا من خلال الإعلام الموجه تربويا 0
وهناك فرق جوهري بين وسائل الإعلام الجماهيرية والوسائل المناظرة لها داخل المؤسسات التربوية ، فالمتلقي في الأولى يكون حراً في الاختيار فيما يعرض عليه من وسائل ، وله أن ينتقي ما يتناسب مع اهتماماته واتجاهاته ، كذلك يستطيع التعامل معها بصورة فردية في أي وقت يشاء ، وهذا ما يعرفه علماء الاتصال بالتعرض الانتقائي ، أما المتلقي في الثانية فلا يكون حراً في الاختيار إذا ما عرضت عليه رسالة عبر هذه الوسائل ، ومادامت تتم في ظل تعليمات وقيود نظامية، فهي باعتقاد بعض الباحثين مؤثرة وموجهة ، لأنها تأخذ طابع الجد والرقابة وتركز على التوعية الخاصة بالقيم التربوية , وتطــوير العملية التعليمية التربوية , والنزول بمناهجها ودروسها إلى حيز التطبيق العملي، وهي تشكل رافداً مهماً في مجـال بناء وتربية الناشئة 0
فالإعلام التربوي ظهر حديثاً علماﹰ بين العلوم التي تنتمي إلى أصول التربية ليؤكد حقيقة العلاقة بين الإعلام والتعليم وليربط بين التربية وبين المؤثرات الاجتماعية ، وليؤكد أن التربية تمارس تأثيراتها لا في المؤسسات التعليمية وحدها , ولكن من خلال مؤسسات اجتماعية كثيرة ومتعددة اذ يُعد من أهم الوسائل التربوية قدرة على بناء الشخصية السوية الواعية المتكاملة , وله دور فاعل في تزويد العاملين في الحقل التعليمي والتربوي بالمعلومات , والمعارف , والقدرة على تسهيلها , وتهيئة الرأي العام إلى قبول التغيرات والتجديدات التي تهدف إلى تطوير العملية التعليمية التربوية , ورفع مستواها إذ حظي باهتمام كبير من قبل الكثير من دول العالم المتقدم , وفي مقدمتها أمريكا واليابان والسويد
وعلى الرغم من أهمية الإعلام التربوي إلا أننا نجد أن القائمين على التعليم والمخططين التربويين في الوطن العربي ما زالوا غير قادرين على التطور بنفس السرعة التي تتطور بها طرائق المعرفة , ووسائلها المختلفة في العملية التربوية, إذ نجد حتى اليوم عدم الاهتمام به ضمن تخصصات كليات التربية في الوطن العربي لتخريج أخصائيين للإعلام التربوي على مستوى المؤسسات التربوية ، أو حتى إضافته مقررﹰا من مقررات أصول التربية ومتطلباﹰ أساسيا على طلبة كليات التربية ، واقتصر الأمر على افتتاح مثل هذا التخصص في عدد محدود بين الجامعات العربية ، متجاهلين ما يشهده العالم من ثورة معلوماتية أصبحت قوة يمكن استخدامها أداةﹰ للتأثير على سلوكيات وأنشطة الأفراد في المجتمع , وأن هذه الثورة المعرفية مصدرها الإعلام ، ولعل عدم إدراك القيادات التربوية في وطنا العربي عامة لأهمية الإعلام التربوي نتج عنه غياب الكثير من الأنشطة الإعلامية التي تنمي الكثير من الجوانب لدى النشء أهمها جوانب التنمية المعرفية , والمهاراتية , والوجدانية , مع ضعف في تعميق القيم الثقافية والدينية , وتنمية القدرات وتربية النشء على أسس حقيقية وسليمة،
ونعتقد جازمين أن من العوامل الرئيسية في تجاهل دور الإعلام التربوي ببلادنا العربية ترجع إلى غياب البحث العلمي التربوي المبين لأهميته والدارس لأثاره التي علمها غيرنا وعمل لامتلاك إستراتيجية تمكنه من الاستفادة منه في تحقيق آماله وغاياته التربوية الهادفة إلى تنمية الناشئة تنمية متوازنة تؤهله لدور فاعل في صناعة التقدم وصياغة التغيير المأمول على اعتباره أن من أهم الوسائل التطويرية في العملية التعليمية التربوية والوسيلة الأكثر أهمية في تربية الناشئة كونه سلاح القرن الحادي والعشرين الذي يدعم التعليم ويحمي أفراد المجتمع من التيارات المؤثرة على قيمهم الثقافية الأصيلة، فاهماله نتج تخلي نسبي عند البعض عن القيم النبيلة وسيادة قيم المادة على قيم المواطنة والانتماء, ,وأكدت العديد من الدراسات والبحوث العربية ، أن كثيرﹰا من المشكلات التي تعاني منها المؤسسات التربوية في الدول العربية والإسلامية ،تعود لعدم أخذها بوسائل حديثة في التربية ،واستمرار ممارستها للطرق التقليدية في التربية, بعيدﹰا عن الوسائل الحديثة كوسائل الإعلام التربوي حيث أوضحت أن كثيراﹰ من الظواهر ا


الاعلام التربوي - التربية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع