مدونة أ.د. نغم حسين نعمة


ادارة الازمات وانعكاساتها في ظل جائحة كورونا

أ.د. نغم حسين نعمة | nagham Hussein alnama


17/04/2020 القراءات: 5340  


لم تعد قوة الدول القومية تُقاس بحجم ما تمتلكه من ثروات طبيعية أو بشرية، أو قوة اقتصادية أو عسكرية فحسب؛ بل أصبحت هذه القوة مرهونة -بدرجة كبيرة- بقدرة الدول على منع نشوء مسببات الأمراض، وكذلك الاكتشاف المبكر والإبلاغ عن الأوبئة ذات الطابع العالمي، إضافة إلى الاستجابة السريعة والتعامل الناجح معها.منذ ظهور وباء كورونا في الصين والإعلان عنه، لم يكن عسيرا التنبؤ بأن تداعياته الاقتصادية ستكون كبيرة جدا ومؤثرة، ليس نظرا لما تمثله الصين من مكانه اقتصادية عالمية وحسب، بل لما سببته سرعة انتشاره الهائلة التي فاجأت الجميع. مما دفع جميع دول العالم لاتخاذ سلسلة من التدابير والقرارات والإجراءات، بهدف تجنب ويلات الفيروس القاتلة قدر المستطاع.منذ ظهور وباء كورونا في الصين والإعلان عنه، لم يكن عسيرا التنبؤ بأن تداعياته الاقتصادية ستكون كبيرة جدا ومؤثرة، ليس نظرا لما تمثله الصين من مكانه اقتصادية عالمية وحسب، بل لما سببته سرعة انتشاره الهائلة التي فاجأت الجميع. مما دفع جميع دول العالم لاتخاذ سلسلة من التدابير والقرارات والإجراءات، بهدف تجنب ويلات الفيروس القاتلة قدر المستطاع.
إذ تمثل الصين الاقتصاد الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ويزيد ناتجها المحلي الإجمالي عن 14 تريليون دولار، وتبلغ صادراتها نحو 2.5 تريليون دولار، ما يشكل نسبة 12.5% من صادرات العالم”. ما زاد الطين بلة والواقع خطورة، تحول مركز الوباء من شرق أسيا إلى أوربا، لتصبح إيطاليا بؤرة انتشاره في أوربا وحوض المتوسط، وصار مؤكداً أنّ التفشي المتسارع في أوروبا تحت وطأة “كورونا” ليس مزحة أو سحابة صيف عابرة، فالشلل تسلّل إلى الحياة اليومية تدريجياً، وتجرّدت القارّة العجوز في موسم كورونا من بهجة الربيع لترتدي الكمّامات، وتوقفت الفعاليات الثقافية والمؤتمرات والمعارض والنشاطات العامة، بينما تشهد الرحلات الجوية وخطوط القطارات إلغاءات متزايدة، وتضطرّ الطائرات إلى الإقلاع بمقاعد شبه شاغرة.واذا ما اردنا تحليل كيفية تعاطي بعض الدول على سبيل المثال ، مع جائحة كورونا نجد ان تركيا تعاملت مع جائحة كورونا على وفق الآتي:
مساء الثلاثاء 11 مارس أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجه، عن تسجيل أول إصابة بفيروس "كورونا الجديد" في البلاد، وأنه تم وضعه قيد الحجر الصحي، وأن الإصابة نقلت للشخص المصاب بالفيروس من خلال وجوده بأوروبا، لافتًا إلى أن "حالته الصحية العامة جيدة، ولقد تم وضع أفراد عائلته وكل المحيطين به تحت الملاحظة".
أجلت تركيا بطائرة عسكرية أعدت كمستشفى، مواطنيها ومواطني بعض الدول الصديقة من مدينة "ووهان" الصينية، بؤرة انتشار فيروس كورونا، ووضعتهم في الحجر الصحي لمدة 14 يوما، لتتأكد من عدم إصابتهم بالفيروس. وأغلقت حدودها مع إيران، كما علقت الرحلات الجوية منها وإليها.
هذا ولا تزال عملية إجلاء الراغبين بالعودة لتركيا من المواطنين الأتراك في شتى أقطار العالم مستمرة.
وتتعامل وزارة الصحة التركية مع أزمة فيروس كورونا بكل شفافية، حيث يعقد وزير الصحة كل يوم مؤتمرا صحفيا، يكون غالبا بصحبة وزراء آخرين ومسؤولين معنيين بالأزمة ، يطلع من خلاله الرأي العام على آخر المستجدات والأرقام والإحصائيات والقرارات المتخذة، بالإضافة إلى نفي الشائعات والأخبار الكاذبة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الحكومة التركية لم تخف حتى اليوم أية معلومة حول فيروس كورونا، ولا تستطيع أن تخفيها، في ظل وجود أطباء في كافة المستشفيات ينتمون إلى المعارضة، كما أن وسائل الإعلام التركية، وخصوصا المعارضة منها، لن تتردد في نشر أية إصابة أو معلومة تتعلق بالفيروس.
وهناك تجارب آسيوية ناجحة للحد من انتشار "كورونا" ومنها النموذج السنغافوري ، وفي ظل ما يُمثله تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية في 30 يناير الماضي "حالة طوارئ صحية عامة تُثير قلقًا دوليًّا"، من اختبار حقيقي لقدرات الدول القومية على التصدي له بفاعلية؛ فقد تباينت أنماط استجابة الدول الـ(77) التي انتشر فيها فيروس كورونا حتى الآن، وكذلك مستوى النجاح الذي حققته في مواجهته، الأمر الذي يتطلب التعرف على الأسباب التي جعلت بعض الدول أكثر نجاحًا من غيرها في التعامل مع انتشار الفيروس، وأهم الاستراتيجيات التي اتبعتها للتقليل من مخاطرة انتشاره.
فقد كان لها إجراءات تنفيذية متنوعة ، وكان انتشار فيروس كورونا بمثابة لحظة كاشفة عن درجة استعداد وجاهزية دول العالم للتصدي للتهديدات غير التقليدية، وقد عانت بعض دول العالم، ليس فقط النامية والفقيرة، بل أيضًا الغنية والمتقدمة، من التخبط والعجز عن إدارة هذه الأزمة الصحية الخطيرة بصورة سليمة، وسَجلت عددًا كبيرًا من حالات الإصابة والوفاة.
وبالرغم من عدم وجود دولة في العالم مستعدة بشكل كامل للاستجابة بفاعلية لتفشي الأمراض والأوبئة على نطاق واسع، فإن هناك فجوات واضحة بين الدول، مما يعني أن هناك دولًا أكثر نجاحًا في التصدي لفيروس كورونا من غيرها. وفي هذا الإطار، يمكن القول إن سنغافورة وتايوان وفيتنام تأتي في مقدمة دول العالم التي حققت حتى الآن نجاحات ملحوظة فيما يتعلق بجهود احتواء الفيروس، والحيلولة دون انتشاره على نطاق واسع بين مواطنيها، وذلك على الرغم من وقوع البلدان الثلاثة داخل الإقليم الجغرافي المباشر للصين التي تُعد بؤرة انتشار الفيروس في قارة آسيا والعالم أجمع، إلى جانب الروابط البشرية والتجارية القوية التي تجمعها مع الصين.
فعلى سبيل المثال، تجذب سنغافورة التي يبلغ عدد سكانها 5.7 ملايين شخص، 3.62 ملايين زائر صيني سنويًّا. كما تُعد الصين أكبر شريك تجاري لسنغافورة. وتقع تايوان على بعد 81 ميلًا قبالة ساحل البر الرئيسي للصين، وبلغ عدد العمالة التايوانية في الصين 404 آلاف شخص، ووصل عدد السائحين الصينيين إلى تايوان إلى 2.71 مليون سائح في عام 2019. أما فيتنام فقد استقبلت حوالي 4 ملايين زائر صيني خلال الفترة ما بين شهري يناير وسبتمبر 2019 فقط.


ادارة الازمات ، جائحة كورونا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع