الخلافات في البحث العلمي العربي
الأستاذ الدكتور بن التواتي عبد القادر | Dr. Bentouati Abdelkader
05/02/2021 القراءات: 4308
السلام عليكم جميعا
ما أردت كتابته في هذه المدونة البسيطة يتناول إشكالية هامة يعيشها البحث العلمي في الدراسات اللغوية، واتمنى أن تكون هذه الاشكالية محصورة هنا فقط وليست مطروحة في باقي العلوم والفنون، وإلا لكانت هناك فوضى عارمة يعيشها البحث العلمي في العالم العربي، بما يجعلنا نسميها فوضى المصطلح في البحث العلمي العربي.
انطلق من واقع أننا مشتّتون متفرقون متخاصمون في كل شيء سياسيا فكريا اقتصاديا رياضيا ......وللأسف حتى (علميا).مع أن عوامل وأسباب توحّدنا وإنسجامنا أكثر من أسباب تفرقنا.
وأعود إلى الموضوع الرئيس وهو المصطلح الذي هو آلية جوهرية في الظاهرة المدروسة علميا وهي اللغة، إن علماءنا القدامى اتفقوا على وحدة المصطلح، بل إن الخليل هو من وضع المصطلحات القرآئية(علم القراءاتالقرآنية)والنحوية والصوتية والعروضية.....وسار أصحابه وتلامذته على توظيفها توظيفا دقيقا ،ولا أعلم أن أحدا من العلماء بعده سعى إلى تبديلها وتغييرها، باستثناء ما كان من أبي زكريا الفراء، ولم يفلح . وإذا نظرنا إلى حالنا اليوم نجد من الاختلافات والتنوعات السلبية بما عمت به البلوى، حتى أنك لا تكاد تنتقل من جامعة إلى أخرى إلا وقد تغير كل شيء المصطلح والمنطلق فتجد نفسك في المفترق .
لأهلنا في مصر مصطلحاتهم واهلنا في العراق في لبنان في المغرب في الاردن ..... في كل بقعة من عالمنا العربي .وكمثال: (علم اللسان)، ترجم إلى :اللسانيات ، اللسنيات، الألسنية، علم اللغة الحديث....وهكذا، ويجمعون على أن مصطلح علم اللسان غربي ترجم إلى الترجمات المذكورة، ولم يعلموا أنه عربي وترجمه الغربيون.إلى اللاتينية في القرن12م والانجلزية في القرن 16م وهو من وضع ابي نصر الفرابي في احصاء العلوم. ولو علموا ما كان ليختلفوا.
انظر أيضا ترجمة (التداولية) واطلق عليها إخواننا البرغماتية وأيضا النفعية وهكذا.
ومساوىء هذا الخلاف ولا أسميه اختلاف لأن الاختلاف قد يكون رحمة كما يقال .يؤدي حتما إلى بلبلة فكر الطالب الباحث، ويثبط من عزيمته، وبالتالي عزوفه عن هذا العلم أو ذاك ، واذكر أن باحثة عراقية كانت تشتغل على موضوع في علم اللسان قالت: كنت أبحث عن قضية لسانية معينة فنظرت فإذا بي أجد صراعا كبيرا بين أهل هذا العلم حول المصطلح، وكأنهم افتتنوا به .)
أما أسباب هذا الخلاف فهو أمران حسب راي:
1- قاسم الظهور حب الظهور.
ليقال أن واضعه فلان ، مع العلم أن هذا الاعتقاد سبب هلاك الانسان، ففي الحديث النبوي المشهور لما يسال الله عباده عن الأمانات ما فعلتم بها ،ومنها أمانة العلم يقول العبد: علمت وبيّنت وأرشدت فيقول المولى عز وجل : إنما فعلت ليقال عنك ، وهي كلمة قيلت في الدنيا اسحبوه إلى النار...
وأيضا ليقال أن البلد (س) أكثر تطورا من البلد (ع ) والبلد(ص) أقل تطورا من البلد (ج) وهكذا وهي كلمات تقال ومازالت تقال للأسف وكان من المفروض أن نساعد بعضنا ونرفع من شأننا جميعا ولا نتكابر ونترفع ونتشاحن . وإذا جاء باحث بسيط غربي ... نستقبله استقبال الملوك، ونجول به ونصول وننسى علماءنا ونتنكر لهم مع أنهم قامات عظام. كم فقدنا منهم . رحلوا في صمت، وقد عاشوا الظلم والمهانة والعزلة وووووووو.وأستاذنا الدكتور سعد مصلوح -أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية- دليل على ذلك وهو قامة في التخصص وغيره.
كم طالبا في البلاد العربية سمع عنه لا أقول بحث في أعماله؟، كم طالبا في بلادنا العربية سمع بالحاج صالح عبد الرحمن -رحمه الله- ودرس نظرياته؟
2- التواصل بين النخب في الجامعات وفي المخابر : أغلب الجامعات الأوروبية مرتبطة ببعضها البعض باتفاقيات تبادل معرفي لا حدود له، لأن العلم لا تحده الحدود، ولا توقفه الصراعات السياسية.
أما عندنا فالعلم تحده الحدود وتوظفه السياسة والمصالح. نتواصل إن اتفقوا ، ونتخاصم إن اختصموا على حفنة رمل، أو معاوية ظلم علي، أو يجب غسل الرجلين في الوضوء ولا يجوز المسح ووووووووهكذا.
اتمنى أن تكون هذه المنصات والمراكز العلمية ملكا للعلم، لطالب العلم في عالمنا الخاص والعام، وأن نترفع عن الصغائر، والانتماءات والمشاحنات وغيرها.
المصطلح- الصراعات- النعرات- التفرق- الخلافات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع