مدونة د/ فاطمة عبدالله


وسبق الإيجاز - تأملات تنمية بشرية إسلامية على سورة قريش

د/فاطمة عبدالله | Dr. Fatma Abdallah


23/03/2021 القراءات: 949  


وبعد، أهلا بكم أحبائي معنا اليوم ستذهلون مما ستسمعون وتضربون الكفوف كفا بكف وتزوغ العيون وتفغر الأفواه وتشهق الحناجر.  ما هذا هل سيحدث كل هذا؟ نعم فسوف تذهلون مما سيقال ومن أن سورة قصيرة من 4 آيات فقط ضربت ذلك العالِم في مقتل وكسرت تلك النظرية بل وتفوقت عليها بل وسبقت العَالم كله ما هذا، كل هذا نعم بل وأكثر!
 
 وكل الحكاية تبدأ عام 1943 والذي وافق 1362 هجرية وتذكروا التاريخ الهجري جيدا فسوف نعود إليه لاحقا.
ففي هذا العام ابتكر عالم اسمه إبراهام ماسلو نظرية نفسية غيرت وجه العالم بأسره وقد شملت هذه النظرية كل الجنس البشرى باختلاف طوائفه وفئاته وأنواعه وعرقه وجنسه ولونه ودينه وسلالته وكل شيء يمت له بصلة. ابتكر هذا العالم نظرية فسرت إشكاليات نفسية كثيرة تواجه كل البشر وبالفعل أثبتت صحتها إلى يومنا هذا وكان لها عظيم الأثر واتسع صداها في كل أرجاء العالم وفسرت كثيرا من السلوك البشرى لأي كائنا من كان وتستخدمها كثير من الأجهزة في تعاملاتها وتخطيطاتها واستراتيجيتها وتسمى هذه النظرية مدرج أو تدرج ماسلو للحاجات البشرية وفيها يعرض تدرج احتياجات البشر- كل البشر- وتنطبق على كل شخص فينا ومنا وتتبع علم نفس التنموي الذي يعنى بتطور ونمو الإنسان خلال كل مراحل حياته وهي عبارة عن تصنيف وتدريج احتياجات البشر والإنسان والدوافع التي تحركه في كل شيء في حياته وتبدأ بقاعدة التدرج أو الهرم وهي الاحتياجات الفسيولوجية التي يحتاجها كل إنسان ليبقى على قيد الحياة (التنفس، الطعام والغذاء، الماء، النوم، الجنس، التوازن، والإخراج) فلن يعيش أي إنسان بدونها ودون أن تتحقق فإن تحققت انتقل إلى المرحلة الأخرى والأعلى قليلا من احتياجاته والتي لن يطلبها إلا إذا أشبع احتياجاته الأولية وغرائزه واحتياجاته الفسيولوجية أولا وإلا لن ينتقل للمرحلة التالية والتي فيها حاجات الأمان (السلامة الجسدية، الأمن الوظيفي، أمن الموارد، الأمن الأسري والصحي وأمن الممتلكات)، فإن توفر ذلك وتم إشباعه انتقل إلى المرحلة التالية والتي هي الحاجات الإجتماعية المتمثلة في (الصداقة، العلاقات الأسرية، الألفة، علاقات المجتمع والانتماء) فإن توفرت فكر فيما بعدها وانتقل إلى ما يليها من احتياجات وهي الحاجة للتقديرالتي تتمثل في (تقدير الذات، الثقة، الانجازات،احترام الأخرين وتقديرهم) فإن أشبع كل هذا بدأ يفكر في أخر مرحلة قمة الهرم لاحتياجاته والتي لن يصلها إلا بعد أن يشبع كل ما سبقها من احتياجات وهي الحاجة لتحقيق الذات (حل المشاكل، الابتكار، تقبل الحقائق وتحقيق الانجازات) وقد درس ماسلو فيها عينات من البشر اعتبرها مثالية مثل ألبرت اينشتاين، وجين أدمز، وإليانور روزفلت، وفريدريك دوغلاس
وبمرور الوقت اشتهرت النظرية وغزت العالم كله واستخدمت في علم الإجتماع والإدارة والتدريس واستخدمتها بعض الأجهزة في تطبيق استراتيجايتها.
حسنا ما علاقة كل هذا بما سيجعلكم تذهلون وبما سيجعلكم تندهشون وما علاقة هذا كله بموضعنا هنا اذكروا لي التاريخ الهجري؟  تذكرتم قلت لكم احتفظوا بهذا التاريخ في أذهانكم جيدا فسنعود إليه في سنة 1362 من الهجرة أي قبل 1362 من ذاك الوقت تصوروا سبق القرآن المعجز كل هذا! سبق الحق في كتابه عز وجل كل ذلك وكل هذا بقمة الإعجاز في سورة قصيرة من 4 آيات فقط ..تصوروا أربع آيات فقط تضم نظرية علمية حيرت العالم وكشفت للعالم الكثير من أسرار النفس البشرية وغاصت في أسبارها  ..4 آيات فقط منهم آية كلمتين فقط نزلت في قبيلة في مجدها وأفرادها ونشاطها ومكانتها فكان قمة الإعجاز أن سورة لم يذكر فيها اسم لفظ الجلالة قط (الله) هي في ذاتها دليل إعجاز لله .. أربع آيات نزلت في قبيلة قال عنها رسول الله في حديث أن لها سبع خصال ليسوا لأحد أخر إلا هم ولم تعطى لأحد من قبلهم ولن تعطى أحد من بعدهم بأن منهم النبي وأعطوا النبوة وأنَّ الحِجَابَةَ فيهم، وأنَّ السقايَةَ فيهم، ونصرهم على الفيلِ، وعبدوا الله عشر سنين، لا يعبده غيرهم، وأنزَل اللهُ فيهم سورةً من القرآنِ لم يُذكر فيها أحد غيرهم فنزلت فيهم تبين وتشرح أحوالهم ومن أهم مقصادها توحيد العبودية والربوبية لله تعالى وتعدد نعمه على عباده وذكر امتنان تعدد نعم الله على هولاء القوم ليعبدوه ويوحدوه بعد أن نجاهم من الهلاك فى السورة السابقة لتلك السورة مباشرة .. حديثنا اليوم عن سورة قريش.نعم قريش 4 آيات فانظروا معي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ((لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) ايلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي اطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4))) قد تراهم أنت 4 آيات ولكنهم ليسوا كذلك هم دستور كامل وحياة كاملة.
فانظروا معي: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}، والإلف في هذه الآية المباركة يعني الضم والجمع والوحدة، أي (الإئتلاف) والمقصود هنا كيف كانت قريش تجمع بضائعها وتتجه في الشتاء نحو اليمن، وفي الصيف نحو الشام، في رحلتين كبيرتين هى مهنتهم وتجارتهم لتأمين رزقهم ودخلهم فكانت قريش تعيش بنعمة كبيرة من الله تعالى برحلاتها التجارية هذه، قال تعالى: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}، أي إجتماعهم في رحلة الشتاء والصيف، ثمَّ يأمر الله تعالى قريش بعبادته وتوحيده، فهو رب البيت الحرام الذي هيأ لهم هذا الرزق وهذا الأمن وهذه الرحلات التجارية التي تعتاش منها قريش كاملة، قال تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ}، وإنَّما إضافة الله تعالى لربوبيته تشريف وتعظيم، فالله تعالى يدعو لعبادته دعوة صريحة ويدعو إلى نبذ الأصنام وغيرها من الآلهة الزائفة التي اتخذتها قريش، ثم يقول الله تعالى: {الَّذِي اطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}، وهنا يبيِّن الله -سبحانه وتعالى- على أهل قريش، فهو المطعم الكاسي، الذي أطعمهم وكساهم وأمَّنهم، ويقول عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: "أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ، وَذَلِكَ بِدَعوَةِ إبراهِيمَ -عليه السَّلام


تدبر ، تفكر ، شرع ، دين ، إجتماعي ، مهارات، أفكار ، قريش ، القرآن


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع