مدونة الشاعر والناقد عبد الله هريدي


القصة الشاعرة من العبارة إلى الإشارة -ج1

عبد الله رمضان خلف مرسي | Abdullah Ramadan Khalaf Morsy


16/06/2021 القراءات: 4235  


القصة الشاعرة من العبارة إلى الإشارة
تأملات نقدية في قصص شاعرة لمحمد الشحات محمد
د. عبد الله رمضان
أستاذ الأدب والنقد المشارك بكلية اللغات
جامعة المدينة العالمية – ماليزيا

لعل القارئ ينتظر من المبدع في القصة الشاعرة أن يحكي له حكاية كما اعتاد على سماع الحكايات أو قراءة القصص التي تعتمد على بداية وذروة ونهاية، أو يقرأ قصيدة يهش ويبش ويطرب لما فيها من بلاغة وتشبيه واستعارة وكناية، الأمر هنا مختلف، فاللغة أصبحت مغايرة لما اعتاد عليه القارئ في فني الشعر والقص، القصة الشاعرة مزيج من فنون شتى، تشكلت منها هويتها، وتخلقت بنيتها، وفي سبيلها نحو التطور، أصبح القص الشاعري متجاوزا للحكي التقليدي، وللشعر التقليدي، حتى لو تحصل على سمات من كل منهما.
والقصة الشاعرة نفسها على يد مبدعها محمد الشحات محمد صارت تعتمد على لغة جديدة، واللغة الجديدة هنا نقصد بها ما تنماز به القصة الشاعرة من إثارة الدهشة بعلاقات الكلمات ومراوغة التراكيب، تكاد لا تمسك المعنى الذي تظنه، أو الفكرة التي تتخيلها، التراكيب والعبارات في القصص الشاعرة لمحمد الشحات محمد أشبه بسرب من الغزلان -كما شبه الشاعر القديم معاناته مع إبداعه- تتسرب منك، فتكاد تمسكها فإذا بها تتفلت، تظن أنك وصلت إلى مرادك فتكتشف أنه ليس بعد، والفن الباقي هو الذي لا يكشف عن أسراره مرة واحدة، بل يكشف عنها في كل قراءة سرا فسرا، وفي كل معاودة تتفتح زهرة من زهو الإبداع، فتجود بعبقها، وجمال هيئتا.
و"العبارة" المقصود بها الحكي القريب، الذي يفهم مغزاه القارئ من القراءة الأولى، و"الإشارة" المقصود بها الرمز، والرمز الذي نميل إليه هو الرمز الشفيف، الذي لا يجنح إلى المعميات والطلاسم، ومن ثم يظل هناك أثر يدل عليه، وبادئة تؤدي إليه.
في نص بعنوان: إبهار (من الرمل)، يقول محمد الشحات:
كان "سَيْبيري" يرى تفْويضَه مائدة الحصْنِ إذا غابت شعوبُ الأرضِ، أو صامت إمارات "الحلالِ" الشّهْرَ طَوْعًا..، قرَّر التنفيذَ، ناداهُ ابنُ نوحٍ، فاستقلَّ النَّهْرَ مِن أعْلى جبال النورِ حتّى وقَّعَ الناسُ، عَدا أبْرهةٍ؛ أعْلنَ سدًّا لاتفاقيّة أغصانِ التَّمَنّي.. جفّتِ الأوراقُ، مدّ الجذرُ مُومْياهُ، استعدّ المَوْكبُ، احْتجّتْ فراعينُ الإماراتِ على التّحْريرِ..؛ شقّتْ طلْعةٌ مجهولةٌ "رافالَ" بطْنِ المُنْحنى؛ ضفْدعة العاشرِ عادتْ تُغرقُ الأوزونَ، فانهارتْ مِنَ الأشلاءِ جولدا.. أكّدَ الشَّعبُ التفافًا وطنيًّا.. شاركَتِ العالمَ مصرُ، استقبلَ التشكيلُ ترسيمًا جديدا، بثّتِ الصينُ الحزام الأخضرَ، اهتزّت شرايين النّهى..، ألْقى عصامُ السّدْرةَ الأولى، التقى الجمعانِ في تنميةِ الإبهار.. عُدنا.


هريدي، أدب، نقد، شعر، تعليم، قصة، شاعرة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع