مدونة علي يوسف عكاشة


الاستخدام العشوائي للمطهرات

علي يوسف عكاشة | Aly Y. Okasha


09/10/2020 القراءات: 3867  


)لا تستبدلوا الكورونا بالسرطان(
بعد ما شاهدته من تكرار لاستخدام مواد التطهير كهيبوكلوريت الصوديوم (الكلور او ماء الجافيل) في تعقيم الشوارع في اكثر من منطقة بالرغم مما قد تحتويه من مضار محتملة على البيئة، وربما تتحول الى كارثة بيئية اخطر من الكورونا، بدأت افكر في اعداد ورقة بحثية حول التأثيرات البيئية للاستخدام العشوائي للمطهرات ومواد التعقيم، وبالصدفة اتصل بي أحد الأصدقاء ليسألني عن استخدام مادة هيبوكلوريت الكالسيوم للتعقيم وطلب مني نشر بوست حول الموضوع وعليه فقد قررت ان اركز على الجانب الأكثر أهمية حاليا وهو المنشورات التوعوية واحب ان اذكر في البداية بأن هناك فارق بين التعقيم Sterilization (هو عملية إبادة أو إزالة لكافة الأحياء الدقيقة بما فيها الأبواغ او الجراثيم) والتطهير Disinfection (وهو عملية يتم فيها القضاء على الأشكال النشيطة للأحياء الدقيقة الممرضة الموجودة على سطح أو جسم ما)، والهيبوكلوريت سواء الصوديوم او الكالسيوم هي مواد تطهير وتكمن فعاليتها في كونها تنتج الكلورين Cl2 ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﻛﻤﺎﺩﺓ ﻣﺆﻛﺴﺪﺓ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﻮﻗﻒ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺰﻳﻤﺎﺕ. ﻭﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ﺗﻌﻘﻴﻢ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺣﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﻭ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﺭﻱ. وتنصح منظمة الصحة العالمية باستخدام الكلور بتركيز من 0.1 الى 0.5 % لتطهير الأسطح التي تُلمس بشكل متكرر في المنازل، وتنظيف وتعقيم مقابض الأبواب والهواتف المحمولة ولوحة مفاتيح جهاز الكومبيوتر والطاولات والمكاتب وأزرار المصاعد والريموت. وأشارت منظمة الصحة إلى أنّه يمكن استعمال محلول الكلور المخفف (0.05%) لتعقيم اليدين عندما لا يتوفر ‏مطهر كحولي لليدين أو صابون. ومع ذلك لا يوصى باستعمال محلول الكلور المخفف عندما ‏يتوفر المطهر الكحولي أو الصابون والمياه لأنه ينطوي على مخاطر أكبر بالتسبب في ‏حساسية لليدين وأضرار صحية أخرى جراء تجهيز محاليل الكلور وتخفيفها، ويجب تجهيز محاليل الكلور يوميًا وتخزينها في مكان جافٍ وبارد في عبوات مغلقة ‏بإحكام بعيدًا عن ضوء الشمس لانها شديدة التأثر بالضوء.
وننصح بان يتم تهوية الأماكن المغلقة التي يتم تعقيمها بالكلور بشكل جيد لضمان التخلص من أي ابخرة سامة قد تتكون. وفي ذات الوقت نحذر من استخدام مادة هيبوكلوريت الصوديوم في تطهير الشوارع بشكل عشوائي لخطورتها على البيئة ونتمنى ان يتوقف هذا العبث وذلك للاسباب التالية:
اولا الفيروس على الارصفة وفي الطرقات تتكفل الشمس بالقضاء عليه.
ثانيا وهو الأهم: الاستخدام المفرط والعشوائي للمطهرات وخاصة هيبوكلوريت الصوديوم (الكلور) هو امر خطير جدا على البيئة حيث انه يقضي على الكثير من الكائنات الحية النافعة للتربة، وهذا اقل الاخطار، اما الضرر الاكبر فيكمن في ان وجود هذه المادة في البيئة بتراكيز كبيرة يمكن ان ينجم عنه تكون العديد من المواد الخطيرة والمسرطنة، حيث أشارت دراسة أوروبية نُشرت في 2008 إلى أن هبيوكلوريت الصوديوم والمواد الكيميائية العضوية الموجودة في العديد من المنظفات المنزلية يمكن أن تتفاعل لتكون المركبات العضوية المتطايرة المكلورة (VOCs). وتنبعث هذه المركبات أثناء التنظيف وتسبب التسمم أو السرطانات المحتملة عند البشر، زقد أظهرت الدراسات أن تركيزات الهواء في الأماكن المغلقة ذات تركيز مرتفع عند استخدام هذه المواد التي تحتوي على المركبات العضوية المتطايرة المكلورة ( 8-52 مرة تركيز الكلوروفورم ، و 1-1170 مرة لرابع كلوريد الكربون أكثر من المعدل الطبيعي لتركيزهما في المنزل ) لوحظت زيادة كبيرة في تركيزات لعديد من المركبات العضوية المتطايرة المكلورة (و خاصة رابع كلوريد الكربون والكلوروفورم ) في الهواء في الأماكن المغلقة بسبب استخدام هذه المواد، يرى البحاث أن استخدام هذه المنتجات في التنظيف قد يزيد بشكل كبير من مخاطر الإصابة بالسرطان، وحسب بعض المراجع يمكن ان تؤدي كلورة مياه الشرب إلى أكسدة الملوثات العضوية وإنتاج مادة الكلوروفورم و غيرها من المواد المسرطنة وعدة مئات من المواد الناتجة عن عملية التطهير لا يتم رصد الغالبية العظمى منها، فما بالك بالقائه عشوائيا في البيئة، احد اهم مخاطر استخدام هبيوكلوريت الصوديوم هو أنه يميل إلى تشكيل المركبات العضوية المكلورة وهي مركبات مسرطنة شديدة السمية وهذا يمكن أن يحدث خلال التخزين المنزلي و كذلك خلال الاستخدام الصناعي او كما هو الحال في الاستخدام العشوائي الغير مدروس. على سبيل المثال عندما تختلط مادة الهيبوكلوريت مع مياه الصرف الصحي لوحظ أن 1-2% من الكلور المتاح استهلك لتشكيل المركبات العضوية الخطيرة مثل كلروروفورم و رابع كلورد الكربون
وعن كيفية استخدام مادة هيبوكلوريت الكالسيوم والتي تعطي تركيز 68 % كلور في عملية التطهير فأنني اجيبه ببساطة انه للوصول الى تطهير جيد للأسطح فأننا نحتاج الى تركيز من الكلور يبلغ 0.1% وهذا يمكننا ان نحصل عليه بتخفيف الحجم الذي يبلغ 25 كجم الى 17 متر مكعب من المياه (او إضافة 1.5 كجم من المادة لكل متر مكعب من المياه)، اما في حال الرغبة في استخدامها في المياه التي تلامس الجلد كمياه المسابح او بخاخات تعقيم الايدي فإننا نستخدمه بتركيز 0.05 % بمعني إضافة 25 كجم الى 34 متر مكعب من المياه.
وكمعلومة إضافية فإن مادة هيبوكلوريت الصوديوم (ماء الجافيل) تركيز الكلور بها تقريبا 5% كلور متاح ولهذا عند استخدامها لغرض تطهير الاسطح نحتاج الى إضافة 100 مل منها لكل 5 لتر او 20 لتر لكل متر مكعب من المياه، اما استخدامها كمطهر للأيدي فنستخدمها بتخفيف 100 مل منها الى 10 لتر من المياه.

بالتأكيد لا يرغب أحد في ان تنجلي غمة الكورونا لنجد ان اعداد المصابين بالسرطانات لا سمح الله تتضاعف.

د. علي يوسف عكاشة
أستاذ مشارك علوم البيئة – الجامعة الاسمرية الاسلامية


هيبوكلوريت، الكلور، ماء الجافيل، كورونا.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع