مدونة د. ميثاق صادق محمود هزاع المليكي
درء المفاسد مقدم على جلب المصالح... فيروس كورونا المستجد
د.ميثاق صادق المليكي | Dr.Methaq sadeq Almuliki
12/04/2020 القراءات: 4981
في ظل انتشار الوباء المعروف حاليا بفيروس كورونا المستجد2020 (COVID 19) الذي جلب الكثير من المفاسد على جميع كليات الشريعة الإسلامية وبالأخص الأنفس والأموال فما من دولة غربية أو عربية إلا وتعاني من فقدان الأنفس البشرية وهلاك الاقتصاد المالي، وذلك لخطره وتأثيره في حياة الشعوب ولسرعة انتشاره بين المجتمعات، لذلك ثبت للأمة الإسلامية أن ما يجلبه هذا الفيروس هو مفاسد تعود نتائجها على مقاصد الشريعة الإسلامية، والله قد أمرنا بالحفاظ على مقاصد الشريعة الإسلامية بأي الوسائل الممكنة لأجل الحفاظ على الأنفس والأموال التي فيها النفع والخير للبشرية أجمع، ولن يتم الحفاظ إلا بشرط هو كالتالي: الشرط الأول: ثبوت نقل العدوى من إنسان إلى أخر بسبب الازدحام أو التجمعات لفعل العبادات بشتى أنواعها كصلاة الجمعة والجماعة وصلاة الترويح، والحج والعمرة، وكذلك الأعمال الجماعية التي تقوم عليها متطلبات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وكل ذلك يكون بشهادة من الأطباء المختصين بمعرفة هذه الأوبئة بأن هذه الاجتماعات طريقا لنشر هذه الأوبئة، فحينئذ يجب التوقف عنها حفاظا على الأنفس، فالله تعالى يقول ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195] فالأمر في هذه الآية ليس للإباحة أو التخيير أو الندب بل للوجوب لكي نتجنب الهلاك، وقد ضرب الله لنا العبرة بالقرآن للنملة، عندما رأت أن قومها في طريقهم للهلاك، فقال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: 18 نعم قد يقول المؤمن أن الحضور لصلاة الجماعة في المسجد ثوابها عظيم وتجلب مصلحة إيجابية للمؤمن كالدعاء بنية رفع البلاء فلماذا لا نتخذ من هذه الأماكن وسيلة للتقرب إلى الله ليرفع عنا هذا الوباء؟ نعم هي وسيلة للتقرب إلى الله... لكن الذي يجب أن نفهه أن هناك شيء يقدم على شيء في الشريعة الإسلامية، والأحكام تتغير على حسب مراعة المصلحة الايجابية لا على حسب المفسدة السلبية، فإذا صار بعض الناس يحمل العدوى ولا يدرك أين موقعها ولا شكلها ولا يعرف أنه مصاب، أو قد يكون الإنسان مصاب وتوجد عليه آثار العدوى، ولكن عنده قدرة على الحركة والخروج والدخول فلسوف ينقل العدوى إلى غيره سواء عن طريق صلاة الجماعة أو عن طريق المكوث في الطرقات فهل خروجك للشارع أو ذهابك للمسجد ونقلك للعدوى تسبب في قتل الكثير من الأبرياء؟ نعم بكل تأكيد تكون قد تسببت بقتلهم!! فلذا يجب أخذ الحيطة والحذر بدرء هذه المفسدة بالفرار والالتزام بالجلوس بالبيت (الحجر الصحي) وهذا مأمور به شرعا، وإذا صارت المساجد يوجد فيها الوباء يجب درء هذه المفسدة بترك الصلاة في المسجد والمكوث في بالبيت، فقد نبه وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحجر الصحي وأخذ الحيطة والحذر كما ورد في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ عن الطاعونِ ، فأخبَرَني رسولُ اللهِ ﷺ: أنَّه كان عَذابًا يَبعَثُه اللهُ على مَن يَشاءُ، فجعَلَه رَحمةً للمُؤمِنينَ، فليس مِن رَجُلٍ يَقَعَ الطاعونُ فيَمكُثُ في بَيتِه صابرًا مُحتَسِبًا يَعلَمُ أنَّه لا يُصيبُه إلّا ما كَتَبَ اللهُ له إلّا كان له مِثلُ أجْرِ الشَّهيد أخرجه البخاري (٣٤٧٤) والقاعدة تقول (درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة) والأعجب من ذلك أن الكثير من البلدان الإسلامية صارت في حيرة وشك، وبالأخص عامة الناس حول ممارسة العبادات المفروضة الجماعية، والسنن المسنونة وكل ذلك يعود إلى اتباع هوى النفس، وافتقار التفقه بالدين وبالقواعد الشرعية والأحاديث النبوية. لذلك نوصي باتباع فتوى العلماء حول هذه النوازل فهم المسؤولون أمام الله عز وجل وهم ورثة العلم، وكذلك نوصي بعدم تقديم هوى النفس على مفاهيم الشريعة الإسلامية فكل نازلة ولها مقصد ومآل ولها حل ورجال قادرين على توضيحها تحت ضوابط الشريعة الإسلامية، فمن أفتى بغير علم فليتبوأ مقعده من النار أسأل الله الكريم أن يجعلني وأياكم من الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون.
درء المفاسد / جلب المصالح / فيروس كورونا المستجد COVID-19
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف