توطين البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر في الوطن العربي
19/06/2021 القراءات: 3168
على الرغم من الانتشار الواسع الذي حققته البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر في جميع أنحاء العالم،إلاّ أن نظرة سريعة على واقع تكنولوجيا المعلومات في الدول العربية تظهر بوضوح مدى تأخر هذه الدول في تبني فلسفة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر سواء على صعيد القطـــــــــــــاع الحكومي أو المؤسســـــات والهيئـــات الخاصة. هذا التباطؤ في إدراك أهمية وميزات هذه الفلسفة سيؤدي إلى حرمـــــــان الدول العربيــــــــــة من الفوائد التي قد تكسبها جراء استخدامهــــــا للبرمجيـــــــات الحرة ومفتوحة المصدر،بدءاً من توفير المبالغ التي تصرف سنوياً ثمناً لتراخيص استخدام البرمجيـــــــــــــات المغلقة التي يغلب عليها الطابع التجاري وانتهاء باستقلالية القرار السياسي والتجاري لهذه الدول. وقد رافقت ثورة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر منذ البداية بالتوازي الكثير من المحاولات لتعريب هذه البرمجيات،والتي استخدمت عدة أساليب لإضافة دعم اللّغة العربية،فمنها من اعتمد على إضافة هذا الدعم إلى أنظمة التشغيل لتكون متاحةً بشكل شفاف لجميع البرمجيات التي تعمل ضمن هذا النظام،ومنها من عمل على إضافة دعم اللّغة العربية إلى البرمجيات نفسها لتدعمها بغض النظر عن نظام التشغيل الذي تعمل ضمنه ولأجل أن تظلّ لغاتنا حية مفيدة ينبغي أن ندفعها إلى مجالات التقنية الحديثة.ونذكر هنا ما جاء في حديث لمدير إدارة العلوم والبحث العلمي بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم،الأستاذ الدكتور أبو القاسم البدري9،"...إنّ تشجيع المعالجة الآلية للّغة العربية والبرمجيات الحرة المفتوحة المصدر قضيتان أساسيتان شغلتا اهتمام إدارة العلوم والبحث العلمي في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم،لأنه ومع الدخول في "الاقتصاد القائم على المعرفة"وتوجُّه المجتمعات نحو ما يسمّى "بمجتمع المعرفة"،فقد ازداد الاهتمام باللغة ازديادًا كبيرًا،لكونها وعاء المعرفة،وأنه مع انتشار استعمال الحاسوب والشبكة (الإنترنت)،فقد شهدت الصناعةُ اللغوية الحديثة تطورًا كبيرًا. ولما كانت هذه الصناعة تتطلّب أن يكون التعامل بين الإنسان والآلة باللغات الطبيعية،فإن استعمال الحاسوب في تطبيقات اللغة العربية أصبح ضرورة ملحّة..." إن الواقع الراهن للبرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر في الوطن العربي غير مشجع، حيث ما زالت هذه الحركة تفتقر إلى كثير من جهود المتطوعين والمطورين العرب لردم الهوة بين عالم البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر ولغتنا العربية. ومن المؤسف القول بأن غالبية مشاريع التعريب أطلقت من قبل أشخاص ليست العربية لغتهم الأم، وليس هدفهم الارتقاء باللّغة العربية بقدر هدفهم المادي الربحي أو حتى الاحتكاري. إن تأخر الدول العربية في المجال التكنولوجي،وقلّة أعداد المخترعين والمكتشفين والباحثين العرب، انعكس سلباً على لغتنا العربية، وهذا أمر طبيعي، نتيجة عدم اهتمام الدول العربية ببناء قاعدة تنطلق منها نحو التكنولوجيا لتكون دولاً صانعة ومنتجة لها. لنجد أن العقول العربية اختارت الهجرة إلى الدول الغربية المتقدمة،نتيجة ذلك الإهمال الذي تبديه الدول العربية لتلك الكفاءات والتي وجدت ذلك الترحيب والتشجيع والدعم الكبير من قِبَل دول غربية كثيرة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية،والتي ساهمت مساهمة كبيرة جداً في أن تكون اللّغة الإنجليزية لغة عالمية يتوجب على جميع سكان الأرض تعلّمها والتعامل بها واحترامها. ولهذا لابد من التأكيد على ضرورة التوجه استراتيجياً نحو البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر باعتبارها حلاً بديلاً هاماً لمسألة حيازة صناعة برمجيات مستقلة. ويجب تنظيم هذا التوجه الاستراتيجي عن طريق إنشاء وحدة إدارية عربية مهمتها حصر البرمجيات الهامة الحرة والمفتوحة المصدر،وبناء القدرات الخاصة بدعم وتطوير هذا النوع من البرمجيات. و لا بد من التعاون مع العديد من الدول ذات الخبرة بالبرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر،من أجل تسريع الاستفادة من هذه البرمجيات والتشارك في الخبرات.
التوطين ،البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر ، الوطن العربي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع