مدونة د صالح علي ناصر الخدري


أبرز دوافع السير وراء الشهرة

د صالح علي ناصر الخدري | saleh ali nasser alkhadri


03/01/2021 القراءات: 3712  


بداية ينبغي التنبيه على أمرين وهما: الأول: ليس كل من اشهتر عبر أي وسيلة يعتبر ساعيا للشهرة أو كانت مقصدا له، والأمر الآخر: مِن الشهرة ما لا مفر منها، كونها ثمرة لمباشرة أي عمل من الأعمال، وأنها لم تطلب لذاتها، بل فرضت فرضا، فليس الكلام على مثل هذه الحالة، وإنما الحديث هنا عمن سعى للشهرة سعيا حثيثا، وبذل كل ما بوسعه لأجلها، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها، فربما أنفق طالب الشهرة المال مقابل الشهرة في أي موقع أو قناة أو منصة أو بيئة، وربما تنازل عن مبدأ من المبادئ القويمة، حرصا منه على ذلك، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على اختلاف أحوال الساعين.
وخلاصة الأمر أن الشهرة تقع لدوافع عدة، أبرزها:
1/ الرغبة في جلب مزيد من المال من خلال المهنة أو الممارسة الإعلامية أو غيرها 2/ تعويض نقص ثقته بذاته في بيئته وبين أهله وأقرانه ومجتمعه 3/ الوصول إلى التميز على الغير بالرأي أو المظهر أو المكانة 4/ التعالي على الآخرين واحتقارهم.
والشهرة أمر جلبت عليه النفوس، وقد أرشد الإسلام إلى الصواب منها، وهذب مفاهيم الناس حولها، وأرشدهم إلى ما يجب حال التعامل مع غيرهم، وكما ذكر فإن للوصول إلى الشهرة أسباب عديدة، ومن أسوأ ما يسعى إليه طالب الشهرة هو الوصول إلى التعالي على الآخرين، فإذا كانت الشهرة كذلك، أي أن دافعها في الأصل هو التعالي على الآخرين أو التميز المذموم، فإنها مذمومة لسوء المقصد، وقد حذّر القرآن الكريم من التعالى على الآخرين وذم من وُصِف به، قال الله تعالى: {ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ] لقمان 18، وإن معصية إبليس كان أساسها حب الظهور والكبر وإزدراء آدم وأنه خير منه، قال تعالى حكاية عنه: [ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ] الأعراف12 وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم تمسك المرء برأيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا ، وهَوًى مُتَّبَعًا ، ودُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ ، ودَعْ أَمْرَ الْعَوَامِ " رواه أَبُو داود، قال ابن المبارك: قال لي سفيان: " إياك والشهرة، فما أتيت أحداً إلا وقد نهى عن الشهرة، والمقصود من ذلك الشهرة المذمومة، أما الشهرة التي هي ثمرة عمل غير منكر، سواء من أعمال الدين أو الدنيا فلا حرج مترتب على ذلك، فإن المرء قد يعمل عمل الخير ويعرفه الناس، ثم يتناقلونه فيما بينهم، فيحبون منه ذلك، فيشتهر أمره، وقد ورد في هذا وأمثاله حديث وفيه: أنه"قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عليه؟ قالَ: تِلكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ" مسلم.
فالواجب إذا مجاهدة النفس بترك حظوظها المنهي عنها، والارتقاء بها، وذلك بإكسابها ما يصلحها، قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الشمس 9-10، ثم الاجتهاد في البذل والعطاء فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، مع الطمع فيما عند الله من الأجر والثواب، ثم ما يكون من نفع وأثر إيجابي على الغير، وهذه بحد ذاتها نعمة من أعظم النعم، كونها مُوْرثة لمحبة الله للعبد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم"أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس" الطبراني.


أبرز- دوافع - السير - وراء - الشهرة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع