مدونة د. عبد الرحمن أحمد ندا


المدرسة الثانوية وتنمية قيم ثقافة التغيير

د.عبد الرحمن أحمد أحمد ندا | Dr. ABDELRAHMAN AHMED NADA


12/01/2022 القراءات: 2104  


مقدمة:
يشهد المجتمع العالمي المعاصر تغيرات علمية وتكنولوجية واجتماعية متسارعة، ألقت على ثقافات الدول النامية أطروحات مغايرة في منطلقاتها القيمية وغاياتها، وهي تشكل أزمة ثقافية في بيئة هذه المجتمعات.
ولقد فرض هذا التطور السريع معياراً جديداً للحكم على تقدم الشعوب والأفراد. إذ لم يعد البقاء للأقوى كما كان بالأمس، وإنما صار البقاء للأكثر ذكاءً، للأقدر على استثمار المعرفة والمعلومات المتاحة، للأقدر على مواجهة التغيير. لقد أصبحت الشعوب تتنافس في القدرة على تهيئة المناخ لتقبل التغيير ومواكبة التطور وتوجيه حركة الحياة ذات الإيقاع السريع.. وبمعنى أكثر وضوحاً.. إنها ثقافة التغيير.
هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى قصور دور المدرسة الثانوية في تحقيق وظيفتها القيمية و الثقافية على الوجه الصحيح، منها: إثبات العديد من الدراسات أن هناك نقد مستمر لدور المدرسة الثانوية في إعداد طلابها للاندماج الواعي في حضارة العصر، وأن هناك قصور في أدائها لدورها في بناء شخصية الطلاب بقدرات متميزة تأخذ في الاعتبار تحقيق التوازن بين متغيرات الحاضر والإعداد لعالم المستقبل .
كذلك ضعف الروح العلمية وتدني مستوى الطموح لدى الطلاب، وعدم الثقة في وجود مستقبل أفضل. والسعي للتحصيل العلمي من أجل النجاح، وتهميش دور المدرسة في تحقيق وظيفتها العلمية والفكرية، كذلك تدني نظرة الطلاب لكل ما يتعلق بالعملية التعليمية في المدرسة.
- قيم ثقافة التغيير : المفهوم، الأهمية،الأبعاد:-
-مفهوم ثقافة التغيير Culture of Change يمكن تعريفها بأنها: قابليات المجتمع لاستكمال الرؤية حول الكيفية التي تتفاعل بها عناصر المنظومة الثقافية في المجتمع مع مستجدات التطور العالمي.
قيم ثقافة التغيير: تعرف بأنها "الأطر الفكرية التي تحدد معالم رؤية المجتمع في تفاعله مع المستجدات في ضوء الثوابت المميزة لهويته الثقافية وبما يدعم مفهوم التنمية المجتمعية والوجود الحضاري على المسرح العالمي"
أهمية ثقافة التغيير:-
- هي ثقافة إنسانية باعتبار قيم مجتمعاتها التي تعيش فيها، فهي تخدم المجتمع الذي ينتجها.
- ثقافة التغيير & ثقافة الإنماء والتطور وجهان لعملة واحدة، ففي حين تشكل ثقافة التغيير "الرؤية والمنهجية" للتفاعل مع المستجدات ، فإن ثقافة الإنماء والتطور تعني بتعبئة أبناء الأمة للبحث عن نقاط التلاقي بين إدارة الذات المجتمعية وإدارة الموارد والإمكانيات المتاحة لبناء مجتمع المستقبل.
أبعاد ثقافة التغيير:-
إن الحديث عن أبعاد قيم ثقافة التغيير لا بد أن يستند إلى ثلاث محاور تشكل في مجملها توازن حركة المجتمع نحو التغيير، وهي قيم الهوية: للحفاظ على خصوصيات المجتمع وأصالته…قيم التقدم: لإنجاز المشروع الحضاري للتنمية في المجتمع. .. قيم التعاون الدولي والسلام العالمي: وذلك من أجل تأكيد الوجود على المسرح الحضاري العالمي والشراكة في عالم الإنسانية.
محددات دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدى الطلاب:
إن محاولة تحديد معالم دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي طلابها هي بمثابة محاولة لتحديد المسئوليات والاعتبارات التي يجب أن تراعي من داخل المحيط المدرسي بكل عناصره للتأثير/ والارتقاء بقيم ثقافة التغيير لدي الطلاب. ومن هنا تتضح أهمية دور عناصر المنظومة المدرسية في إنتاج مخرجات العملية التعليمية .
1) دور المعلم في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي الطلاب: من خلال :- تعريف الطلاب بطبيعة ثقافة التغيير وعلاقتها بالمجتمع. مساعدة الطلاب على فهم وتقدير كيفية الارتباط بين قيم العقيدة وقيم ثقافة التغيير. مساعدة الطلاب في اكتشاف المضامين القيمية المرتبطة بثقافة التغيير في مجتمعنا المصري.
استخدام طرائق واستراتيجيات تدريسية متنوعة تعمل علي إكساب الطلاب أساليب التفكير والإبداع، وتنمي لغة الحوار. العمل على تحقيق التواؤم والتكامل بين المادة العلمية (المنهج الدراسي) وبين أوضاع المجتمع ومشكلاته بما يؤكد قيم الانتماء للوطن والأمة.
2) دور المنهج الدراسي في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي الطلاب:-
لحدوث تنمية قيمية حقيقية في مؤسساتنا التعليمية فإنه يجب إعادة النظر في صياغة مناهج التعليم في إطار التوجهات القيمية العامة بما يبرز أهمية القيم الخلقية والاجتماعية في حياة المجتمع، وبما يؤدي إلي تنمية قيم ثقافة التغيير في المجتمع. وذلك من خلال تكوين إنسان عربي معاصر قادر على :
الاعتزاز بهويته العربية الإسلامية، والانتماء إلى ثقافتها، والاعتزاز بلغته العربية والرغبة في إتقانها،مع الرغبة والاستعداد في تعلم لغة أجنبية على الأقل. التفكير المنطقي والتمسك بالأسلوب العلمي في حل المشكلات.
تأكيد قيم التسامح ونبذ التطرف، وتقدير الإنسان كإنسان واحترام حقه في تقرير مصيره. تقدير التقدم التكنولوجي والاستعداد للأخذ بأسباب الحياة المعاصرة بما لا يتعارض مع قيمنا وثقافتنا.
3) دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي الطلاب:-
خلق المناخ المدرسي المناسب والمهيئ لتنمية قيم ثقافة التغيير لدى الطلاب، وذلك من خلال خلق روح المواطنة والشعور بالانتماء والولاء للوطن، وحرية التفكير والإبداع لدي الإنسان، وتعزيز قيم العمل والإنجاز، ونبذ قيم الاتكالية واللامبالاة والتأكيد علي دور المواطن ومشاركته في التنمية.
4) دور الأنشطة الطلابية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي الطلاب:- من خلال:
توثيق الروابط الأخوية بين الطلاب، وتقوية روح التآلف والمحبة والتعاون بينهم. غرس العقيدة والأخلاق الدينية وسط الطلاب، وتبصيرهم بتعاليم الدين وتراثه وتربيتهم علي هديه، لبناء الشخصية المؤمنة العابدة لله تعالي المتحررة والمسئولة، وتركيز القيم الاجتماعية المؤسسة علي دوافع التقوى والعمل الصالح. تحرير الولاء عند الطلاب، وتقوية روح الجماعة والولاء للوطن، وتنمية الاستعداد للتعاون، والشعور بالواجب والبذل للصالح العام. تعميق مفهوم العمل التطوعي نشداً لربط العلم بالعمل، وإشاعة الطموح إلي مثال حضاري رائد .


المدرسة الثانوية - ثقافة التغيير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع