"خيانة الأزواج " مصطلح خفيف الأثر لتغييب خطيئة "الزنا"
د. نضيرة بريوة | Dr. Nadira Brioua
15/11/2020 القراءات: 2857
أصبحت هذه العبارة الأكثر تداولا في مجتمعاتنا اليوم بدل الكلمة الأصلية و هي "الزنا". طغت الثقافة الغربية و الدراما و غيرها من السيناريوهات المعاصرة ذات الطابع العلماني على الأسر العربية المسلمة بما فيها عقول الأزواج المسلمين و حياتهم اليومية؛ حتى أصبحت الزنا، التي هي كبيرة من الكبائر، أقل تجريما و تحريما بعد تحريفها و تحويلها إلى مصطلح "الخيانة". فالتلاعب بالمصطلحات هو تلاعب بالعقول، و بالتالي تلاعب بالمبادئ. حين كان المصطلح يحمل معناه الحقيقي الذي يصب في الحرام، و التعدي على حدود الله، و ظلم النفس، و اتباع سبيل الشيطان؛ حفظ الرجال و النساء فروجهم، و ذموا ارتكاب العلاقات بغير منظورها الشرعي، و استشعروا عظمة الخطيئة. أما اليوم و قد تحول المصطلح إلى "الخيانة"؛ فقد استصغر الأزواج الخطيئة، و انتشرت الرذيلة، و أصبحت ارتكاب الزنا رد فعل الزوج أو الزوجة لمواقف تحدث بينهم سواء؛ انتقاما، أو شهوة، أو حتى تعويضا لتقصير أحدهما. الأمر لم يتوقف في المصطلح و حسب؛ بل حتى في الطرف الذي تم التعدي على حدوده. الحقيقة أن الأزواج لا يخونون بعضهم البعض في كدا مواقف كما يروج في الدراما أو يتداول في الثقافة الغربية؛ و إنما يخونون الأمانة الإلهية و يتعدون على حدود الله كما هو مذكور في كتاب الله و سنته.. هم لم يظلموا بعضهم البعض بقدر ما ظلموا أنفسهم، و عصوا ربهم، و اتبعوا سبيل الشيطان. و بعد وقوع المصيبة؛ منهم من يختار القطيعة، و منهم من يختار إعادة بناء الثقة، و هنا كذلك نصادف مصطلحا آخرا خارج عن نطاق الثقافة الإسلامية و هو "الثقة". بعد حدوث الزنا أو ما تسمونه "بالخيانة" يا أيها الأزواج، أنتم لا تحتاجون لبناء الثقة بينكم بل التوبة بين أنفسكم و ربكم؛ التوبة من الخطيئة، و العودة للصراط المستقيم، و مناجاة الله، و التضرع إليه بعد الندم لعلكم تنجون قبل فوات الأوان. اختيار البقاء كذلك لا يسمى "إعطاء فرصة ثانية للزوج(ة)"؛ بل تعتبر فرصة للعودة إلى الله و تزكية للنفس، و محو للخطايا.. فرصة للإتيان بالحسنات لتذهبن السيئات. و لذلك كان الزواج نصف الدين. و لن تكون هذه العلاقة ربانية كذلك إلا إذا ارتبطت حياة الأزواج و الأسر بصفة عامة بالله. كزاوية ثلاثة بحيث يكون الله في الزاوية العليا، و الأزواج في الزاويتين السفليتين. لو قربنا زاويتي الزوجين تصبحان على استقامة مع زاوية الله و تظل نفس المسافة؛ في حين اقتراب زاويتا الزوجين نحو زاوية الله؛ تقترب زاويتي الزوجين بطريقة تلقائية. و لذلك وجب على كل منهما بناء علاقة وطيدة مع ربه، حتى يستطيع التمسك بدينه أولا ثم منحه و تبادله مع الطرف الآخر.. و هنا يكمن أهمية إختيار الأزواج على أساس ديني خلقي. أما أن تطغى الأفكار العلمانية و الغربية على العلاقات الزوجية و مسارهم الحياتي؛ فالزواج هنا يصبح نصف كفر، و تهلك المجتمعات كما هي عليها اليوم إلا من رحم الرحمن. كلما ابتعدنا عن كتاب الله و شرعه؛ كلما استصغرنا النواهي و فرطنا في الأوامر. و كلما اتخذنا من العلمانية منهجا؛ كلما انحرفنا، و ضعنا، و فقدنا نواة عقيدتنا الصحيحة. الإسلام ليس عبادات مفروضة و حسب بل دين. الدين منهج حياة لابد أن يكون حاضرا بألفاظه المنصوص عليها و معانيه الفقهية في حياتنا اليومية حتى نكون مسلمين قلبا و قالبا. هذا و دمنا و إياكم من الله أقرب. نضيرة
الزنا، خيانة الأزواج، الثقافة الغربية، الأسرة المسلمة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة
وفقك الله على هذا الموضوع الرائع
آمين اجمعين. شكرا لك دكتور.