مدونة منذر عبد الزهره دوخي


الميتافيزيقا المستحدثة "الملحدين الجدد"

منذر عبد الزهره دوخي | Monther Abdul-zahra Dukhy


16/11/2020 القراءات: 567  


الميتافيزيقا المستحدثة

بقلم "منذر عبد الزهره الساعدي"

الدارس للفلسفة والمتعمق فيها يدرك ان جميع الحقائق نسبية ، وجميع القيم نسبية ايضا ، فيما عدا قيمة واحدة هي المطلقة ، وهي (الإنسان).

الانسان المثقف الحقيقي يصل الى قناعات فكرية مترسخة بعد عشرات السنين من الاطلاع والبحث والتفكير والمعاناة والازمات الفكرية والنفسية ، وبعد ان يصل الى تلك القناعات _التي هي ليست بيقين _ يدرك ان كل الحقائق شبه متساوية في درجة الاحتمال.

الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة) هي اقدم العلوم الفلسفية واصعبها في ذات الوقت ، وهي مجال اختلف فيه الفلاسفة اختلافا كبيرا بل ان البعض منهم لم يعترف بها ، ومن الكتاب العرب الذين لم يعترفوا بالميتافيزيقا في بدايات حياته الفكرية الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه (خرافة الميتافيزيقا)

مسائل ومعضلات الميتافيزيقا وفلسفة الدين لا يجوز مناقشتها مع العامة أو على العلن ، لان العامة غير مؤهلين لهكذا مناقشة ، الأمر اشبه بمعلم متقدم في السن ومتبحر في تخصصه يمارس عضلاته الفكرية امام تلاميذ لا يملكون علمه ولا ثقافته ولا نضجه ، يذهب التلاميذ الى بيوتهم ويقولون لأهليتهم لقد قال لنا المعلم كذا وكذا ، ولآن اهاليهم تلاميذ ايضا ، تكون نتيجة كل هذا ما نراه يوميا من كراهية وبغض وسب وبشاعة بسبب الميتافيزيقا.

عندما ألف الفيلسوف الالماني العظيم ايمانويل كانط كتابه المهم (الدين في حدود العقل الخالص) نهره ملك بروسيا (المانيا)  فريدريك الثاني وكان صديقه ، فكان جواب كانط انه لن يكتب مرة اخرى في مسائل الاديان وانه جد خادم امين لجلالة الملك.

الملحد الحقيقي او العلماني الحقيقي او اللاديني الحقيقي لا يناقش مع العامة امور الميتافيزيقا ، الملحد الحقيقي أنسان يحترم قناعات الناس حتى وهو يعلم في أعماق فكره وضميره أنها لا تتماشي مع قناعاته .

الملحدون الجدد ضحالة في التفكير ناتجة من سطحية في الاطلاع ، وقناعاتهم - أن كانت لهم قناعات - ناتجة من ازمات نفسية أو اجتماعية أو شخصية أو تمرد على الواقع يأخذ شكل الصراخ الشديد ، كما ان بعضهم مريض بداء الشهرة وجذب الاهتمام والبعض الاخر يأمل في لجوء الى دول بحجة الاضطهاد الديني .

من الواجب على الانسان المثقف الحقيقي ان يحترم قوانين الدولة التي يعيش فيها ، فعل هذا سقراط واحترم القانون اليوناني وتقبل الاعدام بتناول السم رافضا هروبه بمساعدة تلاميذه ، قائلا لهم كيف انادى باحترام القوانين واهرب من الانصياع لها .

كل انسان حر إن لم يضر ، والضرر هنا نسبي يختلف من مجتمع لآخر ومن انسان لآخر ومن عصر الى عصر .

والى أن تتغير مجتمعاتنا الى درجة أرحب من التسامح الفكرى والأنساني علينا ان نتعايش ولا يضر بعضنا بالبعض الاخر .

خلاصة الكلام ما قاله جون لوك

لا فائدة في استعمال القوة لجعل الناس على الجادة المستقيمة نحو النجاة، ذلك انه لا يمكن اي اكراه ان يجعل انسانا يؤمن بضد ما يقتنع به على ضوء عقله. ولذلك لا يجوز ارغام احد على الدخول في مشاركة يحكم هو في اعماق ضميره بانها مضادة لما يراه (جون لوك)...


الميتافيزيقا المستحدثة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع