مدونة حنان خياطي


توجهات المتكلمين للتصدي لأزمة الإنسان والعقل:

حنان خياطي | Hanane Khiyati


05/01/2021 القراءات: 1667  



طغت الحداثة وما بعد الحداثة على مجريات الأحداث المعاصرة وكان لها دورا بارزا في زعزعة الكثير من المعاني والمفاهيم والقيم التراثية بين الكثير من أبناء جلدتنا، الذين تبوأ العديد منهم منابر الحداثة في عالمنا العربي ولم يقدموا مشروعا حداثيا منهجيا يتوافق مع ركائز الأمة وهويتها، بل كانوا هم معولا لتقويض التراث قضى ثوابته في ثنايا الإعجاب والانبهار بحداثة وما بعد حداثة الغرب.
ومما لا شك فيه أن المشروع الحداثي وما بعد الحداثي بتجربته الموغلة في المادية حاول أن يرفع من قيمة الإنسان وحل مشاكله وتحقيق السعادة له، إلا أنه اخفق بنظرتة المحدودة البعيدة عن الكليات، ورد الإنسان في نهاية المطاف إلى مشروع تفكيكي جعله جزءا من المادة، بل انه أعلى الطبيعة عليه، وانتهى بلا عقلانية رافضة لكثير من الأبعاد الإنسانية التي تحتاج إليها الطبيعة ذاتها لإظهار قيمها ومعانيها، حتى أصبح العقل الإنساني عقلا ماديا أداتيا استخدمته الطبيعة في الهجوم على الإنسان ذاته.
ما أفرز معه أزمة حقيقية لفلسفة الإنسان والعقل في فكر الحداثة وما بعد الحداثة، ووضع بدوره امتنا الواهنة في ظل العولمة الطاغية المستبدة أمام خطر داهم يهدد ثوابت إنسانيتها، وأركانها العقلية، لذا أصبح لزاما على مفكري الأمة وخاصة المتكلمين الذي كان جل اهتماماتهم يدور حول الإنسان والعقل، وشهد لهم التاريخ بذودهم عن الأمة وعقيدتها ضد العقائد والفلسفات الأخرى التي حاولت احتواء حضارتها ووسمها بطابعها الخاص وتحقيق ما فشلت القوى العسكرية، أن يقدموا مشروعا منهجيا حضاريا يواجه سلبيات الحداثة وما بعد الحداثة الغربية نحو الإنسان والعقل ويرقى بالأمة إلى حداثة تتوافق وهويتها وركائزها.
ومما لا شك فيه أن دواعي نشأة علم الكلام والحداثة تجسدت من خلال أزمة الإنسان حيث ارتبطت نشأتهما بمشكلة الجبر وتقويض الحريات وتسيس الدين وفقا للمصالح الخاصة مما أدى إلى الظلم والاستبداد بمختلف أطروحاتهما.
وعلى الرغم من البون الشاسع بينهما زمانيا ومكانيا وعقديا فقد عول كلاهما في تصديه لحل أزمة الإنسان على حرية العقل مما أثرى الحياة المادية والفكرية وأدى إلى ازدهار في مجتمعاتهم، إلا أن اختلاف منهجيتهم نحو تفعيل العقل افرز نتائج متباينة حيال الواقع الإنساني ومنظومته الحياتية كان للحداثة فيه ريادة مشهودة إزاء إذكاء أزمة الإنسان مرة أخرى في حياتنا المعاصرة بصورة موغلة في الكآبة والضياع


المتكلمين-الإنسان -العقل-الحداثة-ما بعد الحداثة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع