القراءة والعزوف عنها...اسبابها وسبل علاجها
سعدالله نوري بيرداود | Saadllah Noori Pirdawood
21/06/2020 القراءات: 14600
تعريف القراءة
القراءةهي عملية استرجاع شيء منطوق أو ذهني لمعلومات مخزنة، سواء كانت تلك المعلومات على شكل حروف، رموز، أو حتى صور، وذلك عن طريق النظر أو اللمس كما في لغة برايل للمكفوفين، وهناك أشكال من القراءة لا تكون للغة، وذلك كقراءة النوتات الموسيقية أو الصور التوضيحية وفي مصطلحات علم الحاسوب،فإن القراءةهي استرجاع معلومات من أماكن تخزينها على الحاسوب كالأقراص الصلبة والمرنة وغيرها.
القراءة عمل فكري، الغرض الأساسي منها أن يفهم القارئ ما يقرأه بسهولة ويسر،وما يتبع ذلك من اكتساب المعرفة، والتلذذ بطرائف ثمرات العقول ثم تعويد القارئ جودة النطق وحسن التحدث وروعة الإلقاء، ثم تنمية ملكة النقد والحكم والتمييز بين الصحيح والفاسد.
العزوف عن القراءة
ان العزوف عن القراءة مشكلة عويصة يواجهها المجتمع في الوقت الحاضر بشكل عام، والقراءة لم تعد تلك العادة المفضلة والممتعة لدى الكثير من الناس والواقع ان مشكلة العزوف عن القراءة هي مشكلة عالمية ، حتى أن الدول التي كانت شعوبها مدمنة على القراءة مثل الشعب الإنجليزي والشعب الفرنسي تعاني من هذه المشكلة. لقد نشرت مجلة (لوبوان) وهي من أشهر المجلات الفرنسية تحقيقاً موسعاً عن القراءة تحت عنوان "أنقذوا القراءة"، حيث تحدّث في هذا التحقيق عدد من كبار المفكرين والباحثين عن أزمةالقراءة ومظاهر العزوف عنها، وقد أوضحوا في تحقيقهم بأن الكتاب يتعرض منذ سنوات لمنافسة قوية وربما غير متكافئة مع وسائل الاتصال المعرفي مثل التلفزيون والفيديو وألعاب الفيديو وكل ما يتصل بها من وسائل سمعية وبصرية . وقد أوضح التحقيق بأن شخصاً من كل شخصين في فرنسا يشاهد التلفزيون طيلة ساعات النهار إن متوسط ما يخصصه الأمريكي للقراءة يبلغ حوالي 34دقيقة للصحف و 14دقيقة للمجلات، و 23دقيقة للكتب وتؤكد التحقيقات والدراسات في أمريكا بأن نسبة الإقبال على القراءة قد قلّت بشكل كبير، كما أن نوعية القراءة أصبحت متدنية، فالروايات المرعبة للكاتب الأمريكي ستيفن كنج هي أكثر الكتب رواجاً في أمريكا.
أسباب عزوف عن القراءة
هناك أسباب عدة لعزوف الشباب والطلاب والأطفال عن القراءة، فمن جهة توجد اليوم الكثير من الهوايات المنافسة للقراءة والتي تستهلك الوقت، منها التلفزيون، والإنترنت،وألعاب الفيديو، والبلايستيشن وتُعدهذه الاجهزة وسائل ترفيه وليست مصادر للمعرفة، حيث غدت في متناول الجميع، وأصبحت تستهلك الوقت وتبعد الأطفال والشباب ليس عن القراءة وحسب، وانما حتى عن مراجعة دروسهم وحل واجباتهم ، ابتعد العديد من الشباب والطلبة في مجتمعاتنا عن قراءة الكتب والمطالعة بشكل كبير حيث أثر ذلك في نشر الكتب اضافة إلى عدد الكتاب وعدد الكتب المطبوعة ، فنادراً ما تجد شاباً حتى من طلبة الجامعات قد قرأ كتاباً خارج المنهج المقرر مما يعني تدني المستوى الثقافي العام للمجتمع وخاصة لدى شريحة المجتمع التي يمثلها الشباب بشكل خاص والنتيجة: أن يسيرهذا المجتمع إلى الخلف أو إلى التخلف وان هذا التخلف يؤدي إلى انقسام المجتمع إلى طبقتين: الأولى قليلة العدد ذات كفاءات علمية وثقافية كبيرة جداً والثانية كثيرة العدد وليس فيها من هو ذو كفاءة علمية، لكن هناك قاسم يجمعهما ألا وهو قلة القراءة وبالتالي الثقافة العامة وهذا الأمر يعد كارثة حقيقية للمجتمع المعاصر ككل.
علاج ظاهرة العزوف عن القراءة :
لايخفى على أحد أن الكتب في أمة من الأمم هي مظهر من مظاهرها الحضارية، بل لعلها أهم تلك المظاهروأبعدها أثرا على ثقافتها والمقياس الأول لنبضها وحيويتها، فهي الوعاء الذي يضم ثمرات عقول أبنائها وإبداعات ملدعيها في مختلف مناحي الحياة. لذا فمن الطبيعي أن تحتل هذه الكتب المكانة الرائدة في حياة الشعوب والأوطان، وأن تلعب الدور الاساسي في المسيرة البشرية نحو التمدن السياسي والاجتماعي والتقدم الاقتصادي ؛ وليس من المستغرب أن تسعى الأمم للعناية بها والاهتمام بمصدرها، فتنشئ المؤسسات والمعاهد لتطويرها ونشرها و ذيوعها، وتكريس احترامها وتداولها بين الحيز الأوسع من القراء وبما يتفق مع إختلاف الميولات والأذواق ،وبناء عليه يبقى علاج ظاهرة العزوف عن القراءة ضرورة ملحة في وقتنا الحالي لتدارك الموقف و مسايرة الركب المعرفي و العلمي. ومن أهم االإجراءات العملية التي نحسبها على مستويات التالية كفيلة بتنمية عادة القراءة لدى شبابنا .
فمثلا على مستوى المؤسسات والإدارات الرسمية وغيرالرسمية :
1.أهم ما يجب أن تبدأ به هذه المؤسسات هو توفيرالبنية التحتية المناسبة للمجتمع مثل التعليم والصحة والطرق والمواصلات وغيرها , لأن النقص في مثل هذه الأمور قد لا يوفر بيئة مناسبة للقراءة ويصبح جل اهتمام الناس هـو تعويض النقص في هذه الأمور, مما يؤثر على اهتمامهم بالقراءة.
2. ادراج عقوبة السجن في المكتبة أو تلخيص الكتب كعقوبة للشخص المخالف للأنظمة والقوانين
3.توفير المكتبات النوعية الجيدة في المؤسسات والدوائر الحكومية والشركات و صالات الانتظارفي المطارات والأسواق والأماكن التي يكثر فيها المراجعون وينتظرون انتهاء معاملاتهم , فمثلا عندما يذهب الزوج بزوجته الى السوق أول ما يبحث عنه هو كرسي للجلوس لأنه يمل من التسوق فلو كانت المكتبات متوفرة في كل سوق ومهيأة بالشكل المناسب لتمكن من استغلال وقته بشكل جيد
٤. تخصيص وقت للعاملين في المؤسسات والشركات والدوائر والاسواق ليكون مخصصا للقراءة بحيث يكون من مهام عملهم الرئيسة ويتم تحفيزهم ودعمهم في هذا الجانب .
5. تبني جائزة قيمة ترعاها الدولة أو المؤسسات والشركات مثل قارئ المليون تكون للقارئ الجيد ، والحرص علي طباعة الكتب المهمة بطبعات مدعمة ليسهل اقتناءها .
6. تفعيل دورالمكتبات الجامعية والمدرسية من خلال التعاون بين أعضاء هيئة التدريس وطلابهم وتحفيزهم من خلال الدرجات أو التكليفات البسيطة التي تجعلهم يترددون على المكتبة وقبل هذا يجب على المؤسسة التعليمية نفسها أن تتبنى هذا الجانب وتحفز الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من خلال الحوافز المادية والمعنوية ووضع الخطط المناسبة لمثل هذه المشاريع .
القراءة -
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
موضوع مميز ومقترحات في غاية الأهمية دكتور، بقي أن أقول لكم أننا جربنا بوضع بعض الكتب في المقاهي وكان لها أثر طيب ، شكرا سيدي
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة