عنوان المقالة:أثر القبلية على الاستقرار السياسي في السودان - حالة دارفور The Impact of the Tribal Conflicts on Political Instability in Sudan - the Case of Darfur
ينطلق هذا البحث من فرضية أساسية هي: إن تسييس القبيلة يشكل أحد أهم أسباب تصاعد الـنـزاع القبلي في الـسـودان. ويناقش ً ســؤالا ً محوريا هـو: َمـن المسؤول عن النـزاعات القبلية في السـودان؟ ترى الدراسة أنه كما هو الحال في معظم الدول العربية ودول العالم الثالث تشكل البنية القبلية حقيقة أنثروبولوجية وخاصية سوسيولوجية في السودان. ورغم عن مظاهر الحداثة في مناطق كثيرة في السودان إلا أن القبيلة والبنية القبلية ما زالت تحافظ على كيانها كبنية نفسية وثقافية تؤطر أنماط السلوك - بما في ذلك السلوك السياسي - ولها نفوذ على الثقافة السياسية وعلى العملية السياسية. وقـد زاد ذلـك في العقود الثلاثة لحكم الإسلاميين في السودان بصورة كبيرة بسبب تسييس القبيلة وأثننة السياسة. ويشير البحث إلى ضرورة التمييز بين «القبيلة» و«القبلية». فـالأولـى تشير إلـى كيان اجتماعي حامل للقيم ورابط بين الجماعة يوفر لها الحماية والمصالح. أما القبلية فهي تنطوي على عصبية، حيث يصبح لها مدلول ُهوياتي - أي يعطي عضو القبيلة ً احساسا ً وإدراكــا بأنها تشكل له هوية تطغى على الهويات الأخرى بما فيها الهوية الوطنية. وبما أنها ترتكز على تقاليد وقيم وأخلاق ونظام وهيكل فيه توزيع للسلطة (مثل زعيم القبيلة والناظر والشيخ والعمدة)، فهي إذاً تأخذ طابع المؤسسة السياسية. هذا يعني النظر للقبيلة بمثابة أنها وحدة سياسية أو كيان سياسي. واستعرض البحث مفهوم القبيلة في بعض الموسوعات وبعض علماء الأنثروبولوجيا. كما تطرق إلى التمييز بين مفاهيم النـزاع (dispute) والصراع (conflict) ، ثم أسباب النـزاع القبلي في السودان بصورة عامة ثم في إقليم دارفور (حالة الدراسة). وأوضح البحث أن الصراع القبلي في السودان يرتبط ببنية الدولة ونظامها السياسي، ويرتبط أيضاً بالخطاب السياسي. كما أن الظروف الموضوعية هي التي تنقل النزاع الاجتماعي إلى صراع سياسي. ثم شرح البحث أسباب الصراعات القبلية في السودان مثل: النزاع حول الأرض، ومسارات الرعي وتعدي الحيوانات على الأراضي المزروعة، مصادر المياه، التدهور البيئي والجفاف والتصحر، إثارة النعرات القبلية والعصبية الإثنية، السرقة والثأر، النهب المسلح (مع تدفق السلاح من دور الجوار المضطربة)، ثم توافر أسلحة حديثة وانتشار ثقافة العنف، وتسييس الإدارة الأهلية وإضعافها. كما شرح البحث دور حكومة البشير العسكرية/الإسلامية في تأزيم النـزاع وتوسيع دائرة الصراع حتى تطور إلى حرب شاملة أدت إلى نزوح ولجوء فضلا عن القتلى ودمار البنية التحتية وتوقف التنمية وذلك بسبب أن حكومة الإسلاميين لم تكن محايدة في التعامل مع أطراف الصراع، بل دعمت الطرف العربي ضد الأفريقي وصنعت منه مليشيات فاستقوى العنصر الأفريقي – من خلال حركات دارفور المسلحة – بالقوى الأجنبي وتم تدويل الأزمة والحرب. اتبع البحث المنهج الامبيريقي وجمع بين الاسلوبين النوعي والكمي حيث اشتمل على عدد كبير الجداول والاحصائيات التي شملت نماذج من العنف الدموي غطت الصراعات القبلية من عام 1932 وحتى عام 2015 (عام كتابة البحث). ومن خلال تحليل استقرائي توصل البحث إلى أن القبيلة في السودان ما زالت تتمتع بحضور قوي في بنية العقل السياسي السوداني وأصبحت القبيلة قوية في كثير من المناطق وذلك خصما على هيبة السلطة الرسمية. وتكمن الخطورة الأكبر هنا في نمو "الهويات دون الوطنية" على حساب الهوية الوطنية الجامعة في دولة كالسودان ما زال البعض يعتبرها في حالة التكوين والصيرورة.
الملخص الانجليزي
As in most Arab and Third World countries, the tribal structure is an anthropological reality and a sociological particularity in Sudan. Despite development and modernity aspects in many major cities and urban areas in Sudan, the tribe and the tribal structure still maintain their status as a psychological and cultural structure that frames patterns of behavior, including the political behavior, and influence the political process. This situation has largely increased in the last three decades under the rule of the Islamic Movement in Sudan, because of the tribe politicization and the ethnicization of politics, as this research reveals. This research is based on an essential hypothesis that the politicization of tribalism is one of the main reasons for the tribal conflict escalation in Sudan. It discusses a central question: Who is responsible for the tribal conflicts in Sudan?
البروفيسور د عبده مختار موسى | ِprof dr Abdu Mukhtar Musa Mahmoud | 2557