مدونة الدكتور حميد ابولول جبجاب


صراع البترول في ايران...... ثورة مصدق 1953م وعملية اجاكس الامريكية . الجزء الاول

الدكتور حميد ابولول جبجاب | heemed Apoulol Chibchab


13/02/2023 القراءات: 1634  


جاءت ثورة(محمد مصدق) نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في إيران الراضخة تحت عرش(الشاه محمد رضا بهلوي) ومحاولاته الفاشلة لإعادة استقرار البلاد ورفع القيود الخارجية عنها، التي لم تكن وليدة اللحظة؛ بل نتيجة تراكم الأخطاء في السياسة الداخلية والخارجية وتعامله مع الأقليات والأحزاب، إلى جانب سياسته الخارجية مع الحلفاء، كل ذلك سرَّع في قيام ثورة مصدق بعد تولي(محمد رضا) العرش. بعد أن خُلع والده (رضا شاه) ، من قبل الاحتلال السوفيتي والبريطاني مما رسَّخ لديه كراهية عميقة تجاههما وجعلته يبحث عن سند قوى يساعده في تحقيق إنجازاته وطموحاته وسيطرته الكاملة على شؤون دولته خارجياًّ وداخلياًّ. بالإضافة إلى أن وجود أقليات داخلية بإيران مثل الفرس الذين يعدون أنفسهم الحماة الحقيقيين لإيران ويشكلون نصف سكانها بالإضافة إلى إثنى عشر مليون كردي يقطنون أذربيجان، أغلبهم من المسلمين (السنة) وإحساسهم بأن الحكومة تهدد بقاءهم كعرق ولغة ثانية مختلفة، مما جعلهم يتمردون على السلطة المركزية في طهران، بجانب أربعمائة عشيرة من البدو الرُحَّل المقيمين في المناطق النائية في إيران وغالبيتهم مسلمون، ومليون من البلوش القاطنين شمال إيران وسبعمائة ألف من قبائل اللور، ومليون من البختياريين وهم يعيشون شمال ووسط جبال زاجروس وهم من المسلمين الشيعة.
بالإضافة إلى التركمان الذين يسكنون الشاطئ الشرقي لبحر قزوين وهم سُنَّة ويتكلمون اللغة التركية، بجانب وصول نصف مليون عربي يتمركزون في شمال شرق خوزستان، ويشكل المازنانيون والكيلانيون نصف مليون مواطن يسكنون ساحل بحر قزوين، بالإضافة إلى الأقليات من اليهود والبهائيين والزرادشت والسريانيين والمسيحيين والأرمن، جميعهم عانوا من تجاهل الحكومة لمطالبهم وإهمال المجتمع الإيراني لثقافتهم، فالأقليات والأعراق ظلت تعاني متاعب عديدة منشأها الحكومة البهلوية بسبب فرضها اللغة والثقافة الفارسية عليهم.
لهذه الأسباب عمل(محمد رضا) على بناء جيش قوي يساعده على فرض تماسك الدولة ووحدة، الأمة بالإضافة إلى أهمية المؤسسة العسكرية التقليدية في حماية العرش ومنع استغلال البلاد من الطامعين.
كما عمل الشاه (محمد رضا) فترة مهادنة ظاهرية بين قوى الاحتلال وبينه وبين عناصر الحركة الوطنية الموجهة ضد الاحتلال من ناحية أخرى، محاولاً بذلك احتواء المد الشعبي والظهور بمظهر المؤازرة للحركة النضالية ضد الاستعمار. ولتأكيد مؤازرته الحركة الوطنية أصدر(محمد رضا) عفواً عامّاً عن المسجونين السياسيين الذين ساعدوا على تكوين حزب (توده) الشيوعي بعد ذلك، والذي أسسه اثنان وخمسون من المفرج عنهم، حيث أصبح من أكبر الأحزاب السياسية في إيران بفترة الأربعينات وما بعدها.
إذ يُعد حزب (توده) استمراراً للحزب الشيوعي الإيراني الذي انبثق هو الآخر عن حزب العدالة(عدالت) الذي تأسس في1917م في باكو، وقد عقد الحزب الشيوعي أولى اجتماعاته في(22 /يونيو/1920م)، ونتيجة لاضطهاد (رضا شاه) لهم اضطر الحزب إلى العمل السري. في 1937م وجه (رضا شاه) ضربة قوية إلى الحزب عندما ألقت الشرطة السرية الإيرانية القبض على (تقي آراني) أحد أبرز الزعماء الشيوعيين مع (53) من أتباعه، وصدرت ضدهم أحكام بالسجن تتراوح بين (3-10) سنوات. وقد توفي (آراني) في السجن سنة 1940م، ثم أطلق سراح كل المجموعة بعد الغزو البريطاني- السوفيتي لإيران في أغسطس/1941م، وسرعان ما قامت هذه المجموعة بجمع مؤيدين للأفكار الشيوعية وأعلنت في(29/سبتمبر/1941م)، أي بعد مرور13 يوماً على تنازل(رضا شاه)، عن تشكيل حزب سُمي (حزب توده إيران- حزب الجماهير الإيرانية) بقيادة (سليمان ميرزا اسكندري) وقد عقد الحزب أولى مؤتمراته في 9 أكتوبر1941م.
كما عمل على كسب الشارع والعمال والمناهضين للمبادئ الشيوعية المتناقضة مع الإسلام؛ لهذا حرصت زعامات الحزب على إخفاء توجهها الشيوعي لفترة واكتسبوا رضا صغار موظفي الدولة والطلاب ورجال الفكر والنخبة المثقفة، وكان برنامجهم مناسب لمطالب شرائح عريضة من فقراء الشعب الإيراني.
وبقى الحزب على هذا المنوال حتى تم انفصال أذربيجان سياسياًّ عن إيران لمدة أربع سنوات، وبعد أن نجحت الدولة في استعادة الإقليم عام 1946م اكتشف الشعب حقيقة أعضاء الحزب الموالين للشيوعية، حينها عادت عناصر الحزب للعمل السري إلى أن فجرت محاولة اغتيال الشاه(محمد رضا)عام1949م( ) بجامعة طهران، عندها وجهت الحكومة الاتهام لحزب (توده) ومن ثمَّ كان إغلاق الحزب والتنكيل بأعضائه وإحالتهم إلى المحاكمة العسكرية( ). فأصبحت فرصة (محمد رضا) مناسبة لإنشاء دولة ينفرد فيها بالحكم المباشر، ولا تقوم على حق المعارضة بكل أنواعها، بحيث تصبح الدولة جميعها تخضع لإدارته المباشرة. خصوصاً بعد خيانته وكراهيته للبرلمان الذي كان يملك صلاحيات تفوق صلاحيات (محمد رضا) مثل اختيار الوزراء وحق الموافقة على إنشاء الأحزاب والاتحادات والجمعيات الفئوية والنقابية، في حين كان يشرف(محمد رضا) على شؤون الدولة العامة والجيش و(السافاك) فقط.
وقد لعبت الولايات المتحدة دوراً أساسياً في تشجيع (الشاه) على الانفراد بالسلطة حيث اقتنص فرصة محاولة اغتياله الفاشلة في(4/فبراير/1949م) للاحتفال بذكرى تأسيس جامعة طهران والتي أصيب فيها بيده وكتفه فقط، بعد أن قام الحرس الخاص به، بقتل الصحفي الذي نفذ عملية الاغتيال، مما أغضب (الشاه) على مقتله نظراً لرغبته في معرفة الدوافع الحقيقية من وراء المحاولة ومن ثم اتهم (الشاه) ورجال البلاط حزب توده الشيوعي بتدبير محاولة الاغتيال وصمموا على اقتلاع جذوره.
وبناء على ما سبق عمل الشاه(محمد رضا بهلوي) على تأسيس جمعية جديدة، منح بموجبها الحق في حل البرلمان بإجماع الأصوات، ونجح الشاه في تأسيس مجلس للنواب جديد يعين نصفه من أعوانه المقربين، وأصبح بموجبه له حق استرداد جميع الإقطاعيات والأراضي التي سبق أن صادرها والده من الشعب، كما أصدر قراراً باعتبار محاولة القتل محاولة انقلاب ضد العرش تستوجب الشنق، للرد على المعارضة الإيرانية.


البترول - الصراع - الايراني الامريكي - محمد مصدق


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع