مدونة د.ابوبكر احمد عبدالعال بغدادى
نَشْأَةُ الرُّومَانْتِيكِيَّة "الرُّومَانْسِيَّة"
د.ابوبكر احمد عبدالعال بغدادى | Aboubkr Ahmad Abdel all Boghdady
06/08/2020 القراءات: 1951
الرُّومانتيكيَّةُ أول ما نشأت نشأت فى الغرب، وأخذها شعراؤنا المعاصرون كمذهب أدبى جديد فى الثلاثينات، "وحين نتحدَّثُ عن تيَّارِ هذا المصطلح تبرزُ نُقْطَةً هامَّة هى استعماله فى مقابل مصطلح آخر هو مصطلح "الكلاسيكيَّة" الذى يعمل كل عمل أدبى كتب بروح التقاليد الإغريقيَّة والرومانيَّة، وأول استعمال لمصطلح "رومانتيكى" فى مقابل مصطلح "كلاسيكى" تَمَّ على يَدِّ الأخوين "شليجل" Schlegels، وقد انتقل هذا المعنى من ألمانيا على شعوب الشمال، وبخاصة إلى الدانمارك والسويد فى العقد الأول من القرن التاسع عشر( ).
وقد نشأت المدرسة الرومانسية المصرية "فى أوائل الثلاثينات تطويراً وامتداداً لشوقى واتجاهه إلى بعث الروح العربيَّةِ الأولى"( ).
وتتلخص دعوة الرومانسية فى الأدب فى النقاط التالية( ):
1) تحطيم القيود الكلاسيكيَّة، والرجوع إلى الذوق والعاطفة والوحى والإلهام، ومحاولة التجديد، ولو كان فى ذلك خروج على المواصفات اللُّغويَّة والقواعد الفنيَّة.
2) ترك المدنيَّة إلى الريف وإلى الطبيعة، والتَّرَنُّم بِجَمالِها البسيط.
3) العناية بالطابع الشخصى، وما يتبعهُ من ألوان العواطف والشعور، ومن ثم اتجهوا إلى الشعر الغنائى العاطفى.
4) التحرر من العالم المادى إلى العوالم المثاليَّة.
5) البساطة فى كل شئ فى التفكير والتعبير والتذوق والشعور، وترك النفس على سجيَّتِها، واتباع الفطرة والطبع الخالص.
فالرُّومانسيَّةُ هى الإحساس بالجمال فى كل شئ، والتعبير عنه بكلمات تكون خارجة من القلب، فتصل إلى القلب، والشعر الرُّومانسى يُخاطِبُ العاطفة؛ فلذلك تصلُ رسالتَهُ بسرعة أكثر من أىِّ شعرٍ آخر، "ولقد كانت الرُّومانسيَّة فى مطلع ظهورها ثورة أدبيَّة عارمة جاءت لتطلق العاطفة من أسار قبضة التقاليد والعادات وحتميَّةِ المنطق وبرودة العقل، ولقد حاول الشعراء الرُّومانتيكيُّون فى أوروبا "الانجليز والفرنسيون والألمان" أن يُؤسسوا رؤية جديدة تماماً فى ميدان التجربة الشعريَّة، ومن أبرز عناصر هذه التجربة "الخيال الرُّومانسى" الذى اعتمدت عليه الرُّومانسيَّة كطاقة خلاقة مبدعة بعد أن جعله الرومانسيون فى مركز القيادة بدلاً من العقل"( ).
والشَّاعِرُ الرُّومانسى يتميَّزُ بِسماتٍ خاصَّة تبدو أثناء إبداعه الشعرى "فهو يستقطب المظاهر، ويبصرها بحدقة فيشاهد الشعر والحلم، ويسمع النَّجوى،؛ لأَنَّ هذه الأحوال ملازمة لنفسِهِ، ونفسُهُ هى محور الوجود"( ).
والشاعر الرُّومانسى يندمج فى عناصِرِ الطَّبيعةِ، فَيَبُثُهَا الآمَهُ وآمالَهُ وأحلامَهُ ليس هروباً من الواقع، ولكنَّهُ يُحْدِثُ تَفاعُلاً إِنسانِيَّاً ووجدانِيَّاً من خلالِ هذا الاندماج، "والرُّومانتيكى ذاتى فى صُوَرِهِ؛ لأَنَّهُ يَرى الطَّبيعَةَ من خلالِ مشاعِرِهِ، وَيُضْفِى على الطَّبيعة صبغة نَفْسِهِ، ويُقابِلُ بين مناظرها وإحساساتِهِ"( ).
يَقُولُ الشَّابِّى( ):
أَنْتَ يَا شِعْرُ فَلذَةٌ مِـنْ فُـؤَادِى تَتَغَنَّـى وَقِطْعَةٌ مِـنْ وُجُـودِى
أَنْتَ يَا شِعْرُ قِصَّةٌ عَـنْ حَيَاتِـى أَنْتَ يَا شِعْرُ صُورَةٌ مِنْ وُجُودِى
فالشعر فى نظرِهِ، وَفِى نَظَرِ الرُّومَانسِيين قِصَّة عَنْ حَيَاةِ الشَّاعِرِ الذَّاتِيَّةِ، والخَاصَّة المُنْفَرِدَة، وَبِذَلِكَ يكون الفرد محور الكون فى عرفهم الفنِّى.
والرُّومانْسِيَّةُ عِنْدَ شَاعِرُنَا ليست حالمَةٌ، أَوْ مُستغرِقَةٌ فى الخَيَالِ، ولكنَّها رومانسيَّةٌ إيجابيَّةٌ تدعو إلى نُصْرَةِ الوطن، وَنُصْرَةِ الذَّاتِ، والتعبير عن كَرَامَتِهَا وَشُمُوخِهَا، فالذَّاتُ الشَّاعِرَةُ عِنْدَهُ شامِخَةٌ قَوِيَّةٌ على الرَّغْمِ مِمَّا تعْتَريهِ من شدَّةِ الوجدان، وحرارة الحزن.
نَشْأَةُ الرُّومَانْتِيكِيَّة "الرُّومَانْسِيَّة"
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع