مدونة الباحثة لطيفة المهدي شوقي
جدلية تعديل مدونة الأسرة بالمغرب
د. لطيفة المهدي شوقي | Dr.Latifa Elmehdi CHAOUKI
10/12/2023 القراءات: 895
إن أعظم تحد في زمننا الصعب هذا ليس صياغة قوانين الأسرة وتعديلها وتوسيع الجدل حول مدونة الأسرة، بل التحدي الحقيقي هو تربية الفتاة الصالحة العالمة بحقوقها والعاملة بواجباتها والمتخلقة بأخلاق الشريعة السمحة، وكذلك تربية الشاب الشاب الصالح الراعي و المسؤول عن أسرته. فما دفع لهذا الجدل الواسع والرغبة في تعديل مدونة الأسرة ببلادنا هو ارتفاع نسبة الطلاق بشكل كبير وضياع حقوق المرأة والطفل وعدم تقنين الذمة المالية للشريكين في مؤسسة الزواج، والحقيقة أن المسؤولين عن الشأن الأسري منهم من يسعى ل "علمنة الأسرة المغربية" ويدعو لانسلاخ هاته الخلية عن هويتها الدينية والثقافية، وهؤلاء يتخذون مفهوم الإصلاح، والحداثة والمعاصرة كذريعة لطمس الهوية والمرجعية الدينية الثقافية تحت مسمى حقوق المرأة وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين الخ، وفئة ثانية محايدة نظرت للمشكل نظرة سطحية ولم تعمق النظر في جذوره ومسبباته، فالأولى النظر في أطراف المشكل والتفكير في كيفية تكوينهم تكوينا صحيحا قبل الزواج لتجنب الوصول لهاته المرحلة، والأصح التركيز على دراسة ومعالجة أسباب ارتفاع نسبة الطلاق التي تعود أساسا لعدم توافر النضج والإدراك النفسي والفكري للأطراف، فلو اعتنى المسؤولون بالشأن الأسري بهذا الجانب لعالجوا عمق المشكل من خلال تنظيم دورات تكوينية نفسية ومعرفية إلزامية للمقبلين على الزواج، وتخصيص ميزانية مهمة لمساعدة الشباب المقبلين وحديثي الزواج، وكذلك تقديم دورات تكوينية إلزامية في تربية الأطفال وفي الصحة النفسية، وتقنين الذمة المالية لكلا الطرفين، وتنظيم وتقنين النسل في الأعوام الأولى من الزواج، وإنشاء مراكز قرب مجانية مختصة في الإستشارة الأسرية، الخ...لو ركزوا على هذا الجانب لكانت الوقاية خيرا من العلاج، ولما استفحلت نسبة الطلاق ولما ضاعت الحقوق، ولكن تعديل المدونة بما يروج له اليوم دون دراسة مسبقة للأسباب المعززة للمشكل الحقيقي هو بحد ذاته خطوة انتحارية لن تزيده إلا تفاقما وتعقيدا. فالأسرة خلية مهمة وتعتبر نواة المجتمع والمغامرة بها يعتبر تهورا، فهي تحتاج في الحقيقة لأطراف على مستوى من النضج الفكري والنفسي، وعلى مستوى من المسؤولية وعلى مستوى من الثقافة والقدرات، وتحتاج لمراكز قرب دائمة مرافقة للأسرة، وتحتاج تخصيص ميزانية مهمة لضمان استمرار هاته الخلية، وتحتاج لمسؤولين مدركين لكل ماسبق. إن القوانين الوضعية الصلبة وحدها لن تستطيع أن تتعامل مع نواة حساسة كالأسرة، بل وجب الاهتمام بها واعتماد الإصلاح أولا في كل من الجانب النفسي، التربوي التثقيفي، والمالي أيضا ، في حين أن إصلاح الجانب القانوني يبقى آخر مرحلة، وأظن أننا لن نحتاج لذلك إلا بنسبة ضئيلة إذا ما أصلحنا الجوانب السابق ذكرها وأوليناها العناية والإهتمام. بقلم : لطيفة المهدي شوقي #تعديل_مدونة_الأسرة
تعديل، مدونة الأسرة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع