البيانُ الصامتُ أو الجسدُ المبينُ في قديم أدب العربِ .
الدكتور الناصر ظاهري | Dhahri Naceur
09/09/2020 القراءات: 3369
يظلّ الأدبُ العربيّ القديمُ منظومُه ومنثورُه مجالا خصبا للبحث والدراسةِ ، فلئن افترقت آراءُ أغلب الدّارسين القدماء والمحدثين شرقا وغربا حول قيمته الفنية والمضمونية ومقاصده ،فإنّهم اتّفقوا مُجمعيِـــــــــــــنَ على اعتبارِ الشعر العربيّ القديم مُنجزا جماليّا متجدّدةً قراءتُهُ ، وقد اتّضح أنّ المساءلة النقدية لنصوصه لا تُبلِي جدّتها ، ولا تسلبُ إعادةُ النّظـــــــــــــرِ وكثـــــــرةُ الرّدِّ نصوصَه الإبداعية شعريتها وجماليتها . فهي ،تبعا لذلك ، نصوصٌ قد استقرّتْ ميدانا رحبا يتيحُ للدّارسين والنقّـــــــادِ ، على اختلافِ مناهجهم ومشاربهمِ وتباين رؤاهم وتعدّد مقاصدهم ،التنقيبَ في مظانه وخفاياه بعمقٍ والنّظـــــــــــرَ بتأنٍّ في ما حملَ من رؤى وبما أثارَ من مواقفَ وبما وطّأ من مسالكَ في التعبير والتصوير ، إذ ما فتئوا يُعيدونَ تقليبَ محمولِ هذا الوعاء اللغويّ المتخيَّلَ برصدهم تمثيلا لا حصرا أنواع الموصوفات الجارية على ألسنة الفصحاء وبتدبّرهم أسرار البيان في جملة صوره الفنّية ومكامن الإبداعِ في أساليبه خاصة التي تأسر الدّارسَ أيّ دارسٍ وتشدّه إليها بما حازتْ من وجوهٍ في تصريفِ الأقاويلِ بديعةٍ فارقت اليوميّ المعتاد سواء في طرائق إنشاءِ المعاني الشعرية أم في تفرّد أساليبها وعدولها عن المألوفِ من الكلام الشائعِ ، وهكذا،ارتقى الكلامُ المنظومُ إلى دائرة الإمتاع والإبداع مُحقّقًا مطلبَ حمْلِ المخاطَبِ على الإقناعِ قدر المستطاعِ . ونؤثــــــــــــــــرُ في هذا العمل الموسوم بــــ :" البيان الصامت أو الجسد المبينُ في الشعر العربي القديم : أشعار صدر الإسلام نموذجا " النظرَ في هذه المدوّنة الشعرية لاستجلاءِ معالمِ الجسد وتمثّلاتهِ باعتباره الموصوفَ الرئيسيَّ ، ونرصد وجوهَ البيانِ الجسدية المنعوتة وصيغها ودلالتها الشعرية عنــــــــــــــــد هؤلاء الشعراءِ ،فهي تستوي عندهم من جملة الآليات الشعرية المخصوصة التي يجريها الوصّافون العربُ القدماء في نعتهم الجسدَ وذكر أجلى صفاتهِ تلك التي تلازم كلّ صنفٍ بعينه من الأجسادِ المذكُورةِ في الوحدة الشعرية وطرائق إخراجهم لهُ من حيّز اللاّمرئي إلى المرئي،ومن حيّز الأذهان المحجوبةِ إلى الأعيـــــــــــــــــــانِ المُدركَةِ في ثوبٍ مرئي محسوسٍ أقرب إلى العين تتبصّر أغواره وخباياه وتُبْصِرُهُ عيانا خارجهُ وعلامة ناطقة بمقاصد شتّى،فتلفيه كيانا تخييليّا يحيا صلب اللغة وفيها بمنأى عن الواقعِ وفي حوزة الإنشاءِ فقط . ونفحصُ خصائص التعبير الجسدي صلب وحدات وصف الجسد عند الشاعر العربي القديم ،ثمّ ننظرُ في أهمّ مواقعِ هذه الوحداتِ التي حملتْ ذكرا للغــــــــــــــــــــةِ الجسدِ ونعتتْ حركاتـــــــــــــــــــه وإيماءاته وإشاراتهِ البليغةً أنّى كانت المواضعُ صُلب هيكلَ القصيدةِ ،وذاك أمرٌ يتيحُ لنا كشفَ ذلك الخيط الخفيَّ النّاظم الذي يشدّ إلى الجسد الموصوف كائنا منتجا للمعنى بأدوات هي منه أعضاء وبوسائط هي من الجسد نشاط لتلك الأعضاء ثم استجلاء أهمّ أساليب الوصفِ والتصوير. ومن ثمة ، نرى وجوها من التعابير الجسدية باقتفائنا طبيعةَ هذه اللغة الجسدية المبينة على صمتها وقد جاءت تبتكِـــــــــرُ مِنَ حركـــــــــــــــــــــــــــــةِ الجارحـــــــــــــــــــــــــــةِ بيانا مخصوصا ، وتنحت من الإشارة التي نابت عن العبارة بلاغة جديدة وَسَمَتْ أُسلوبَ الواصف الإسلامي
الجسد- البيان - اللسانُ - الإيماءةُ - الإشارةُ .
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع