مدونة الباحثة مختارية أبوعلي - باحثة في مقاصد الشريعة الإسلامية -


في ذكرى الشيخ محمّد البشير الإبراهيمي الجزائري (1)

مختارية أبو علي | Mokhtaria Bouali


27/05/2020 القراءات: 3351  


جاء على لسان الشيخ رحمه الله مترجما لنفسه:
"أنا محمّد البشير الإبراهيمي ولدت يوم الخميس عند طلوع الشمس في الثالث عشر من شهر شوال سنة ستّ وثلاثمائة وألف,...وقبيلتنا تُعرف بأولاد إبراهيم بن يحي بن مساهل, وترفع نسبها إلى إدريس بن عبد الله..." ثمّ يسوق توصيفا جغرافيا لنسبه قائلا: "ونسبنا هذا مستفيض بين سكان الأطلس أوراس وسفوحه الجنوبية إلى الصّحاري, والشمالية إلى التلول ولأجدادنا كتابات متناقلة عن هذا النّسب..."
فقد كان مولد شيخنا المصلح في قبيلة أولاد إبراهيم بقرية رأس الوادي بمدينة سطيف بالجزائر, في بيت من بيوت العلم والدّين, حفظ القرآن الكريم وهو ابن تسع سنين, وتلقى علوم الدّين واللّغة العربية وحصّل العلوم الكثيرة حفظا واستيعابا وتلقينا وإدراكا على يد عمّه الشيخ محمّد المكّي الإبراهيمي, الذي جعل منه ساعده الأيمن في تعليم الطلبة, حيث خلفه في إلقاء الدروس بعد وفاته إلى أن جاوز العشرين سنة.
-الرّحلات العلمية:
في عام 1911م هاجر رحمه الله رفقة والده الشيخ السّعدي الإبراهيمي إلى المدينة المنوّرة لإتمام الدّراسات العليا بها, حيث درس على كبار علمائها - الوافدين من مختلف بقاع العالم الإسلامي- علوم التّفسير والحديث والفقه والتّراجم وأنساب العرب ودواوينهم, والأدب والمنطق وغيرها, حتّى أصبح يلقي الدروس بالحرم المدني ويقضي أوقات فراغه في المكتبات العامّة والخاصة. كما التقى خلال إقامته هذه برفيق دربه الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس, حيث شهدت تلك اللّقاءات بينهما ميلاد مشروع إصلاحي نهضوي بدءا بفكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
-التّدريس والتّعليم:
في مطلع سنة 1917م انتقل الشيخ الإبراهيمي إلى دمشق, بدعوة من حكومتها لتدريس الآداب العربية بالمدرسة السلطانية العصرية الوحيدة آنذاك, كما كانت تُعقد له دروس في الوعظ والإرشاد في الجامع الأموي, وقد تخرّج على يديه جيل من المثقّفين والمتعلّمين ممّن كان لهم بالغ الأثر في النّهضة العربية الحديثة, كالأستاذ جميل صليبا وغيره.
-بزوغ المشروع الإصلاحي:
تمثّل هذه أهمّ مرحلة في مسيرة الشيخ الإبراهيمي, حيث الانطلاق من طور التّحصيل والتّدريس إلى التخطيط والتّنفيذ, بعد أن مكث في الحرم المدني سنوات اجتمع فيها برفيق دربه المصلح ابن باديس باني النّهضات العلمية والأدبية والاجتماعية والسياسية للجزائر, يقول الشيخ الإبراهيمي في وصفه لتلك اللّقاءات بينهما أنّها كانت كلّها تدابيرا للوسائل التي تنهض بها الجزائر, ووضع البرامج المفصلة لتلك النّهضات الشّاملة التي كانت كلّها صورا ذهنية تتراءى.., فعاد إلى الوطن وباشر العمل على تعليم الناشئة وإِعدادهم وتوجِيههم، وزرعِ روح العلم والتَّفاني فيهم, لـيـتمَّ لهم من خلال ذلك إِدراك واقعهم، والإِحاطة بـمعرفة واجبهم. فكانت مسيرته في نظرِ الاستدمار تحدِّيّا له ولسُلطته، وفي نظر الشّعب تمجيدا للعلم والدِّين وإغاظة للاستعمار.
(يتبع)


محمّد البشير الإبراهيمي- الإصلاح- الجزائر-


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع