مدونة عمران بن شعبان بومنجل


أولى الخطوات في إصلاح المجتمع

عمران بن شعبان بومنجل | omrane ben chaabene bouminjel


03/11/2020 القراءات: 1765  


(1) ان تطور كل امة يبدأ أولا من إفراغ كأس عقولها من جهلها و إقناعها بأن ما تعيشه يمكن ان تستغني عنه .. و هذا يمر حتما من تصديقها و إيمانها بأنها تستطيع تجاوز كل نعوت الفشل في أفكارها ... و يبدأ كل هذا حين يتيقن. الداعي لهذا أن الأمل في الإصلاح مستمر و مأكد (2) لا يمكن أن يتصدر للإصلاح الا من كان مصلحا في ذاته صادقا فيها و لا يعني صدقه أن يتكاسل و يترنح و يتواكل بل من تمام صدقه ان يسعى في تحقيق مقصده بكل الوسائل المعتبرة فمن ناشد أمرا لم يسعى فيه كان مذموما و يحكم التاريخ عليه بالزولان .. الصدق مبدأه و منتهاه (3) إن لصلاح الذات شروطا لا يمكن ان يتفاداه كل من رأى انه سائر في هذا المجال ... ربما كان إيمانه بفكرته أولها طبعا بعد التأكد من صحتها كي لا يبنى مجال عمله على خلل و هذا الصلاح الفكري لا ياتي إلا من توجه صادق خال من مضاربات الجهل و الهوى .. (4) بعد إصلاح القصد كان لابد من الحرص على تزكية النفس من كل تشويه فكري و هذه الإنتقائية في اختيارك لمفردات عقلك لن تكتسبها وانت مستلق تنتظر من كتاب واحد أو شيخ واحد أو صديق واحد أو أستاذ واحد ان يخيط هذه المكونات فقد تمضي عمرا كاملا و انت "فارغ" ليس لأنك لم تتعلم إنما لأنك فارغ من الحق، بهكذا أسلوب أنت رهينة مصدر معلوماتك لذلك إقرأ للكل و لا تصدق الكل و اختر نزلاء عقلك بدقة فأنت لست سوى إمتداد ساذج لفكرك (5) لن يستقيم لك عود الا اذا اعتقدت قلبيا و فكريا بأن الحق لا يمكن ان يكون أكثر من واحد لذلك في خظم قرائتك لا ترفع شيئا فوق ما تدين به من حقيقة ... فتصديقك بهذا الحق و مصدره معلوم هو من تمام إخلاصك لعقلك و لا تنسى أن لعقلك حدودا فليس كل شيئ يعقل لكن بعضها يعقل و الآخر وجب تصديقه (6) واعلم ان الحق بين واضح لا مراء فيه و لا غبش فيه وان كان الذنب في سوء متابعيه لكنه كامل مكمل انتهى يوم حجة الوداع و من اخبرك بتدرج في قضاء الأحكام أو سير حذو السيرة في تنفيذ المسلمات فإنه واهم أراد لنفسه منصب التشريع و الا فقل مرفأ النبوة .. لكن الحق ثبت و انتهى التفصيل فيه و اجتهادنا في تنزيله على الواقع لا غير دون انتساب لأي فرقة من شأنها ان تفرق و تشتت ما بقى (7) بعد تمليكك لهذا الحق كان واجبا أن تقنع به و تخاطب به نفسك ليلا مساءا حتى يستقر في ركن أبكم منها لا يقدر على تغييره بشر عاجز و لا فكر مغري .. هذا الذي بين جنبيك هو الآن أمانة فحافظ عليها و أكرمها و تعاهدها و ضعها في صاع أخلاقي مجيد كي تجذب به غيرك لأن الحق ثقيل و لا يسافر الا برجل قوي المعدن ثابت المبدأ خير الأخلاق (8) و ثبات الأخلاق لا يعني ان تنهق مع كل ناهق فلا تنكر منكرا و لا تجل معروفا خوفا على حقوق الآخرين لكن الكمال الأخلاقي يبدأ حين تعتقد أن طرف الحق بيدك و أن طرفه الآخر بيد الآخرين فإن أنت جذبته بقوة فقدوا فكرة محاورتك أو الإستماع اليك و ان انت تركته ضاع منك فصار بأيديهم و تخليت عنه كمن أشعل النور لغيره فأحرق نفسه لذلك وازن بين الشدة و اللين فلكل مقام مقاله (9) اختر لتبليغ الحق طرقا و التمس للناس عذرا دون تواكل على حسن الظنون المفرط .. كل الناس تربة صالحة للزراعة فقط أحدها طينية تشبعت كثيرا بدواليب الدنيا و عثراتها فقليل من الماء كافي بعد غسلها جيدا و أخرى رملية لا يبيت فيها الماء و لو لحظة فأحسن الغرس و دعك من كثير السقيا و أخرى صماء عنيدة و دواؤها طول بال و سعة خاطر ... الحق موكب لكنه يسلك طرقا متعددة (10) و يكون أول الأسئلة من أين أبدأ..هنا كان ضروريا أن تفهم السير المجتمعي في إطار الواقع المعاش لا المنشود.. بصيغة أخرى أن تحدد أولويات المجتمع و التي لا تنفك دائما على شيئين إثنين : براءة فكرية من معتقدات الجهل و العجز و الهزيمة أما الثاني فبالتأكيد إثارة سؤال القيمة الإنسانية في كل نفس بشرية دون تطرق في بعض الأحيان إلى الغاية الكبرى و النتيجة المرجوة


من أين نبدأ


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع