مدونة أنتصار محمد ميلاد الزنان
البيئة والعمران الحضري في المنظور الإسلامي
د.إنتصار محمد ميلاد الزنان | Dr. Intesar Mohamed Zannan
30/07/2021 القراءات: 1964
البيئة والعمران الحضري في المنظور الإسلامي
تضمن القرأن الكريم والسنة النبوية العديد من النصوص التي توضح العلاقة بين الإنسان وبيئتها. فمنذ أن خلق الله الإنسان كلفه بإعمار الأرض إعماراً شاملاً وهذا يعني أن الله أمراً الإنسان بعمارة الأرض بدليل قوله تعالى ( إذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة ) البقرة-أية ( 30).
- قوله عز وجل (هُوَ الذي أَنشَأَكُم مَّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعمَرَكُمْ فِيهَا ) هود- أية ( 61 ). حيث جاء في تفسير ابن كثير وأبن المنير، أن ( استعمركم فيها ) تعني جعلكم عمارها تعمرونها وتستغلونها بالزراعة والصناعة والبناء والتعدين .
- وقد ذكر الباحثين في القرآن الكريم أن هناك آيات ذكرت المدن والقرى والمساكن والحدائق والأعمار البيئي منها :-
1- في مجال استعمـالات الأراضـي :-
قال تعالى ( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب ونخيل صنوان وغير صنوان ) الرعد – أية (4)حيث ورد في تفاسير القرآن أن معنى قطع متجاورات هو اختلاف في صفات القطع فمنها الصالح للزرع ، ومنها الصالح لزرع الشجر، ومنها للبناء وغيرها، وبناء عليه يجب الحفاظ على البيئة فلا نبني في الأرض الصالحة للزراعة لقوله عز وجل ( فأنبتنا فيها حدائق ذات بهجة ) وهذه الآية تدعو إلى إنشاء وبناء الحدائق والمحافظة عليها لما لها من فوائد وبهجة تسر الإنسان .
2. فــي مجال تنظيــم البنــاء :-
في قوله تعالى ( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وعن شمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ) سبأ– أية ( 15 ). وهذه الآية تشير إلى تنظيم المساكن وإنشاء حولها جنات( نبات وزرع ) لما توفره لأهله من رزق وهواء ومناخ وهي ما تشير إليه كلمة (بلدة طيبة).
3. فـي مجال تخطيط المـدن والقــرى :-
قال عز وجل ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير، سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين ) سبأ – أية ( 18) . لقد منّ الله على سبأ في اليمن أنه جعل بينهم وبين الشام قرى متقاربة أي المسافة بينها قليلة بسبب كثرة الخيرات، وهذا يشير إلى أن التخطيط الأمثل للقرى والمدن أن تكون متقاربة ومتواصلة وظاهرة للعيان .
- وقال رسول الله صل الله عليه وسلم في حديث ( أن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم .
- ويقول ابن خلدون في مقدمتها ( أن البناء واختطاط المنازل إنما هو من منازع الحضارة التي يدعو لها الترف والدعة ...…، وذلك متأخر عن البداوة ومنازعها، وأيضا فالمدن والأمصار ذات هياكل وأجرام عظيمة وبناء كبير ، وهى موضوعة للعموم لا للخصوص فتحتاج إلى اجتماع الأيدي وكثرة التعاون )
مما سبق يتضح لنا أن البيئة التي نعيش فيها تؤثر على الإنسان وعلى تكوينه تأثيراً مباشراً، فالنمو الحضري والتوسع العمراني مرتبط بالنمو السكاني ارتباطاً وثيقاً هذا الارتباط ينجم عنه أحيانا آثارا سلبية تؤثر على البيئة الحضرية التي يعيش فيها خاصة في ظل غياب الوعي الثقافي والاجتماعي ، وتظهر عوامل هذا التأثير في التدهور العمراني والمعماري للبيئة الحضرية بتأثيراتها المختلفة على المدن وتؤدي بذلك إلى أن تصبح الصورة الذهنية لبيئة المدينة رديئة ومتخلفة، وبالتالي يفقد معها الإنسان تفاعله وتعاطفه، وتأتي خطورة الموقف بأن تتفاقم المشكلات ويصعب حلها ومعالجتها مما يؤدي إلى ازدياد عوامل التدهور والتلوث للبيئة الحضرية وتختفي معها معالم الجمال والإبداع الجمالي الذي لابد أن يميز المدينة، والذي قد يصبح عرفاً سائداً يتوارثه الأبناء وبالتالي تتوالد أجيال لا تعرف للجمال معنى ولا قيمة ولا تعرف كيفية الوصول إليه مما يؤثر على جوانبهم النفسية فيفقدوا الترابط والتعارف والتعامل مع بيئتهم، وبالتالي يؤدي بهم إلي عدم الحفاظ على البيئة وتدهورها وعدم مشاركتهم في التخلص من المظاهر السيئة التي تحيط بهم وببيئتهم الحضرية.
العمران الحضري - البيئة- المنظور الإسلامي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع