هل يمكن إخضاع الظواهر الإنسانية للتجريب؟
06/12/2021 القراءات: 4402
وضعت العلوم الإنسانية نصب أعينها نموذج العلوم الطبيعية يلزمها تقليده، وكان هذا النموذج هو العلوم الفيزيائية التي تعتبر معيار "التحقق التجريبي" المعيار الوحيد في بناء الحقائق العلمية، وكان الهدف من هذا المسعى واضحا، وهو محاولة تحقيق العلمية في العلوم الإنسانية. لكن التفكير في تحقيق هذا الهدف كان ينبغي أن يأخذ في الاعتبار طبيعة الموضوع.
ومما ينبغي أن نشير إليه أيضا هو أن "المنهج الوضعي" يهدف بالدرجة الأولى إلى إقصاء التجريد والتأمل واستبدال ذلك بالملاحظة والتسجيل الدقيق للوقائع. ولا شك أن هذا المسعى في البحث سيقدم نتائج باهرة على مستوى بناء الحقيقة العلمية في باب الانسانيات، لكن "المنهج الوضعي" لا يلجأ الى التجربة باعتبارها أداة معرفية بقدر ما يهدف إلى سد الطريق أمام كل ما هو تأملي تجريدي. ففي كتابه: "عصر الأيديولوجية" يشير "هنري ايكن" الى أن تجريبية "كونت" وضعية، وهو يستعملها بوضوح وصرامة كأداة إيديولوجية لتهديم أغاليط التفكير غير العلمي بأجمعها، وكان يهدف كفيلسوف إلى غرس عقلية لا تفكر باصطلاحات غير علمية، وترفض قضايا اللاهوت التقليدي والميتافيزيقي بكل بساطة على أساس أنها غير علمية .
مقتطف من بحث فلسفة العلوم الانسانية... ج 2.
الظواهر الانسيانية، المنهج، التجريب
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع