الأسرة ودورها في العمل التطوعي
جليلة الطيب بابكر يونس | GALEELA ELTAYIB BABIKER YOUNIS
30/10/2021 القراءات: 3485
كل إنسان ذكراً كان أو أنثى مطالب بعمل الخير بما يتناسب مع قدراته انطلاقاً من قوله تعالى : ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ - [ سورة المائدة : 2 ] ، وقال تعالى : ﴿ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ – [ سورة النساء : 114 ] .
والعمل التطوعي من الأعمال التي حث عليها الإسلام ودعا إليها النبي عليه الصلاة والسلام ، فالعمل التطوعي ظاهرة اجتماعية تحقق الترابط والتاَلف والتآخي بين أفراد المجتمع ، وبيّن لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم مكانة العمل التطوعي في الإسلام في أحاديث كثيرة منها : عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى .
وقوله صل الله عليه وسلم : " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ " .
وعَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَخْبَرَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ " .
تعريف العمل التطوعي : هو عمل غير ربحي ولا يُقدم نظير أجر معلوم ، وهو عمل غير وظيفي/ مهني و يقوم به الأفراد ، من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين من جيرانهم أو المجتمعات البشرية بصفة مطلقة .
ومن التعريف إن التطوع عمل غير ربحي إن العمل التطوعي دائما يكون بدون مقابل .
عمل غير وظيفي : ان المتطوع لا تكون له حقوق مثل الموظفون من راتب شهري, ومعاش وإجازات براتب وبدون راتب , لان عمله دائما يكون في مؤسسات أهلية غير حكومية أو خاصة فالأهلية يكون لها تمويل خارجي أو تمويل داخلي .
قال الله : ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ – (المائدة : 2 ) .
قال أبو جعفر الطبري في تفسيره : يعني جل ثناؤه بقوله : ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ﴾ : وليعن بعضكم أيها المؤمنون بعضًا على البر ، وهو العمل بما أمر الله بالعمل به.
ويعتبر العمل الاجتماعي التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في عصرنا الحالي ، ويكتسب أهميته متزايدة يوماً بعد يوم , فالحكومات لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها, فمع تعقد الظروف الحياتية ازدادت الاحتياجات الاجتماعية وأصبحت في تغيّر مستمر, ولذلك كان لا بد من وجود جهة أخرى موازية للجهات الحكومية تقوم بملء المجال العام ، وتكمّل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية في تلبية الاحتياجات الاجتماعية , ويطلق على هذه الجهة " المنظمات الأهلية ". وفي أحيان كثيرة يعتبر دورها سباقاً في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وليس تكميلياً .
فقد قامت الخدمات التطوعية بلعب دور كبير في نهضة الكثير من الحضارات و المجتمعات عبر العصور، بصفتها عملاً خالياً من الربح والعائد ، يقوم بها الأفراد لصالح الجيران و الأهل والمجتمع ككل ، كما تأخذ أشكالا متعددة ابتداء من الأعراف التقليدية للمساعدة الذاتية ، إلى التجاوب الاجتماعي في أوقات الشدة و مجهودات الإغاثة ، إلى حل النزاعات و تخفيف آثار الفقر ، ويشتمل المفهوم على المجهودات التطوعية المحلية و القومية، و أيضا البرامج ثنائية أو متعددة الجوانب (العالمية) التي تعبر إلى خارج الحدود ، وقد لعب المتطوعون دوراً هاماً كماً وكيفاً في رعاية و تطوير الدول الصناعية منها و النامية من خلال البرامج القومية .
فالتطوع ليس واجبًا أو مفروضًا؛ بل هو عمل اختياري، ولا يتحقق إلا من الأتقياء والأنقياء من الناس ، الذين يرون سعادتهم في إسعاد الآخرين ، وذلك يتبين في قول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ - ( البقرة :٢٦٢) .
التطوع - الأسرة - التقوي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع