مدونة د/ جمال عبد العاطى محمد حلمى
الآليات العصبية لعمليات النطق و الكلام
د/ جمال عبد العاطى محمد حلمى | Gamal Helmy
08/05/2021 القراءات: 4402
الآليات الدماغية و العصبية لعمليات النطق و الكلام
في ضوء المعارف العلمية المعاصرة أصبح من نافلة القول أن الدماغ يلعب دورا أساسيا في تنظيم نشاط الإنسان العقلي والسلوكي, بما في ذلك نشاط أنتاج واستقبال الكلام.
إن تحليل نشاط الدماغ يدفعنا إلى التذكير بظاهرة الهيمنة الجانبية, أي تخصص نصفي الكرة المخيين في توجيه نشاطات محددة من الجسم. فالبنسبة لنشاط الكلام فعند اغلب الناس يكون الجزء المنظم لهذا النشاط هو النصف الأيسر من المخ ( النصف المهيمن ), وعند قلة قليلة من الناس يكون الجزء المهيمن هو الجزء الأيمن , وعند مجموعة محددة من الناس تنعدم لديهم عملية الهيمنة الجانبية لآي جزء من أجزاء نصفي الكرة المخيين. وعندما نتحدث عن الأذى الذي يلحق بالدماغ والاضطرابات الكلامية الناتجة عن ذلك فنحن نتحدث ضمنا عن الجزء المهيمن ( الأيسر ) من المخ عند الغالبية العظمى من الناس !!!.
أن المنطقة الدماغية ذات الأهمية الأساسية لإرسال الكلام هي منطقة بروكا وتشكل هذه المنطقة منظومة دينامكية مع المناطق الأخرى للكلام في نصف الكرة المخي الأيسر, وأن كل عنصر في هذه المنظومة مسئول عن مرحلة من مراحل النشاط المعقد الذي ينسجم مع الطبيعة المعقدة لإنتاج الكلام.
أما نشاط استقبال الكلام فهو مرتبط بشكل رئيسي بالأجزاء الخلفية لمنطقة الكلام, أي منطقة فيرنيكا ( الجزء الخلفي العلوي للتلافيف الصدغية ) وكذلك مناطق القشرة الدماغية القريبة من هذه المنطقة ( الجزء الخلفي الثاني من التلافيف الصدغية ). إن دور منطقة الكلام هذه يستند إلى تحليل وتميز الأصوات الكلامية المستقبلة على هيئة إشارات مبعوثة من المرسل. هذه الإشارات هي الموجة الآكوستيكية والمستقبلة كمجرى من الأصوات المختلفة بما فيها الأصوات الكلامية, والوحدة الأساسية التميزية للأصوات الكلامية هي " الفونيم ", ولكي تحصل عملية التميز لآي واحد من هذه الأصوات التي ترد إلى الأذن لابد من فرزه من حيث كونه يمتلك خصائص أكوستيكية تميز هذا الفونيم عن غيره. هذه الخصائص تحمل اسم السمات المميزة.
ولغرض الاستقبال السليم للكلام فمن الضروري أن تكون منطقة " فيرنيكا " فاعلة بشكل اعتيادي وكذلك المناطق القشرية المجاورة. إن الأذى الذي يلحق بهذه المناطق يؤدي إلى اضطراب في فهم الكلام, وبشكل خاص صعوبة تميز الأصوات على الرغم من أن سمع المستقبل نشط, وهذا يعني أن المستمع يسمع الأصوات ولكن لا يميزها, أي لا يفهم ماذا يسمع !!!.
إن نشاط الإرسال كما تحدده الكاتبة البولندية ( ستيجك ) هو مجموعة النشاط الذي يستند إلى إعادة تشكيل المدركات والتصورات والعمليات الفكرية في رموز صوتية. إن الحركات النطقية المنفذة تقع تحت عمليات ضبط سمعية ـ حسية. ويساهم في نشاط الإرسال المنطقة المخية الأمامية الحركية ( منطقة بروكا ) وكذلك الجزء الخلفي من منطقة الكلام. والافتراض السائد هو ان كل وظيفة ذات صلة بعملية الكلام تلائم جزءا معينا من مناطق الكلام المذكورة. وتؤكد نفس الكاتبة المذكورة أن برمجة الموضوعات ومحتواها واختيار المفردات يعتمد على التركيبات المخية للفص الجبهي ( المتموضعة الى الأمام من منطقة بروكا ). ويمكن أن نوضح آليات الإرسال في ضوء التنوع الوظيفي للمناطق المخية المذكورة أعلاه بالشكل الآتي:
1 ـ اختيار المفردات من حيث معانيها, وربطها وفقا للأسس القواعدية المعمولة بها في لغة ما, وهذا يرتبط بالحدود التي تقترب منها المناطق الجدارية ـ الصدغية ـ القفوية أو ما يسمى بالمنطقة الارتباطية.
2 ـ استحضار الآثار السمعية للمفردات الضرورية لبناء الموضوع ( التحليل والتركيب السمعي ), يرتبط بالمنطقة الصدغية.
3 ـ تنظيم الموضوع والذي يستند إلى الترتيب الخطي: صوت ـ مفردة ـ جملة, مع الحفاظ على الأسس القواعدية, وهذا يعود إلى وظيفة منطقة بروكا ( المنطقة الحركية الأمامية ).
4 ـ الإحساس بنماذج الأصوات والمرتبطة بوضع أجهزة الكلام. والوعي بوضعها يعتمد على وظيفة الفص ألجداري, وفي جزئه الأسفل والواقع مباشرة بعد الأخدود المركزي ( أخدود رولاندو )
5 ـ أ ما وظيفة منطقة الكلام الإضافية ( الحركية ) والواقعة في المنطقة العليا قبل الشق المركزي للنصف المخي المهيمن, فإن أدبيات الدراسة تحدثنا بأن ووظيفتها غير معروفة, ولكن الكاتبة ( مينجاكفيج ) تؤكد لنا من خلال خبرات الميدان بأنه من المحتمل أن تقوم هذه المنطقة بوظيفة مساعدة مرتبطة بعملية استحضار الأصوات الضرورية لبناء المقاطع, والمفردات والكلام.
أما عملية الاستقبال ( الفهم ) فهي مرتبطة بسماع أصوات الكلام ( التحليل والتركيب ) وربطهما بمحتوى محدد. وتعتمد هذه على منظومة وظيفية معقدة, والتي تساهم فيها بشكل جوهري الأجزاء الآتية:
1 ـ سماع أصوات الكلام وهذا يتطلب عضو سمع فاعل.
2 ـ القدرة على تميز الأصوات ( تحليل وتركيب ) ويعتمد ذلك على مركز فيرنيكا الواقع في المنطقة الصدغية في التلفيف العلوي.
3 ـ الذاكرة السمعية الشفوية ( أي إمكانية الاحتفاظ في الذاكرة باستمرارية المفردات المرتبطة بعلاقات منطقية ـ قواعدية ) والقدرة على تميز المفردات, ويعتمد ذلك على الجزء الأوسط للمنطقة الصدغية.
4 ـ القدرة على التميز الدلالي ( المعنى ) للمفردات والجمل في ضوء سياقها وارتباطاتها المنطقية ـ القواعدية, ويرتبط ذلك بوظيفة المنطقة الجدارية ـ القفوية ( القذالية ).
5 ـ الجزء الأمامي من منطقة الكلام من المحتمل أن يساهم في النشاط المرتبط بالكلام الداخلي والذي يساعد على تشفير معنى الموضوعات عند استقبال الكلام.
6 ـ منطقة الفصوص الجبهية ( خارج منطقة الكلام ) وهي تؤمن إمكانية الاتصال السريع أثناء استقبال الموضوعات.
الاليات العصبية - النطق و الكلام
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف