تعقيب وملاحظات على مقالة جاك اتالي Jacques Attali حول تداعيات فيروس كورونا المستجدّ..
03/04/2020 القراءات: 5420
تعقيب على ما نشره (جاك أتالي، ( Jacques Attali) المنظر الفرنسي، في مدونته الشهيرة حول تداعيات فيروس كورونا المستجدّ، والتي تنبّأ فيها بحدوث تغييرات عميقة سيشهدها العالم بأسره، والحقيقة تقال وانا اقرأ هذه المقالة مثل اي قارىء، اخذتني اسقاطاته التاريخية والاجتماعية على مجتمع كان يئن، ويرزح تحت وطأة الامراض القتاكة خاصة القرن (13م و 14م) التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من ساكنة اوربا. لكن ومع ذلك فقد نتعجب ان هذه الجوائح كانت سببا لعدة مجتمعات بعد ان اعادت حساباتها بان تعود بقوة لترسم تاريخها وتنهض بمجتمعاتها، ولا شك فان المجتمع الاوربي منذ القرن 15م، قدر له ان يعيد حساباته وعلاقته مع مؤسسة رسمية تحكمت في رسم تاريخه وضبط عقيدته منذ عقد مجمع نيقية سنة 325م ،(الذي جعل علاقة الكنيسة بالسلطة ستبدأ بالتشكل بعد أن كانت كياناً دينياً خالصاً). على كل حال اردت من هذا التعقيب لكي يكون مدخلا، وطرحا لعدة اسئلة: حول أوضاع مجتمعاتنا في تلك الحقبة؟، كيف كانت؟ وكيف اصبحت؟ ماهي اوجه التقارب والتشابه بين المجتمع الغربي في تلك الفترة وبين مجتمعاتنا؟ ماذا استفدنا من تجاربنا المكررة اذا وضعناها في سياقها التاريخي الصحيح؟. وهل يأتي هذا المصاب وهذه الازمة بتغيير شامل في حال هذه الامة؟..وغيرها من الاسئلة.. ان هذه الجائحة استطيع ان اعتبرها هي الاخرى صدمة سريرية!، ،( سبقتها صدمتها لم يكن لها للاسف ردود أفعال، ومن الممكن اعتبار ظاهرة الاستعمار كصدمة لكنها موجبة حسب رأي عالم الاجتماع مالك بن نبي)، وبالتأكيد قد سبق هذه الظاهرة تجارب مريرة مرت بها مجتمعاتنا ، مع الامراض والاوبئة كوباء طاعون القرن 14م الذي شهدته أيضا اروبا، والذي كان من نتائجه تغيير في نظرة المجتمع للكنيسة، فبعد ان كانت نظرة اجلال، وتقديس اصبحت نظرة تسويف وتدنيس. هذا ما أقرته تدوينة جاك اتالي حول حالة اجتماعية كانت ترى في الوباء سخط الهي تستوجب اخذ الغفران من رجال الكنيسة. وما يهمنا في تدوينتنا هذه، وبعودتنا الى مصادر تلك الفترة، ومختلف الدراسات فإن ردود أفعال مجتمعاتنا كانت مغايرة تماما بل فيها من المضحكات المبكيات، فخروج أهل دمشق إلى القفار والخلاء للدعاء لرفع البلاء كانت نتائجه وخيمة! اذ ازداد عدد ضحايا الوباء كنتيجة للاختلاط، وقس على ذلك في بقية المدن والقرى،، والظاهرة العامة كنتيجة لفتك الوباء لآلاف الناس والمشابهة للمجتمع الغربي في ذلك العهد ، ستكون لجوء الناس الى أهل الدين والورع والمتصوفة لطلب العون ولدفع المرض، كمخلصين بالدعاء لهم بالشفاء...فما كان من ردود افعال هؤلاء الأدعياء بحملة نقد وذم للمجتمعات لانها تركت دينها واخلاقها فكان هذا الوباء سببه كثرة الذنوب والرزايا، والنتيجة ارتفع نجم اسم هؤلاء المشايخ وطبقة الفقهاء في مجتمعاتنا وفي بلاط الحكام وهذا اعلان عن بداية نظام حكم سيشهد سيطرة المشيخة على مختلف مناحي الحياة، لا حظ معي ذلك الفرق بين المجتمعين في الشرق والغرب، مجتمع تخلص من سيطرة رجالات الاكليروس، وتحالفاتها مع أمراء السياسة والإقطاع، ومجتمع يرتمي في أحضان قداسة المشيخة التي ستكون مهمتها التوسط لله!!!. لرفع الغبن والجوع والمرض، والنتيجة تقديم صكوك الغفران حسب الطلب بتحالف رجال السياسة مع رجال الدين، وانحدار وضعف في فهم اولويات الدين الحنيف الذي يبجل العلم لا الجهل والخرافات،(وما تحريم المطبعة بما يحمله من تناقضات في الدولة العثمانية الا دليل على ذلك )، فاستمر الحال وزاد الجهل بالدين، وجهل بالعلم وبأمور الدنيا إلى أن سقطت العواصم الإسلامية محروسة، محروسة ،بداية بسقوط محروسة الجزائر 1830م كإعلانا لبداية الحركة الاستعمارية، ليستمر الوضع هكذا،،جيل بعد جيل بالرغم من بعض جرعات الأكسجين في مرحلة من المراحل،، لكن سقوط بغداد سنة 2003 أكد لشعوبنا ان هناك خطب ما ؟ ! خطب يمس كل منظوماتنا، وما هذا الفيروس إلا احد الدروس، التي يجب ان نستفيد منها لخلق نظام جديد يبنى على الخوف وخشية الله، للنهوض بنفس نواميس الأوائل الذين نهضوا بهذه الأمة.. لا خشية هذا الفيروس الذي هو جندي من جنود الله،،الذي سيزول بنفس مسببات هذا الفيروس.
وباء-اتالي-مجتمع-الدين-المرض
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع