مدونة الأستاذ الدكتور لخضر بن الحمدي


الإسراء والمعراج..والتربية بالصدمة

أ.د لخضرحمدي لزرق | Dr.lakhdar ben hamdi lazreg


23/06/2019 القراءات: 1933  


الخطبة الأولى
أما بعد، عباد الله: تمر بنا هذه الأيام من هذا الشهر-رجب- ذكرى الإسراء والمعراج، وقد جاءت هذه الحادثة والرسول صلى الله عليه وسلم يواجه أعتى صور التكذيب بدعوته، والاستهزاء بشخصه، والإيذاء له ولأصحابه، فكانت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، ورفعا لذكره وشرحا لصدره ووضعا لوزره.
وكان من فضائله وخصائصه صلى الله عليه وسلم هذه الرحلة العظيمة.
عباد الله: وهذا الحدث العظيم مروي في الصحيحين والسنن بألفاظ متفاوتة، مما جاء فيه من أحوال: أن فرض عليه ربه؛ وهو في ذلك المقام، الصلوات الخمس، لشرفها وعلو منزلتها، ورأى في رحلته صلى الله عليه وسلم الجنة والنار، ورأى فيها أصنافاً من المعذبين والمنعمين، آكِلِي الربا، وجزاء الزناة، وآكلي لحوم البشر من المغتابين، ومن يقع في أعراضهم، وآكلي أموال اليتامى، والمتثاقلين عن الصلوات المكتوبة.
وقد ابتلي عليه الصلاة والسلام بعد هذه الحادثة بصنفين من الناس، صنف صدقه وآمن بما حدث به، وصنف كذبوه، وفجروا في ذلك، ومكروا مكرا كبار، وهكذا دأب كل متخلف مغتبط بحاله، لا يود أن ينتقل عن حاله..يرضيه ما يتناسل من تخلفه، ولا يعبأ بالرواد ولا المفكرين ولا المبدعين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ( والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى).
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
عباد الله في هذه الرحلة العظيمة والآية الباهرة دروس وعظات، فمنها: عظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه، وقد قال سبحانه: ﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ﴾، وقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾، ومنها نسخ الشرائع السابقة، وختم النبوة به، وأنه الإمام المتبوع، فالأنبياء كلهم يقتدون به، فغيرهم من باب أولى، ومنها: وحدة رسالة الأنبياء، إذ جميعهم في صلاة واحدة خلف إمام واحد، يعبدون رباً واحداً، ومنها معية الله ونصرته لرسوله صلى الله عليه وسلم (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)، ومنها: أهمية الصلوات الخمس حيث فرضت في أعلى مكان على أفضل نبي، وأنها لها مزية على سائر العبادات، خمس في العمل وخمسون في الميزان.
عباد الله: التربية بالصدمة، أسلوب ظاهر، وطريقة واعية لإعادة بعث الخامل، ودفع التخلف، ونشر الوعي الثقافي.
التربية بالصدمة ديدن الأمم السامقة، وكثير من المجتمعات لا يمكن لها أن تنهض من كبوتها إلا إذا عولجت بصدمة أو صدمات متتالية، لتعود إلى رشدها، وتدرك سبب تخلفها، وتبصر أسباب نهضتها.
تعد حادثة الإسراء والمعراج صدمة بكل المقاييس، أعادت الثقة للنخبة من أصحاب النبي ، ودفعت بقطار الوعي والتجديد قدما، وهيأت النبي  وأصحابه لاستقبال الحوادث الجديدة بكل رزانة وثقة.
التربية بالصدمة حافز للأمم حتى ترقى وتنعتق من التخلف، وتحتل من المكانة أعلاها، ومن المقامات أجدرها.


الإسراء المعراج، التربية، الصدمة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع