مبدأ تحقيق الدعوى في الفقه الإسلامي و مدى إمكانية تطبيقها على اجراءات المرافعة المدنية المعاصرة
الجيلالي محمد | ELDJILALI MOHAAMED
21/07/2020 القراءات: 3616
لاشك أن من بين اجراءات رفع الدعوى المدنية في الفقه الإسلامي مبدأ " تحقيق الدعوى قبل استعراضها "، و هو الاجراء أو المبدأ الذي يميز اجراءات رفع الدعوى المدنية في الفقه الإسلامي عن اجراءات رفعها في قوانين المرافعات المعاصرة.
فباب المرافعة لا يفتتح من طرف القاضي إلا إذا قام بنظر الدعوى و تحقيقها؛ فإذا تأكد من ان الدعوى استوفت كل شروط صحتها، و اصبحت صحيحة، هنا ينتقل الى استعراضها و يبدأ في المرافعة؛ اما اذا رأى القاضي بان الدعوى فاسدة فانه يوجه المدعي إلى تصحيحها؛ و إذا كانت باطلة فانه يردها و لا يسمعها؛ وهذا ما أشار إليه كتاب الفتاوى الهندية بالقول : " بعد دخول الخصوم الى القاضي الأسبق فالاسبق، يسأل القاضي المدعي عن دعواه............، ، بعد ذلك يتحقق القاضي من صحة الدعوى، و هذا قبل استعراضها و الشروع في المرافعة، فإذا تبين للقاضي أن دعوى المدعي فاسدة. لا يقبل علي المدعى عليه، و لكن يقول للمدعي : قم فصحح دعواك, و لا يعتبر ذلك قضاء إنما افتاء ".
و الحقيقة أننا نرى لو طبقنا هذا الإجراء في عصرنا الحاضر لتمخض عنه نتاءج ايجابية على الافراد و االمجتمعات و الحكومات نلخصها فيما يلي :
اولا : يعطي للمدعي فرصة تصحيح دعواه, دون ان يرفع دعوى اخرى بإجراءات جديدة.
ثانيا : الاقتصاد في المصاريف وفي الوقت : ان كثيرا من المدعين - في عصرنا الحالي - يتكبد ون مصاريف معتبرة بمناسبة اللجوء الى المحاكم و رفع دعاواهم ،كالرسوم القضاءية، و أتعاب المحضر القضاءي المكلف باستدعاء المدعى عليه للحضور الى الجلسة، و اتعاب المحامي، و غيرها من المصاريف، و لكن في نهاية المطاف ترفض دعاواهم لانعدام شرط من شروط صحتها، فيضطر المدعي إلى رفع دعوى أخرى بمصاريف آخرى. و هذا ما يثقل كاهله؛ و لذلك لو طبقنا هذا الاجراء ، فإن ذلك من شأنه أن يوفر على المدعي مصاريف اضافية، لأنه لا يقوم برفع دعوى أخرى جديدة، و إنما نفس الدعوى يقوم بتصحيحها؛ كما أنه لا يلزم بتكليف خصمه بالحضور إلا بعد تحقيق الدعوى، و هذا مما يوفر كذلك الوقت للمدعي و للمدعى عليه.
ثالثا: التقليل من تراكم الملفات على مستوى المحاكم : ان كثيرا من الدعاوى التي ترفض على مستوى المحاكم يكون رفضها بسبب تخلف شرط من شروط صحتها، و هذا مما يجعل رفوف المحاكم مكدسة بملفات هذه الدعاوى، فضلا عن ذلك يولد ذلك ضغطا على القضاة و الكتبة . و لذلك فان تطبيق هذا الاجراء من شانه ان يخفف العبء ،و يقلل من تراكم الملفات على مستوى المحاكم ،زيادة عن ذلك يخفف العبء على المستخدمين من قضاة و كتاب الضبط ، و لا سيما القضاة حيث يشعرون بالراحة و يتحررون من الضغوطات الناتجة عن ضخامة الملفات فيتفانون في اداء مهامهم فيصدرون أحكاما عادلة .
و هذا الاجراء يمكن تطبيقه على مستوى كل الدول قاطبة ، لكن يشترط ان يمهد له بتوظيف اكبر قدر ممكن من الموظفين من قضاة و كتاب ضبط ، كما يجب ان تعدل منظومة قوانين المرافعات الحالية.
تحقيق الدعوى - الفقه الإسلامي - المرافعات المعاصرة -المصاريف القضاءية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سعادة الاستاذ الجيلالي محمد.. حفظك الله ورعاك واكرمك.. مقال ممتاز.. ينم عن خبرة وطول دربة في المجال الحقوقي، وبالذات الجانب المدني والاجراءات المدنية.. فعلا يحتاج الامر لتعديل في قوانين الإجراءات المدنيةلتواكب مثل هذا التطور الذي سبق به الفقه الاسلامي فقهاء القانون المدني المعاصرين. زادك الله علما وتقى ورفعة ونفع بك وبعلمك.
مواضيع لنفس المؤلف