مدونة الدكتور صالح فليح زعل المذهان


ليكة في القراءات القرآنية قراءة صرفية دلالية

أ.د صالح فليح زعل المذهان | SALEH FLAYEH ZAAL ALMATHHAN


19/04/2021 القراءات: 11261  


بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى: ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) ، الشعراء: 176
وقال تعالى: ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِ ) ص: 12- 13
ورد في كلمة(ليكة) قراءتان متواترتان، كل قراءة لها دلالة خاصة، وتشترك القراءتان في المعنى العام، فقرأ الاسم(الأَيْكَة) بسكون اللام، وبهمزة مفتوحة الإِمام عاصم، وأَبو عمرو، وحمزة والكسائي، ويعقوب، وخلف، وقرأه بفتح اللام، وحذف الهمزة الإِمام نافع، وابن كثير، وابن عامر وأَبو جعفر. (ابن الجزري، النشر في القراءات العشر ،ج 2 ص336) .
الأَيْكَة في اللغة شجرة كبيرة، قال الجوهري:" الأَيْكُ: الشجرُ الكثير الملتفُّ، الواحدة أَيْكَةٌ وأمَّا لَيْكة فهي اسم قرية، قال الصاحب بن عباد:" لَيْكَةُ: مَوْضِعٌ ". ( الجوهري، الصحاح في اللغة، مصدر سابق، مادة( أيك))
الاسم (الأيكة) وفق القراءة الأولى اسم ثلاثي مجرد، مفرد، مؤنث تأنيثًا مجازيًا، صحيح الآخر، جامد يدل على ذات، ووزنه الصرفي فَعْلَة.
أمَّا الاسم ( لَيْكَة) وفق القراءة الثانية فهو اسم ثلاثي مجرد، مفرد، مؤنث تأنيثًا مجازيًا صحيح الآخر، جامد يدل على ذات، ووزنه الصرفي لَعْلَة .
وأصل الاسم ( الأيكة)،وهو من الجذر اللغوي( أيك)، حصل فيه إعلال بالنقل فنقلت حركة الهمزة(الفتحة) إلى اللام الساكنة، ثم حُذِفَتِ الهمزة(فاء الكلمة)، فأصبح الاسم لَيْكَة، ووزنه الصرفي لَعْلَة، قال الإِمام ابن عادل:" والقول فيه: إنَّ أصله :الأَيْكَة، ثم خففت الهمزة، فألقيت حركتها على اللام فسقطت، واستغنت عن ألف الوصل؛ لأَنَّ اللام قد تحركت ". (ابن عادل، اللباب في علوم الكتاب، ج 15،ص 71،وما بعدها).
يظهر للباحث أنَّ الصيغة الصرفية للاسم(الأيكة) وفق القراءة الاولى أفادت أنَّ الآيتين السابقتين إخبار عن أصحاب الشجرة الذين بعث الله –عز وجل – لهم سيدنا شعيب عليه الصلاة والسلام، قال الإِمام القرطبي:" كان أصحاب الايكة أهل غيضة وشجر وكانت عامة شجرهم الدَّوم، وهو شجر المَقْل ". ( القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 13،ص 135).
أمَّا الصيغة الصرفية للاسم ( لَيْكة) وفق القراءة الثانية فأفادت أنَّ الآيتين إخبار عن أصحاب القرية، وهذه القرية هي قرية مدين، قال الإِمام ابن عاشور: " هؤلاء - أعني أصحاب الأيكة، هم أهل مدين على الصحيح، وكان نبي الله شعيب من أنفسهم، وإنما لم يقل هنا أخوهم شعيب ؛ لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة " (ابن كثير،تفسير القرآن العظيم،مصدر سابق،ج 6،ص 158 ).

ويخلص الباحث إلى القول: إِنَّ الصيغ الصرفية للاسم وفق القراءتين أفادت أنَّ الآيتين إخبار عن أصحاب الشجرة الذين أُرْسِلَ إليهم سيدنا شعيب عليه الصلاة والسلام، وهم أهل مدين، قال المقريزي: " وقال أبو عبيد البكري: الأيكة المذكورة في كتاب الله تعالى التي كانت منازل قوم شعيب "، (المقريزي، ،المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ج 1،ص 346).
قال الزجاج: "أهل المدينة يفتحون على ما جاء في التفسير أنَّ اسم المدينة التي كان فيها شعيب لَيْكَة ". (الزجاج، معاني القرآن وإعرابه، ج 4،ص 98 ).


ليكة، القراءات المتواترة، الدلالة الصرفية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع