الازمة الاقتصادية في العراق الاسباب والحلول المقترحة.
د. ملاك عبد اللطيف التميمي | Dr. Malak Abdullatef Al-tamimi
16/05/2020 القراءات: 3551
دلقد خلفت جائحة كورونا اثارا اقتصادية انكماشية بسبب عمليات الحجر وغلق المصانع وتوقف حركة النقل والسياحة في مختلف بلدان العالم، وقد ادى ذلك الى انخفاض الطلب العالمي على النفط، وتزامن ذلك مع ضعف تنسيق اوبك وشركائها في تقليص معدلات الانتاج بشكل مناسب لتفادي انهيار اسعار النفط، الامر الذي ادى الى تراجع ايرادات النفط العراقية الى دون المستويات التي تطبعت عليها الموازنات العراقية منذ سنوات، اذ ان موازنة العام 2020 بنيت على سعر 56 دولار للبرميل، مع ذلك فان العجز المخطط كان 50 ترليون دولار، فانخفضت الايرادات النفطية الى دون الربع (من 6 مليار شهر شباط الى اقل من 3 مليار شهر اذار والى قرابة 1.4 مليار دولار شهر نيسان الماضي) والان ومع اقتراب الاسعار من 20 دولار للبرميل ظهر قلق شعبي كبير من امكانية نجاح الحكومة في الوفاء بما عليها من التزامات مالية تجاه موظفيها ومتقاعديها والمشمولين ببرامج الحماية الاجتماعية والاعانات الانسانية، ومن هذا المنطلق فاننا نرد هذا التلكؤ الى ثلاث اسباب رئيسية جاءت نتيجة للسياسات الخاطئة ، وتتمثل اسباب الازمة الاقتصادية الثلاث بـ:
1- الاعتماد الكامل على النفط : فقد اعتمد الاقتصاد العراقي على النفط كسلعة مُصدرة فقط دون تفعيل الصناعات النفطية، اضافة الى اهمال القطاعات غير النفطية ، وعدم التحوط من تقلبات اسعار النفط رغم تكرارها وكونه المورد الاكبر ،
2- عدم انشاء صندوق سيادي: فلا يوجد ضير في الاعتماد الكلي على النفط بشرط اعتماد السياسات الاستباقية للازمات المالية الاقتصادية فقد نص الدستور العراقي لعام 2005 في المادة (111) منه على ان : ((النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات)) كما ان القانون الدولي العام يعد الثروات الطبيعية ملك الشعوب، وليست ملك الحكام ، وان الدولة ما هي الا اداة للإدارة والتوزيع والتطوير، وذلك حسب قرارات منظمة الأمم المتحدة ومنها قرارها المرقم 1803 في 14/12/1962تحت عنوان (السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية)، الذي أكد وجوب احترام حق الشعوب والأمم في السيادة الدائمة على ثرواتها ومواردها الطبيعية وفقا لمصلحة تنميتها القومية ورفاه شعب الدولة المعنية، كما أكد القرار على مراعاة حسن النية في امتثال الدول للإتفاقيات المتعلقة بالاستثمار الاجنبي بشأن الموارد الطبيعية، لكن بالرغم من مطالبات المختصين لم تقم الحكومات المتعاقبة منذ صدور الدستور ولحد الان بإنشائه حتى عندما مرت بزمن الوفرة المالية ، وهذا الصندوق موجود في معظم دول العالم وجميع دول الخليج.
3- اعتماد سياسات اقتصادية عكسية (مقلوبة) لمواجهة الازمات المالية والاقتصادية، وعدم الاخذ بالدراسات التنبؤية والمختصة وعدم الاستفادة من التجارب السابقة .
وفي الحقيقة لا توجد حلول مثلى لواقع الاقتصاد العراقي نظرا لما لحقه من تشوه واختلال هيكليي لكن هنالك جملة من الاجراءات الترقيعية التي قد تسعف العراق وتقلص تأثيرات الازمة الاقتصادية والمالية الراهنة، وهي حلول آنية يمكن اللجوء اليها في الظرف الراهن، وتتمثل بعدة اجراءات اهمها :
1- استرداد الاموال العراقية المجمدة في الخارج لتمويل العجز المالي الحكومي، فقد قدرت دائرة استرداد الأموال العراقية في هيئة النزاهة، الأموال المستحقة بأكثر من 87 مليار دولار. علما بأن القوانين العراقية تخول صندوق استرداد الأموال ودائرة الاسترداد التي تشكلت عام 2011 في هيئة النزاهة، العمل على استرجاعها.
2- الاقتراض الداخلي: فتستطيع الحكومة ان تلجأ الى الاقتراض الداخلي نظرا لان تمويل الموازنة الحكومية بالدينار العراقي ولا داعي للاقتراض الخارجي، وقد تجاوز العراق ازمة عام 2014 في حكومة العبادي بتلك الطريقة دون خفض الرواتب او اعتماد اجراءات تقشفية حادة.
3- اصدار سندات حكومية بمزايا عالية للجمهور لتمويل العجز المالي وتحجيم الاكتناز المتزايد لدى الافراد، وايضا لتعظيم الادخار على حساب الاستهلاك الذي يضغط باستمرار على احتياطي البنك المركزي العراقي.
4- تغليظ القوانين بحق شركات الاتصالات وغيرها لتسوية الديون الحكومية، فلا يعقل بان تحقق هذه الشركات ارباح بالمليارات ولا تسدد ما عليها من ديون بسبب فساد بعض الجهات الحكومية.
5- التفاوض مع الدائنين لتأجيل دفع اقساط وفوائد الدين العام الخارجي لحين انفراج الازمة الاقتصادية والمالية القائمة.
6- تعظيم الايرادات غير النفطية فورا وعلى راسها المنافذ الكمركية، وقد يحقق العراق 10 مليار دولار عائد على الاقل إذا ما احسنت الحكومة ضبط هذه المنافذ بحسب مختصين ، وخصوصا منافذ الاقليم.
7- رفع الرسوم الكمركية على السلع الكمالية (بشكل كبير) لرفع العوائد المالية من جهة والحد من نزيف العملة الاجنبية الضاغط على احتياطي البنك المركزي جراء استيراد هذه السلع من جهة اخرى.
8- تسوية الحسابات المالية مع الاقليم واسترجاع الاموال الاتحادية، كون الاخير يستلم حصة كبيرة من الموازنة دون تسليم دولار واحد، خصوصا الخرق الذي حصل بموزانة 2019.
9- اعادة النظر في جولات التراخيص النفطية بشكل يتناسب مع الواقع الجديد لأسواق النفط وتقليص الحصة التصديرية للعراق ضمن اتفاق اوبك الجديد (اوبك+).
10- اعادة النظر بالتخصيصات المالية في كافة ابواب الموازنة وخصوصا المتعلقة بالنثريات والبعثات الدبلوماسية وغيرها من جيوب الهدر غير الضرورية كالممثليات والبعثات الدبلوماسية غير الضرورية .
11- اعادة النظر في سلم رواتب الدرجات الخاصة والغاء الامتيازات والرواتب التي تمنح لفئات خاصة ، والعمل على تدقيق قاعدة البيانات لرصد رواتب الفضائيين ومن يتقاضى أكثر من راتب في الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.
صندوق سيادي، قطاعات غير نفطية ، سياسة استباقية، أزمة اقتصادية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
اهم المصادر التي تم الاعتماد عليها 1- الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 2- قانون النفط والغاز العراقي لسمة 2007 3- تعليمات الامم المتحدة رقم 1803 في 14/12/1962، منشور على صفحة الموقع الرسمي للامم المتحدة على الرابط : https://search.un.org/results.php?ie=utf8&output=xml_no_dtd&oe=utf8&_ga=GA1.2.1454669959.1589428747&_gid=GA1.2.1263555221.1589428747&_gat=1&query=%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9+%D8%B1%D9%82%D9%85+1803+%D9%81%D9%8A+14%2F12%2F1962&tpl=un&lang=ar&rows=10 4- د. نبيل بو فليح ، اهمية استحداث صندوق ثروة سيادي،مطبوعات جامعة بلشف، الجزائر. 5- , Fbio scaccevellani & massimiliano Castilli, The New Economic , Sovereign wealth Fund institute, published by willy , 2004. 6- PhD Javier Capapé, , Sovereign wealth Fund 2019, published by Ie, 2019.
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة