الوجود و الهوية بين الإختيار و الجبر(3)
عمران بن شعبان بومنجل | omrane ben chaabene bouminjel
04/11/2020 القراءات: 1668
لا يزال الجدل مستمرا في ظل تسلط للأسئلة عن ماهية الولادة ما يدفع الإنسان إلى الشك فيها أو تجاهلها أو إشمئزاز منها كما ورد في رواية الأبله : " لو كانتْ ولادتي مرهونةً بإرادتي، لرفضتُ الوجودَ في ظلِّ ظروفٍ ساخرةٍ إلى هذا الحد ! " قد يملك الأديب الروسي باعا في الحق من حيث فهمه للأشياء متجاوزا كل تفسيرات الأمل و متباكيا على حائط العدم فكيف يعبر الأبله على حد تعبير دوستوفسكي عن هكذا مفهوم . أهو خساسة في قيمة المعنى و نذالة المفهوم المنشئي أم صعود للفكاهة على سطح التفسير ... ربما . لكن هذا يقودنا إلى أعمق من المنشأ و الحدثان إلى الوجود كقيمة ثابتة تأصيليا متفرعة بين تفسيرات أقل ما يقال عنها أنها رغبة في التواجد حين طغى الجمود.. الوجود بمعناه المتنازع فيه بين حضور جسدي تمثيلي لما ركن في السماء الطاهرة الأفلاطونية حينها انت لست سوى تجسيد للفضيلة المنزلة أو أنك هيأة الحقيقية الكونية على العالم الأرضي ما يقتضي أن يكون الإنسان أكبر من الوجود فلولاه في عالمه المثولي لما كان للوجود تجلي . هنا أنت أيضا غير طامع في الوجود بل حتمية الأخير تقتضي منك تواضعا للنزول و هيأتك البشرية ليست سوى وعاء للروح الفاضلة الراسخة المعلقة بين أبجديات السماء.. أما الكوجيتو الديكارتي فقد أبطأ به السير واقفا على عتبات التفكير و التخمين مؤكدا على رهنية الوجود للعقل جاعلا منه منبع ان يكون للفرد تجلي في خريطة الموجودات أو هو بصفة نظنها قصدية انه يختصر الوجود في الذات البشرية المفكرة . فقوله أنا أفكر إذا أنا موجود لا يغدو أن يكون إلا فجوة في التمنطق فبضدها تتعرف الأشياء و ضد الكوجيتو أنني عندما لا أفكر إذا حتميا لست موجود وهنا اللفظ بعيد البعد عن الحصر و الإختصار فقارن إن شئت بقولك أنا لا أوجد إلا إذا فكرت أو لا وجود إلا بالتفكير . فقوله فيه تقديم صارخ للعقل على الوجود و ماهية العقل أين كانت قبل الوجود يعني أنه سبقت فترة فيها الإنسان فكر إلا أنه لم يوجد و وجوده هو حدثان عن الفكر ... أيعقل أن تفكر و أنت عدم ... العقلانية الديكارتية بما فيها من تجاوز للتجريد و المادية المحضة في حد ذاتها تستسقي وجودها من التجريد الاصل : العقل و الفكرة .. كيف تسأل عن موجود وجوده متنازع فيه و ماهيته مختلف فيها .. ما العقل ؟ ما الفكرة ؟ ما التفكير ؟ كلها مواطن اللامحسوس من الأشياء أيستفسر عن مجهول بما هو أجهل منه .. ربما .. لكن في مراكز التأهيل النفسي يدعونه بالجنون و بصفته من عقلاء قد يحمل صفة الجنون المعقول .
الوجود و الهوية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة