لقد وضعنا البط في الصف : استعدوا
03/06/2020 القراءات: 4808
يقول فليسوف الحضارة العربية والإسلامية مالك بن نبي
" التوجيه:قوة في الأساس، وتوافق في السير، ووحدة في الهدف "
شروط النهضة: ص 78.
يسمح التوجيه بوضع الإنسان في موضعه اللائق، الذي يستحقه ليس فقط لممارسة رسالته العادية في الحياة، ولكن انطلاقا من مسؤوليته التاريخية التي تضعه على هرم الجهاز التربوي الاجتماعي والسياسي والتنظيمي، ومعه كل شبكة العلاقات الاجتماعية التي تكون ميلاد مجتمع فاعل، يمارس مهمته الحضارية بامتياز، وتنقله من مجرد كتلة لحمية متحركة إلى مركز الشاهد على الفعل الإنساني وممارسته، هذا التوجيه هو الذي يكفل في رأي - مالك بن نبي- الحفاظ على الجهد المنظم الذي يدفع إلى استغلال الطاقات التي لا تجد من يحتضنها، وينظم مسيرتها، ويوحدها نحو الهدف المنشود، بالتطلع للمستقبل ومواجهة الحاضر، واستيعاب التاريخ، إن التوجيه يسمح بالتوزيع العادل للمواقع، والوقوف على القواعد الصلبة التي تنطلق منها وسيجتمع الجهود لتكون جهدا متكاملا يبدأ من حيث انتهى الآخرون، كما يتيح المؤسسات والمجتمعات لصناعة الاستشراف، وذلك بالتخطيط الاستراتيجي الذي تكفله الموارد والإمكانات المختلفة، وبمراجعة الأهداف والسياسات والقيم، ووصولا إلى رسالة المؤسسة ورؤيتها وإشراك أعضائها في حفظها والحفاظ عليها، وهذا ما نتمناه من منصة أريد التي نريد، وقد قال أحد الغربيين إبدأ وعينك على النهاية، إن مما يسعد المرء أن منصتنا في دولة تمتلك هذه الثقافة فقد استطاعت ماليزيا أن تحقق رؤيتها مابين (1986-1995) كإحدى الدول الصناعية بل إن معدل النمو وصل إلى ( 8%)
كل خطوة تخطوها يجب أن تدفعك في الاتجاه الصحيح ، والمعرفة لا تكفي دون تطبيقها، كما أن الرغبات لا تتوقف على عملية الإحصاء فقط، بل تتجاوزها إلى العمل، حتى في اللحظات التي تفقد فيها توازنك، وتتأزم الأمور، وتصبح الحياة في غاية الصعوبة.
يقال إن كلمة أزمة في اللغة الصينية تتكون من حرفين :أحدهما يعبر عن الخطر والثاني يعبر عن فرصة ، فالشدائد هي التي تكشف العبقرية، ولنا في التجارب خير مثال، وحتى في اللحظات التي نضع فيها الخطط فإننا ملزمون بمراقبتها لأنها قد تكون عكسية في بعض الأحيان .
ومن الكتب الرائعة، طالعتها منذ فترة، والتي تعتبر بمثابة الترياق الصحيح لمفكرين واستراتيجيين ضلوا الطريق، رغم وجود خطة إستراتيجية بسب الفرضيات، التي قد تبنى عليها الخطة في حد ذاتها، وبأسلوب ساخر أحيانا يقدم الكاتب رؤاه ، ومنها ذلك العنوان الذي وضعناه كعنوان لهذه المدونة وهو يدخل في عمق التفكير الاستراتيجي. " الوهم التاسع : لقد وضعنا البط في الصف: لدينا شبكة معقدة من العلاقات".
يذكر ويليام ب، روس – و الكاتب مستشار وأستاذ ومؤلف- في كتابه " لا تتسرع بالحلول" :ثلاثة عشر وهما في إستراتيجية التفكير، وعربه (مروان حمادي)، وصدر عن مكتبة العبيكان (1422/ 2001).
ومغزى الفكرة أن التنفيذ السيئ لها هو سيد الموقف، تنتهي حسب زعمه إلى وضعها على الرف، والوهم هنا بأنه من الممكن تنفيذ الخطط بسهولة، ويشير في ثناياه على حسن استخدام شبكة العلاقات مع التركيز على كسب العملاء بإدخال عنصر السرور كعنصر فاعل في الخدمة ومتابعة مسار الخدمة؛ فقد تتغير الأدوار ولن تجد نفس اللاعبين ويلزمك تسويق قصتك لآخرين جدد، ورغم هذا كله فالوهم يكمن هنا بالنجاح فيما يسميه : " صف البط " لقد تمت معرفة جميع اللاعبين واهتمامهم، كما تم إقناعهم بالفوائد والعروض، المشكلة هي - وهذا من خصوصية البط- أن بقاءه مصطفا ليس ميلا طبيعيا عند هذا الطائر الداجن وبالتالي عوض أن تجعل البطات تقف في الصف فستتركها مصطفة ومن الصعب عليك أن تصنع بطا لا تراه يقف في الرتل، وقد تكتشف فجأة أن البطات خرجت من الصف، أو ظهرت بطات جديدة
وينتهي المؤلف في نهاية المطاف على حل بوضع بطات جديدة ويشترط فيها عنصر الجودة :بطات جيدة تقف في الصف
.والغاية من كل هذا أن لا تطمئن إلى خططك، وعليك أن تغير باستمرار للحصول على النتائج القوية واستغلال كل "الأطراف الوسيطة" على حد تعبير الكاتب مع الفارق أن المجموعة الأساسية تدخل السرور إلى قلوبها( بطات جيدة)، بينما المجموعة الثانوية تكتفي بكسب دعمها .
إن مراجعة الخطط السابقة والحالية أمر في غاية الأهمية، فقد تغفل في لحظات فتضيع منك فرص كثيرة ناهيك التقاعس والاستسلام أو التقصير في التنفيذ وعدم اصطحاب المسؤولية، وغياب الرؤية، والانشغال بالقضايا الهامشية على حساب المحطات الكبرى، والعناوين الرئيسة، ولنا في تاريخنا غير عبرة ، فلم يكن هولاكو بطلا إلا بالاستفادة من عوامل الفوضى السياسية والأخلاقية، وبالمقابل -وبه نختم - فقد استفاد محمد الفاتح من الجدل البيزنطي الفارغ وقلق الأسرة الحاكمة فضلا عن مميزاته كقائد يتمتع ببصيرة نافذة، وحكمة بالغة، إرادة قوبة، وعزيمة عالية،وروح شفافة، وتضحية منقطعة النظير، وتدريب متسمر، وحسن اختيار المواقع، والتخلص من كافة البرامج والفيروسات الضارة التي تعيق منصته للوصول إلى هدفها المنشود
وهو ينشد :
ماض وأعرف ما دربي وما هدفي.
التوجيه، التخطيط، الاستراتيجية، الوهم ، أريد
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع