مدونة د . محمد ابراهيم حسن عثمان
تطوير الذات، وبناء الثقة( نظرة تأملية في الوحي النبوي )
د . محمد ابراهيم حسن عثمان | Dr.Mohamed Ibrahim Hassan Othman
26/11/2020 القراءات: 5028
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله من خلال السنة النبوية الشريفة هناك كثير من الأحاديث تجمع جوانب الشخصية الناجحة والإيجابية . والسنة النبوية هي وحي من الله سبحانه وتعالى يقول النبي ﷺ:( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ) وهذا يعني: أن الله أعطاه وحياً آخر هو السنة التي تفسر القرآن وتبين معناه، كما قال الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44] فقد أوحى الله إليه القرآن وأوحى إليه أيضاً السنة. فالأحاديث القدسية والأحاديث النبوية كلها وحي من الله لكنها وحي بالمعنى وألفاظها من عند النبي عليه الصلاة والسلام. {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم: 3، 4] وسنتكلم عن أربعة أحاديث فقط هي خلاصة أربع دورات تدريبية في التنمية البشرية لأربع مهارات ( أو سلوكيات )مهمة جداً للإنسان ، تجمع أصول الأخلاق والأدب... المهارة الأولى : (احترام خصوصية الآخرين ) والفضول هو التدخل في شئون الاخرين ؛ فالمسلم الفطن لا يتدخل في شئون الناس عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» جامع معمر بن راشد (11/ 307) فهذه مهارة يحتاجها الفطن وسلوك حميد ليريح غيره وتستريح نفسه ، فلا يسبب الحرج لنفسه مع الناس ، ولا يسبب للناس الإزعاج والضيق.وبعض الناس لا يستطيع مقاومة نفسه في الاطلاع على أمور الآخرين المهارة الثانية : (مهارة التحكم في النفس) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: مُرْنِي بِأَمْرٍ، وَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ حَتَّى أَعْقِلَهُ، قَالَ: " لَا تَغْضَبْ "، فَأَعَادَ عَلَيْهِ: " لَا تَغْضَبْ " مسند أحمد ط الرسالة (14/ 357) التحكم في النفس سلوك لا يملكه كل أحد فمن يفقد ذلك يؤدي به إلى الحماقات والرسول لاحظ الغضب في عيني الرجل حتى أن الرجل عاود السؤال أكثر من مرة " فردد مرارا ، وكأن الرجل كان ينتظر ردا آخر من الرسول ولم يتوقع ذلك الرد فأعاد السؤال لعله يسمع أمرا آخر ، وبالفعل الغضب المفاجئ ،والانفعال يعود بالتعب والضغط على أعصاب الإنسان الغضوب ، وقد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض المزمنة ، ويكلفك مؤنة الاعتذار( وإياك ومع يُعتَذر منه) وقد لا تستطيع ذلك ، والكلمة تملكها طالما لم تخرج ، فإذا خرجت ملكتك فانتبه المهارة الثالثة مهارة إخراج الكلام الطيب من اللسان قال تعالى : {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْل} [الحج: 24] عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» الأدب المفرد مخرجا (ص: 49) بعض البشر تعود على قبيح الكلام فلا يستطيع إخراج كلام طيب وهذا حرمان وقد ينطق الإنسان بكلمة واحدة ويكون فيها هلاكه ، أو تتسبب هذه الكلمة في عداوة الناس له ، دون أن يدري ، أو يوقع الخصام والتنازع بين طرفين بسبب هذه الكلمة التي لا يلقي لها بالا ، وكان أولى به الصمت في هذا الموقف ، لذلك أقول: إن ضبط اللسان مهارة تحتاج تدريبا من المرء مرارا وتكرارا . المهارة الرابعة : (مهارة سلامة القلب) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 236) سلامة القلب وعدم الحقد والتنازع بين الناس هي من أهم أسباب الأمن الداخلي للإنسان وللمجتمع ، وهذه من أصعب الأعمال القلبية ، لذلك دخل إبليس من هذا الباب لقابيل حتى قتل أخاه ، ومن تمكن اليقين في قلبه علم أن ما كتبه الله له سيأتيه لا محالة فعلام الحقد والحسد ؟! لذلك الآية : {وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: 10] لذلك كل صباح ومساء تتمنى الخير لنفسك ولغيرك من الناس بقولك وصية الرسول : عن ابْنِ غَنَّامٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، إِلَّا أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ "، السنن الكبرى للنسائي (9/ 8) نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا وأن يصلح حالنا
مهارة ، تطوير ، السنة ، النبوية ، سلوك
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع