سيكولوجية التعايش الصحي مع فايروس كورونا
31/05/2020 القراءات: 2009
أفرزت الازمة الصحية التي يعيشها المجتمع الدولي بصفة عامة والمجتمع العربي بصفة خاصة أنماط وصور جديدة لحياتنا اليومية وفرضت علينا إتباع سلوكات نمطية محددة ودقيقة حفاظا على صحتنا وصحة أهالينا ومجتمعنا، واجبرتنا على تغيير نظرتنا الى التفاعل والتواصل الإجتماعي ، وحدث شرخ كبير في البنى الاجتماعية وفي الدور الوظيفي الذي كانت تلعبه كل وحدة من وحدات النسق الاجتماعي المفتوح، خاصة في المجتمعات العربية التي تتميز بالتلاحم والتآزر والتناغم الاجتماعي دون غيرها من المجتمعات الأوروبية والأمريكية، هذه التحولات البنائية والوظيفية أثرت على الجانب السيكولوجي للأفراد وأصبح المجتمع العربي يعيش تحت ضغوط نفسية ومهنية رهيبة، والتي من شأنها أن تساهم في ظهور العديد من مظاهر الاضطرابات النفسية وأعراض سوء التوافق والتكييف النفس اجتماعي وهذا ما يجعلنا نتسائل عن كيفية التعايش الصحي في ظل حياة موبوءة وفايروس مستوطن؟
التعايش الصحي:
نقصد التعايش الصحي تقبل الوضعية الصحية والإيمان بأننا نعيش في محيط موبوء يحتاج إلى إجراءات وقائية إحترازية، داخل البيت وخارجه.
كما أن التعايش الصحي هو إقناع النفس بأن الفايروس أصبح من مكونات البيئة التي نعيش فيها، ولا يمكنه أن يعيق حياتنا ويوقف عجلة الحياة، خاصة وأننا نملك وسائل الوقاية وندرك أساليب وطرق تجنبه.
وانطلاقا من ذلك بإمكاننا أن نعيش ونستمتع بحياتنا بعيدا عن الدعر والهلع والفوبيا الصحية، ونرسم صور جديدة لحياة صحية ملؤها التفاؤل والأمل والتطلع إلى مستقبل أكثر أمن وأمانا.
إدراك الخطر:
لا شك أن فايروس كورونا أرعب القوي والضعيف وأصاب الكبير والصغير وقتل الطبيب والمريض، وهو ما زرع الخوف في النفوس، وأقلق المختصين والباحثين، وأصبح المواطن العادي يتابع باهتمام أخبار الدواء المنقد الذي سوف يخلصهم من شبح المرض القاتل، وهو ما يوحي بمدى إدراك الأفراد لخطورة الفايروس، ولتأثيره على الحياة اليومية بمختلف مجالاتها.
ومن المفارقات العجيبة التي نلاحظها كمختصين في الحقل السيكولوجي أن إدراك الأفراد لخطورة الفايروس لم يكسبهم لغة التحدي والتصدي، فمن جهة لا نريد أن نموت موتة كورونية ومن جهة أخرى فمن حقنا أن نخرج ونتسوق وتنتنزه في الساحات العمومية والحدائق وأماكن التسلية والتنزه، وكل هذا دون مراعاة شروط الوقاية اللازمة في هذه المرحلة والتي تنادي بها مختلف الهيئات والمؤسسات الصحية والإنسانية وحتى الدينية كذلك.
واذا تأملنا في بعض صور الحياة اليومية تجد هناك من يلبس نظارات تقيه من أشعة الشمس وهناك من يحمل مطارية تقيه زخات المطر، ولكن من الصعب أن تقنعه بلبس كمامةتقيه من الاصابة بالفايروس، أو تعقيم يديه للقضاء على كل الشوائب والجراثيم التي قد تكون حاملة معها كوفيد 19 الذي لا نراه ولا نحس به.
إن التراخي في مثل هذه الظروف واستصغار الأمر يعكس فعلا بنية هشة للشخصية وتفكك في البنى المعرفية للفرد،كما أثر سلبا على عملية الإدراك وأزاح المفاهيم المعرفية عن صورتها الحقيقة وظهرت بذلك سلوكات غير ملائمة للمعلومات الموجودة لدى الفرد.
بعض النصائح لتصحيح ادراكاتنا المشوهة:
_ إقناع الذات بضرورة الابتعاد عن كل مسببات التراخي في التعامل مع الوضع، كرفقاء السوء، ورواد المقاهي وقطاعات الألعاب والتسلية...
- احترام شروط الوقاية داخل البيت وخارجه والسعي إلى فرضه على أفراد أسرتك.
- قراءة أو الاستماع ومتابعة حصص التوعية والإرشاد الصحي.
- تنظيم وقتك واستغلاله في مجالات إيجابية نافعة: الرياضة، المطالعة، العبادات، التسلية...
-اعتبار نفسك حاملا للفايروس وكل من هو خارج بيتك حاملا له كذلك.
وأخير حاول قدر المستطاع التقيد بضرورة التباعد الجسدي والبيني واجعل مسافة الأمان هي مسافة حبك للآخر واحترامه له.
التعايش السلمي، التباعد البيني
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
نعم ، تعايشنا مع الكورونا، واصبحت حياتنا توجسا وخيفة، تجربة قاسية ونسأل الله العافية.