الطريق إلى السعادة ......
الهادي النحوي | Elhadi ennahoui
22/09/2021 القراءات: 5148
على كل امرئ طامح في أن يعيش السعادة في هذه الدار الفانية أن يعض بالنواجذ على صفتين هما:
(الصدق، والإيمان!)
فبإمكان كل منا أن يسأل نفسه ليعرف هل هو ممن حباه الله بهذه الصفتين أم لا؟
وأسهل طريقة لمعرفة ذلك أن تخضع نفسك لامتحان سريع، فتتذكر آخر تجربة قمت بها أو محاولة وصول لأمر ما لم يكتب الله له أن يرى النور... فإن وجدت أنك قد عشت كل لحظات تلك المحاولة فخططت لها كأنها مشروع حياة، تتصور نفسك بعد قيام المشروع مستشعرا له في كل مراحله تخطط له تتوقع إيجابياته وسلبياته... فباختصار أعطيته كليتك، ثم فجأة ينتهي وقتك معه فتتذكر جميع لحظاتك فيه لترى أن نفسك كانت تعيش أدق تفاصيله وتتفاعل معه حتى وهو في مرحلة المهد:
فإن كنت كذلك، فأعلم أنك ممن حباهم الله بالصدق.
وإن وجدت نفسك كذلك راضية مطمئنة بعد انقشاع غيمة ذلك المشروع، فلا تحزن عليه رغم ارتباطك بصدق به وتخطيطك له كأنه جزء من مستقبلك:
فقد حباك الله بالإيمان.
فبالصدق نعيش التجارب العابرة بكل ذواتنا فنقدر أحوالنا بأدق تفاصيلها، ونجد في طلب كلما اعترض سبيلنا حتى وإن بدا فيما بعد أنه لم يكتب لنا، وبالإيمان نتحلى بالرضا والطمئنية فلا نحزن على ما فاتنا فلا نربط ذواتنا بالأشياء الأخرى مهما تعلق بها القلب بل نقدر ذواتنا فلا نجعل قيمتها في الأشياء بل نصرف الأشياء بعد امتلاكها فيما تحمله أنفسنا من مبادئ...
ولن نتحلى بتلك الصفتين إلا بصفاء تام مع الله ويقين بأن الأمر كله له وأن نواصينا بيده وأنه أعلم بنا وبما يتماشى معنا من أنفسنا..
ولا أرى أكثر الأمراض الأخلاقية والنفسية -حفظنا الله وإياكم- في هذا الزمان إلا من خلل في إحدى هذه الصفتين:
-فحين قل الصدق في هذا الزمان صار كثير من الناس يجعل من نفسه فأر تجربة للأحداث فيدخلها بجسده دون قلبه، فتراه يتقلب في ميادين الحياة مع إقراره بلسانه صراحة بعدم قناعته التامة بما يفعل (فالشباب يراوغ الفتيات متظاهرا بالحب مع قناعته التامة بعدم الوفاء لهن بعهوده بالزواج منهن.. والشيوخ يتقلبون في السياسة بأجسادهم يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يمتلكون القناعة التامة به..) حتى صنعنا بذلك مجتمعا أفعاله تسبح في واد وقلوبه أبنائه في واد آخر.. وهو ما نجهل للأسف انعكاسه على الصحة ونتجاهل خطورته على الدين!
-أما حين قل الإيمان صارت نهاية كل مشروع أو انسداد أي طريق تعني أسى شديدا وحزنا عميقا ونوبات من التوتر والقلق وهو ما له انعكاس مباشر على صحة الجسد يتفاقم إلى أبعد حدود المرض من ضغط واضطراب نفسي حفظنا الله..
فمن أراد السعادة فليكثر من طلب الله أن يوطن له قلبه وقالبه على الصدق، ويثبته على الإيمان ويزيده منه:
فبالصدق نقدر ذواتنا، وبالإيمان نطفئ حر الخيبة ونلتحف رداء الرضا فتكتمل أشراط السعادة وتتوطن النفس عليها مهما كان حالنا...
سلك الله بنا مسالك النجاة وجعلنا من أهل السعادة في هذه وتلك، وعجل بالفرج عن أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
السعادة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة