علم الحساب و الرياضيات عند باب مدينة العلم
احمد عباس بريسم التميمي | Ahmed Abbas Brisam Al-Tamimi
13/05/2021 القراءات: 5937
الإمام علي (عليه السلام) عالما وذو إمكانية لا يملكها احد في علم الحساب والرياضيات وخاصة التي تخص عمليات توزيع الإرث وتحصيل الزكاة والمسائل الحسابية المتضمنة كسورا .
جاء يهودي للإمام علي (عليه السلام) فقال : يا علي أعلمني أي عدد يتصحح منه الكسور التسعة جميعا من غير كسر ، وكذلك كل كسوره التسعة إلا من خمسة ، فيكون له كل من الكسور التسعة مصححا من غير كسر إلا : الثمن لربعه ، والربع لثمنه ، والسبع لسبعه والتسع لتسعه والثمن لثمنه ؟
قال عليه السلام : إن أعلمتك تسلم ؟
قال اليهودي : نعم .
فقال عليه السلام : اضرب اسبوعك في شهرك ثم ما حصل لك في أيام سنتك تظفر بمطلوبك.
فضرب اليهودي سبعة في ثلاثين فكان الحاصل (210) ، فضرب ذلك في (360) فكان الحاصل ( 75600) فوجد بغيته ، فأسلم .
في كتاب ( مشكلات العلوم ) للتراقي وعن شرح بديع بن المقري . أنه : جاء إلى علي - عليه السلام - ثلاثةُ رجال يختصمون في سبعة عشر بعيراً . أولهم يدعي نصفها ، وثانيهم ثلثها ، وثالثهم تُسعها ، فاحتاروا في قسمتها لأن في ذلك سيكون كسر ( أي جزء من بعير ) . فقال علي – عليه السلام - : " أترضون أن أضع بعيراً مني فوقها وأقسمها بينكم ؟ ". قالوا : نعم .
فوضع - عليه السلام - بعيراً بين الجِمال ، فصارت ثمانية عشر ، فأعطى الأول نصفها وهي تسعة ، وأعطى الثاني ثلثها وهي ستة ، وأعطى الثالث تسعها وهو اثنان ، فأصبح المجموع (9 + 6 + 2 = 17) ثم أرجع البعير الذي أضافه إلى بيته .
وفي رواية أخرى جلس رجلان يتغذيان ، وكان مع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة أرغفة ، فلما وضعا الغذاء بين أيديهما , مرّ رجل فسلّم . فقالا : اجلس للغذاء . فجلس وأكل معهم ، وأتوا في أكلهم على الأرغفة الثمانية ، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم . وقال : خذا هذا عوضاً عما أكلت لكما ونلته من طعامكما . فتنازعا. وقال صاحب الأرغفة الخمسة : لي خمسة دراهم و لك ثلاثة . فقال صاحب الثلاثة أرغفة : لا أرضَ إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين . وترافعا إلى أمير المؤمنين علي - عليه السلام - فقصا عليه قصتهما. فقال لصاحب الأرغفة الثلاثة : " عرض عليك صاحبك ما عرض ، وخبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة ". فقال : لا والله لا رضيت منه إلا الصواب , حر الحق أي خالصة . فقال علي (عليه السلام) : " ليس لك في حر الحق إلا درهم واحد وله سبعة دراهم " .
فقال الرجل : سبحان الله يا أمير المؤمنين ، هو يعرض علي ثلاثة ، فلم أرض ، وأشرت عليّ بأخذها فلم أرض ، وتقول لي الآن انه لا يجب لي في حر الحق إلا درهم واحد ! .
فقال علي - عليه السلام - : " عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحاً ، فلم ترض إلا بحر الحق ، ولا يجب لك بحر الحق إلا درهم واحد " . فقال الرجل : عرفني بالوجه في حر الحق حتى أقبله . فقال علي - عليه السلام - : " أليس للثمانية أرغفة (أربعة وعشرون ثلثاً) أكلتموها أنتم الثلاثة ، ولا يُعلم منكم الأكثر أكلاً ولا الأقل فتُحملون في أكلكم على السواء " . فقال : بلى يا أمير المؤمنين . فقال علي - عليه السلام - : " فأكلت أنت ثمانية أثلاث ، وليس لك إلا تسعة أثلاث ، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث ، خمسة عشر ثلثاً ، أكل منها ثمانية فيبقى له سبعة ، وأكل لك ثالثكما واحد من تسعة ولصاحبك سبعة من خمسة عشر ، فلك واحد بواحدك ، وله سبعة بسبعته " . فقال الرجل : رضيت الآن(1).
المسألة المنبرية :
وهي من المسائل التي تدل على بديهية الامام علي (عليه السلام) وسعة علمه وفهمه وعمق تفكيره . حيث ان زوجة سالته وهو على المنبر ، عن مسألة الارث يحار فيها الفكر وينقطع العقل ، فأجاب على الفور : صار ثمنها تسعا(2) .
والمسألة ان الرجل مات وخلف زوجة وابوين وبنتين فكيف يتوارثون وقد زادت الفرائض على الارث ، وكم تكون حصة الزوجة ؟ والمقصود بقول الامام عليه (عليه السلم) : ((صار ثمنها تسعا)) ان حق الزوجة التي هو الثمن ، صار في مذهبكم تسعا ، لانكم تقولون بعول الفرائض ، والعول هو الزيادة . وقد ذهب عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الى ان الفرائض يجوز ان تعول ، أي ان يكون مجموعها زائدا على الميراث . بينما انكر الامام عليه السلام ذلك .
روى سماك هذه الحادثة ، ثم قال لعبيدة : وكيف ذلك ؟ قال ان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وقعت في امارته هذه الفريضة ، فلم يدر ما يصنع ؟ وقال للبنتين الثلثان ، وللابوين السدسان ، وللزوجة الثمن . فقال له اصحاب محمد (صلى الله عليه واله ) : اعط هؤلاء فريضتهم : للأبوين السدسان ، وللزوجة الثمن ، وللبنتين ما يبقى . فقال عمر(رضي الله عنه) : فأين فريضتهما : الثلثان ؟ فقال له علي بن ابي طالب عليه السلام : لهما ما يبقى . هنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) رأى ان ينقص من كل فريضة شيئا بنسبتها حتى تعود الحصص بقدر الميراث ، اما الامام علي عليه السلام فقال : ان الورثة ليسوا كلهم في نفس الدرجة من حيث التقديم ، فبعضهم مقدم على الاخر . فتقدم الزوجة اولا ، ثم الابوان ، ثم الاولاد . وفي هذه الحادثة تأخذ الزوجة الثمن كاملا ، ثم يأخذ الوالدان السدسين كاملين ، وتأخذ النبتان الباقي أي ان النقيصة تطرأ فقط على اخر فريق من الورثة وهو الاولاد ، اما برأي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فالنقيصة تقع على الفرقاء جميعا ، وفي هذه الحالة يكون الجميع يأخذوا نصيبهم المفروض لهم في القران .
المصادر :
(1) محسن الأمين " أعيان الشيعة " ، دار التعارف : 343 .
(2) معادن الجواهر للسيد محسن الامين , ج 2 ص 247 طبعة اولى دمشق .
الحساب ،الامام ، علي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع