مدونة زينب صلاح إبراهيم علام


أزمة المصطلح من التلاقح اللغوي إلى الغزو الثقافي.

زينب صلاح إبراهيم علام | Zinab Salah Ebrahem Alam


28/01/2024 القراءات: 1151  


أزمة المصطلح.. من التلاقح اللغوي إلى الغزو الثقافي. وعن مسألة التزاوج أو التلاقح اللغوي أو الإستيراد المصطلحي أو أياً كانت التسمية فمن وجهة نظري أرى أننا أمام أمر يصل لحد الاستفزاز أحيانا والاستنفار الواجب دائما؛ فإنك حين تتصفح ملفاً ما سواء أكان مقالا أو كتاباً أو غير ذلك بلُغة معينة وبين السطور تجد مصطلحاً كُتب بلغة أجنبية عنها فهو بالطبع أمرٌ مقبول متعارف عليه حتى وإن لم يَذكر المؤلف ترجمته بلغة السياق.. حيث في حال عدم معرفة القارئ المُسبقة بهذا المصطلح أو أنه قد إستُغلق عليه يمكنه البحث عنه بتلك اللغة التي كتب بها أو حتى الإكتفاء بما يوضحه المؤلف في مقالته حوله، أما أن تجد نفسك فجأة أمام كلمة مستوردة من لغة أخرى كتبت بحروف ولغة السياق فأنت لاريب أمام مسخ لايمكن التجاوز عن وجوده حياً يسعىٰ بشخوصه أمامك، ومما أواجهه أنا شخصيا في حل تلك المعضلات وفي مراحل مختلفة من حياتي، وفي محاولة لفك تلك الشفرات أني وكل فترة زمنية أصنع لنفسي مفكرة صغيرة أجمع فيها ما تناثر من مصطلحات جديدة عليّ وأبحث لها عن ترجمات وأسطر كل ترجمة أمام - مسخها - أقصد مصطلحها المستورد ليتسنى لي فهمها فيما إن صادفتني فيما بعد، فهذه إبستمولوجيا وتلك أنثروبولوجيا وهذه برجماتية وأتمتة و لدينا هنا هيراريكية... إلخ وأجدني أتسائل ماهذا العبث وكيف نسمح لأنفسنا بترقيع لغتنا بخِرق من هنا ومن هناك، وأين مجامع اللغة، وهل هي بالفعل عاجزة عن تعريب كل هذا الكم من المصطلحات الوافدة، أم أننا بتنا نستعذب التقعر مخايلة وتظاهراً بالتثاقف وإتساع المعرفة، نعم أتفق أن بعض المُعربين قد يجافيهم الصواب التام في إختياراتهم المُعَربة لبعض المصطلحات، لكن هذا لايدعو أبداً إلي التخلي عن نهج التعريب والإفهام بلغتنا الأم حين تُستورد لفظة من لغة أخرى، و مايُزيد الأمر استفزاز أن بعض تلك المسوخ المُقَعِرة للغة بعض المثقفين لها بالفعل بدائل طبيعية في لغتنا لانحتاج معها لإستيلاد مصطلح جديد لها، فما الذي يمنعنا من أن نقول "تراتبية السلطة" بدلاً عن "هيراريكية السلطة"، وما الذي يمنع أن نقول "فلسفة العلم الفلاني" بدلا عن "إبستمولوجيا العلم..."، ومامشكلة مصطلح "التحول الرقمي" أمام مصطلح "الأتمتة"، وما الضير إن قلنا "علم السلوك البشري" بدلاً عن "الانثروبولوجيا" وهكذا، ومما يؤسف له تعالي أصوات المنددين بالتعريب والمطالبين بتوسيع مساحة النقل والاستيراد من هنا ومن هناك لتغدو في الأخير لغتنا مُنسلة الهوية منزوعة القدسية التي حباها الرحمٰن إياها، بل ويفزعهم ذكر تلك القدسية التي خلدها ذكر يُتلىٰ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، نعم قد يستخدم بعضنا بعضاً من تلك المصطلحات من باب التعود والتواتر وبخاصة في أوساط التخصص الواحد في الرسائل والكتب الموجهة لأصحاب هذا التخصص، ولكن أن يصبح هذا الأسلوب سمة السجالات المختلفة بين المثقفين وطبيعة كتاباتهم حتى تلك الموجهة للعامة من غير المختصين بالعلم موضوع المؤَلف، وتأخذ تلك المصطلحات المستوردة تجنيساً شرعياً بين أروقة لغتنا الأم، وكأن هكذا يكون التطور الطبيعي للغة!، و بأن هكذا يكون التعاطي الحداثي مع مختلف أوجه التطور العولمي، فذا كيدٌ يُحاك بليل، وجب علينا التصدي له والحد من انتشاره بل والتنبيه على خطورته المؤدية إلى تأكل لغتنا وفنائها بالكلية. زينب علام


المصطلح، الغزو الثقافي، التلاقح اللغوي، الإستيراد المصطلح، التعريب.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع