مدونة نافذ سليمان عبد الرحمن الجعب


التربية على الحرية طريقاً للتحرر

نافذ سليمان عبد الرحمن الجعب | nafez soliman ljoub


22/10/2019 القراءات: 4493  


التربية على الحرية
د. نافذ سليمان
لاشك أن وجود الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين بصورة عامة ، وحصاره لقطاع غزة بعد احتلاله لأكثر من أربعين سنة ، يحتم على التربويين وواضعي المناهج الفلسطينية ، وبقية الفاعلين في المجتمع أن يرسموا خططهم لتعميق قيمة الحرية في نفوس الناشئة ، وتجسيدها في سلوكهم وحياتهم العلمية والمدنية.
ولقد "حرص الإسلام حرصاً شديداً على الحرية بمعانيها المختلفة، حرصاً يوفر للتعليم مناخاً صحياً لامناص منه إذا أردنا له نمواً وازدهاراً، والإسلام في هذا سبق كثيراً من المذاهب والشرائع سبقاً غير عادي، ذلك أن الحرية في الإسلام –خلافاً للشرائع الوضعية-ليست حكماً سياسياً فحسب ، وليست جزءاً من شريعة الإسلام ، وإنما هي في الحقيقة جزء من عقيدة الإسلام"
والأدبيات الإسلامية التي ترسخ قيمة الحرية عديدة ،ومنها قول عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص –والي مصر- في حادثة القبطي الشهيرة-"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" ،والإسلام يربي على الحرية بمعناها الشامل النظيف ، والتي تحرر المرء من كل قيد إلا قيد العبودية لله كما قال الشهيد "سيد قطب"- رحمه الله- : "فما الحرية إلا الاستعلاء بالعقيدة على جبروت المتجبرين وطغيان الطغاة . والاستهانة بالقوة المادية التي تملك أن تتسلط على الأجسام والرقاب وتعجز عن استذلال القلوب والأرواح . ومتى عجزت القوة المادية عن استذلال القلوب فقد ولدت الحرية الحقيقية في هذه القلوب" .
والتربية على الحرية مهمة يتحمل مسئوليتها الجميع ، فلابد للمناهج أن تُطَّعم بهذه القيمة ، وكذلك أن تمارس واقعاً في البيئة التعليمية ، والبيت ، ومؤسسات المجتمع ، وفي العملية السياسية وغير ذلك من أمور الحياة ، فبينما "كانت مهمة التربية في المجتمع القديم المحافظة على الوضع الذي كان قائماً فيه ، أما الآن فيجب أن تكون التربية عنصراً جوهرياً من عناصر حركة التحرير، ثم إنه لا يمكن إنكار الطابع السياسي الذي تتسم به التربية الآن".
ومما يترتب على هذه التربية المتميزة أن يكون فكرنا نابتاً من ثقافتنا وجذورنا ، لأن استيراد الأفكار دون تمحيصها يعني القابلية للاستعمار ، ومن هنا "فلا بد من أن يكون لنا أسلوبنا التربوي الذي يقوم بنقل هذه القيم من الوضع النظري إلى الواقع الحياتي، ويستلزم ذلك أن يتحقق لنا الاستقلال الفكري، فهو ثمرة من ثمرات الولاء لله تعالى حتى نصنع أفكارنا بأنفسنا، فنستعيد شخصيتنا ، فمن دون أن نصنع أفكارنا لن يكون بمقدورنا أن نصنع المنتجات الضرورية لاستهلاكنا، ولن يبنى مجتمع مستقل بأفكار مستوردة أياً كان مصدرها" .
ولتعميق قيمة الحرية لدى طلابنا فيمكن للقائمين على العملية التعليمية وباقي الفعاليات الاجتماعية كالأسرة والتنظيمات والجمعيات ووسائل الإعلام والنوادي وغيرها الاهتداء بالمقترحات التالية:
تضمين المناهج الفلسطينية قيم الحرية بصورها المتعددة ، كالتحرر من الاحتلال، وحرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع والعمل، والحرية السياسية، ولا يكتفى بإيرادها كنصوص جامدة، بل يجب ترجمتها لنشطة يومية للطلاب من خلال تشكيل الأندية والبرلمانات الطلابية.
التدريب على الحرية من خلال الحياة الأسرية، باعتماد الوالدين لمبدأ التشاور مع أبنائهم في إدارة شئون البيت العامة، والشئون الخاصة لكل فرد، واحترام وجهات النظر المتعددة، وتفويض الصلاحيات، وإسناد المسئوليات.
اعتماد مبدأ الانتخابات النزيهة الحرة في كافة صور التجمعات الفلسطينية، سواء على المستوى السياسي العام كالتشريعي والرئاسة والبلديات، أو الحزبي التنظيمي الداخلي، أو الجمعيات والمؤسسات الأهلية والنوادي وغيرها.
تشجيع وسائل الإعلام لقيمة الحرية من خلال تبني المنابر الإعلامية الحرة للرأي والرأي الآخر، وتشجيع النقد البناء الهادف في ظل الاحترام المتبادل، والالتزام بأدب الحوار والخلاف.
إعلان جائزة الدولة التقديرية لكل عمل إبداعي يقوم به فرد أو مؤسسة لتعميق معاني الحرية وقيمها، سواء كان في مجال الكتابة كالقصة والمسرح والنشيد والدراما التصويرية، أو التطبيق الميداني في عمل المؤسسة، أو الدفاع عن الحريات المفقودة.
إقامة المؤتمرات وورش العمل واللقاءات العلمية لمناقشة مفهوم الحرية بإطارها الواسع، كالحرية الفكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والخروج بتوصيات لسن قوانين ومناهج تصون قيم الحرية وتربي عليها.








التربية-الحرية-المناهج- الاحتلال الصهيوني


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع