اهمية ارتباط البحث العلمي بالتنمية والتطوير المجتمعي
أ.د حنان الصادق بيزان | hanan al sadeq bezan
18/07/2021 القراءات: 4269
لا يمكننا الحديث عن جودة البحث العلمي وارتباطه بالتطوير، دونما الحديث عن بيئة البحث ذاته أو المقومات الأساسية والضرورية لإيجاد بيئة ملاءمة تعيش فيها وتتفاعل معها عمليات البحث العلمي والتطوير، هذه البيئة تقوم على مجموعة ركائز أساسية من بين أهمها على سبيل المثال لا الحصر :ـ
1- وجود الباحث وراحته.
2- الحرية والاكتفاء الذاتي.
3- اعتبار البحث رسالة وليس هدفا ماديا.
لذا فان ملامح وقسمات سياسة وخطة وطنية لتطوير البحث العلمي، تعد غاية في الأهمية حيث ترتبط هذه الخطة برسالة البحث العلمي التي تحدد أهدافه ودوره وأهميته.
أود التنبيه في هذا الصدد لمغبة عدم وضوح الأهداف يجعل الكيان المؤسسي المعني يتخبط كمن يسبح في الفراغ، والأهداف كثيرة ومتعددة وهي تحدد سياسة البحث العلمي وأسسه، ومن مجموعة الأهداف تتآلف لصياغة رسالة البحث العلمي التي تعتمدها الدولة والمجتمع وتعمل على تحقيقها مؤسساته، وانطلاقا من الرسالة والأهداف يجب وضع خطة وطنية لتحقيق تلك الأهداف، وتنفيذ ما ورد في الرسالة إضافة لتأمين الوسائل والتجهيزات المناسبة مع التنسيق بين المراكز البحثية داخليا وإقليميا ودوليا، من اجل تأمين جميع لوازم الباحث ومقومات البحث مع الأخذ في الاعتبار التمويل والإنفاق على البحث العلمي.
من الملاحظ اليوم معظم اهتمام الجامعات عالميا يتمحور الآن حول البحوث لما لها من مردود على كافة المستويات الفردي والمؤسسي والمجتمعي، وتعمل جاهده لكي تؤتي ثمارها بالصورة المطلوبة من خلال توافر جهة مؤسسية بالمجتمع تهتم بتمويل البحوث بالجامعات، لكي يعمل القادة السياسيين من جهة لتمويل البحث العلمي وانتظر نتائجه للأخذ بها لدفع عجلة التطور والتقدم بالبلد، وبين القادة الأكاديميين والخبراء بالجامعات الذين يوجهون تلك البحوث ويعملون جاهدين مع طلابهم، لرفع مستوى الأداء وتحسين جودة البحث العلمي مع صقلهم للقدرات والمهارات، لاستيعاب التطورات التكنولوجية وجعلهم يتفاعلون معها، وان يكونوا قادرين على متابعة تعليمهم على مدى حياتهم المهنية (التعليم المستمر)، بان يكون لديهم عقلية الشراكة والقدرة على العمل ضمن فريق عمل موحد التطلعات والأهداف، ويستطيع التكيف مع عالم العمل في إطار العولمة، ان يعتبر ان الاستثمار في التعليم العالي يشكل مردودا ايجابيا على طويل الأمد.
وان الهدف عندها يتمحور حول بناء المهارات للبحث عن المعلومات وتنظيمها ومعالجتها وتحويلها للمعرفة، والاهم من هذا كله استخلاص المعرفة من اجل تطبيقها لأغراض التنمية والتحديث بالمجتمع، بمعنى أخرى ان مفهوم الجودة البحثية في مجتمع المعرفة، مفهوما يتجاوز الحصول على المعلومات وإتاحتها للجميع لتحويلها الى موارد ملموسة من المعارف النظرية والتطبيقية والأساليب ... الخ، التي تسهم بصورة مباشرة في التنمية المستدامة للمجتمع، وتضمن توفير الاحتياجات الضرورية وتكفل الحريات الأساسية للجميع.
لعله يأتي بهذا الصدد الوعي بأهمية نقل المعلوماتية كوسيلة للتنمية، تساعد في القفز الى ما بعد العصر الصناعي الذي يحتاج إنشاؤه إلى حوالي 150 سنة، بينما تحتاج التنمية عن طريق نقل التكنولوجيا المتطورة ونقل المعلومات المخزنة لدى الدول الأكثر تقدما وتطورا، واستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة إلى جيل واحد فقط يتم تكوين خصائصه الفكرية والإنتاجية والاجتماعية الثقافية بفترة لا تزيد عن ثلاثين عاما، يستطيع من خلالها إقامة أو تنظيم مجتمع جديد متطور من الناحية الفكرية والعلمية، وقادر على القيام بالمهام المطلوبة منه واستيعاب عمل المصانع والمعامل والآلات المؤتمتة، ويكفي لظهور هذا الجيل فترة من التدريب الخاص مرفقة بعملية إتاحة أو نفاذ سريع للمعلومات المخزنة في بنوك المعلومات .
ولا يخفى على القارئ المتتبع لاستقراء العصر الذهبي للدولة الإسلامية، قد كان مشتملا على التطور بجميع ميادين العلوم من الموسيقى والفنون والآداب إلى الرياضيات والفيزياء والطب...الخ، تماما مثلما كانت الثورة الصناعية في أوروبا لم تقتصر على العلوم والتكنولوجيا فقط بل كان هناك تقدم في الرسم والنحت والموسيقى والآداب وغير ذلك، أي ان التطور هو تطور كلي يشتمل على جميع الحقول المعرفة، بحيث يؤدي تطور الصناعة والتكنولوجيا إلى التطور المجتمع، ومع ذلك فان الثقل النوعي للبحوث والتطوير مرتبط بالعلوم وبالتكنولوجيا، لارتباطها مباشرة بالإنتاج وبمعدلات النمو الاقتصادي، ولأهميتها ودورهما في ميزان القوة العسكري والتكنولوجي والاقتصادي.
البحث العلمي ، تطور المجتمع
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة