استقراء لمستقبل صناعة الاجهزة الطبية بعد انحسار وباء كورونا
مهند المهداوي | Mohanad al-Mhdawi
29/05/2020 القراءات: 2030
استقراء لمستقبل صناعة الاجهزة الطبية بعد انحسار وباء كورونا
السلام عليكم و رحمة الله ...
منذ بداية انطلاق صناعة الاجهزة الطبية من قبل الشركات المنتجة في ثلاثينيات القرن العشرين و حتى الان كانت التصاميم تعتبر الاسرار الكبرى لتلك الشركات و كثيرا ما تتعرض لمحاولات السرقة او التقليد من قبل الجهات المنتجة ذات المستوى التصميمي الاقل لمحاولة كسب الاسواق العالمية او المنافسة الصناعية.
و من خلال تعاملي مع الاجهزة الطبية لمدة ربع قرن من الزمن كنت قد توصلت لقناعة ان معظم الاجهزة الطبية المصنعة لا تكلف اكثر من (5%) من السعر المعلن للبيع والذي ادى بدوره الى خلق امبراطوريات مالية عملاقة و رغم ما يتم اعلانه من تقديم معونات او تخفيضات للاسعار او تقديم هبات الا ان المدخول المالي لتلك الشركات كان يتجاوز ما يتم صرفه كثيرا و اعتقد جازما ان تلك المصروفات ضمن التبويب المالي في خانة المصاريف الجانبية اي غير الاساسية و حتى المصاريف المخصصة للتطوير و الابحاث فهي بالحقيقة نسبة بسيطة جدا و الشركات تعتمد على اصحاب الدرجات المتقدمة في الكليات لكسبهم ضمن موظفيها لتطوير منتجاتها.
و بالعودة الى جاحة كورونا التي عصفت بالجنس البشري بشكل لم يسبق مثيله في عصر التكنلوجيا و التقدم العلمي و الابتكارات التي قفزت بالبشرية نحو افاق غير مطروقة مسبقا و ما اوقف الانطلاقة البشرية هو هذا الوباء الذي اجبرنا على اعادة التفكير بالتصرفات و العادات التي تستنزف الموارد الارضية و استهلاك الطاقة بكل انواعها.
طبعا كانت هناك مبادرات انسانية متميزة لدعم المعركة ضد الوباء فمنهم من بادر بجهود ذاتية و منهم من خصص معامله لانتاج الكمامات و الاقنعة و منهم من دفع الاموال الكثيرة لدعم البحوث و الانتاج و منهم فتح المصادر العلمية و التصميمية لغرض انتاج بعض الاجهزة المنقذة للحياة لتكون متاحة لكل البشر من اجل توسيع رقعة الانتاج و السيطرة على الحاجة الملحة لتلك الاجهزة و هي اجهزة التنفس الاصطناعي (ventilator) و من خلال الاطلاع عليها اجد ان ما تم نشره و اتاحته لجميع المنتجين يحتاج تقنيات انتاجية متقدمة و يجب ان تكون ضمن مواصفات معتمدة للتوصل الى انتاج فعلي يتطابق مع التصاميم المنشورة و هنا لا ابخس حق هذه المبادرة لكن بنفس الوقت ارى ان تلك التصاميم لن تكون نافعة او مفيدة فعلا و من الافضل ان يجد المصممين انفسم مضطرين لقدح افكارهم لابتكار تصاميمهم الخاصة بهم لنتوصل الى منتجات متنوعة, تؤدي الوظيفة المطلوبة منها بكفاءة عالية.
و من باب التفاؤل اقول ان المعركة مع هذا الوباء ستنتهي بانتصار البشر ان شاء الله و السيطرة على انتشاره و ربما يجدون له علاج فعال لكن من جانب اخر فان اصحاب الافكار التي تم قدحها لا يمكن ايقافهم عند هذه المرحلة و من الضروري ان يكملوا طريق التصميم و ربما الانتاج المنافس.
هنا لابد ان نقف و نتمعن بهذه المرحلة و نحاول تحديد ملامحها و تشجيع تلك الافكار التصنيعية و دعمها لتاسيس صناعة محلية في مجال قل نضيره في المنطقة العربية و الشرق الاوسط و علينا انشاء مؤسسات علمية تركز على الفكر الانتاجي و التصنيعي و هذا سيحرك عجلة الاقتصاد و يحسن المجتمعات في كثير من النواحي منها التواصل العلمي و تعزيز الاقتصاد و تقليل المشاكل الاقتصادية و خصوصا في العراق الذي يعتبر ارض خصبة للابتكار و الانتاج لما يمتلك من موارد بشرية و مادية تؤهله ليكون في صدارة دول المنطقة في هذا المجال.
المقترحات لاستثمار فترة الحضر (لكل المختصين و الطلاب و الباحثين و المهتمين و المستثمرين):
1- البدء بتطوير القدرات في مجال الفكر التصميمي و برامج التصميم الهندسي.
2- محاولة تطوير كل ما يحيط (قلم جاف او منضدة الطعام او اي شيء يحيط بك) و دراسة جدوى تلك التطويرات لتكون اساس لتوجيه الافكار و الادمغة نحو التفكير التصميمي و التطويري.
3- تاسيس تجمعات للتواصل العلمي و التصميمي لتكون الاساس الذي ينطلق منه المصممين و لمعرفة احتياجات المجتمع بالتعاون مع خبراء البرمجة ليكون فريق متكامل من دراسة الاحتياج و وضع التصاميم و الانتاج.
4- تعزيز ثقافة تسجيل حقوق الملكية الفكرية و الصناعية للمحافظة على حقوق المصممين (سانشر قريبا موضوع خاص بستجيل حقوق الملكية الفكرية و الصناعية)
المجالات المقترحة للبدء بتطويرها و وضع تصاميم خاصة بها
1- الهندسة الطبية و صحة المجتمع
2- الزراعة
3- النقل
4- الوظائف الالكترونية و التي اثبتت اهميتها خلال فترة الوباء
5- جودة المطاعم و هو امر مهم جدا للصحة العامة
الملخص لما تقدم
بعد انحسار الوباء ان شاء الله علينا استثمار ما اضطررنا له من افكار و ابتكارات لتاسيس صناعات في المجالات المذكورة سابقا و عدم الاعتماد على استيراد كل شيء لدعم الاقتصاد الوطني و لتاسيس خبرات محلية تخدم البلد و تحافظ على الثروات بكل انواعها و يعود بلدنا مركزا للعلم و المعرفة و هذا ليس ببعيد ابدا عندما نؤمن به.
وفق الله الجميع و حفظكم من كل سوء
مهند المهداوي
بغداد - 10 نيسان 2020
صناعة الاجهزة الطبية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
موضوع المنشور جدا مهم وما اكد اهميته مالمسناه هذه الفترة العصيبة من تصاعد القيمة الاستهلاكية للاجهزة والادوات الصحية ورفع المبالغ وظهور المستغلين الذين اثروا سلبا على الحياة العامة للدول كافة فالمقترحات التي ذكرتموها يجب العمل بها لتلافي المشاكل التي يتعرض لها البلد في مثل هذه الظرف
شكرا لمروركم .. فعلا فنحن الان في العراق نشاهد تحركات نحو تاسيس صناعة هاجهزة طبية من مؤسسات مختلفة منها وزارة الصناعة من جانب و كذلك هناك برنامج تعاون مشترك بين وزارة التعليم العالي مع وزارة الصحة انا عضو في هذا الفريق و قد وصلنا لنتائج متقدمة و قريبا سيتم الاعلان عن جهاز تنفس اصطناعي و يحمل تطويرات غير موجودة في الاجهزة المتداولة عالميا و رغم ان هذا الجهاز قد طرقه الكثيرون عالميا لكنه كمشروع اولي لاطلاق صناعة محلية للاجهزة الطبية تعطينا اندفاع فكري و تصميمي لاكمال المشروع بعون الله