مدارس العيس أو المحاظر : كنز موريتانيا الخالد 2
محمد بن مولود | mohamed ben moloud
06/02/2022 القراءات: 3352
و المحظرة هي جامعة تقدم مختلف العلوم : القرآن ( حفظه و رسمه , وتجويده وتفسيره و بقية علومه ) , الحديث : متنه و مصطلحه و رجاله , العقيدة و علم الكلام و التصوف , الفقه : ( أصوله و قواعده و فروعه ) , السير و التاريخ و الأنساب , الأخلاق وآداب السلوك , اللغة و الأدب : ( دواوين الشعر , المتون النثرية مثل المقامات ) , النحو , الصرف , العروض و القوافي , البلاغة : المعاني و البديع و البيان , المنطق , الحساب و الهندسة , الجغرافيا , الفلك , الطب . ( النحوي , 1987) . ومن هذه الجامعات تخرج علماء أطبقت شهرتهم الآفاق , وكان لهم دور بارز في تطويرتعليم بلدان عربية أخرى , حيث أشار الدكتور طه حسين إلى دور ولد التلاميد (ت 1904 م ) في تطوير دروس اللغة العربية في جامعة الأزهر , كما يقول الباحثان ( الغامدي و لعجال ) , و اللذان أشارا أيضا إلى دوره الكبير في صياغة مناهج هذه الجامعة العريقة , و أشارا كذلك إلى دور أحمد بن الأمين العلوي الشنقيطي ( ت 1913 م ) في تقويم مناهج الأزهر في الفقه و العلوم الإسلامية الأخرى . ويرى الدكتور محمد المختار ولد اباه أنه من الصعب على من لم ير المحاظر أن يتصورها , ذلك أن البداوة تقترن في الذهن بالغباوة و الجهل , فالثقافة جزء من الحضارة , ومراكز العلم و التدريس تقترن غالبا بالمعاهد و الجامعات المشيدة التي اتصلت شهرتها بشهرة المدن التي تحتضنها , غير أن المحاظر فريدة في نوعها , ففي بعض أحياء البدو الذين يتبعون المراعي متنقلين من ضفاف نهر السينغال إلى وادي الساقية الحمراء تصادف شيخا كسائر البداة متقشفا في ملبسه و مظهره و لا يمتاز بشيء عن سكان الحي سوى أن ترى أمام بيته مجموعة من الشبان , يقل عددها و يكثر حسب الأزمنة تسكن تحت الشجر و في عريش من خشب و ثمام , و تعيد بناءه كلما ارتحل آل الشيخ . هؤلاء هم تلاميذ المحظرة . ( ولد اباه , 2003 ) . ويرى الدكتور ددود ولد عبد الله أن الحالة الموريتانية شهدت لأول مرة في تاريخ التجمعات الإسلامية أول بادية تتعاطى الثقافة العالمة درسا و تأليفا , و احتضنت مجموعة البدو الوحيدة التي تملك تقاليد ثقافية مدونة ومكتوبة , في حين كانت البوادي الأخرى تعيش عالة على أهل المدن . ( الغامدي و لعجال ) . و هكذا تتضح أهمية وتميز التجربة التعليمية الموريتانية الفريدة ( المحظرة ) , و كان بإمكان أصحاب القرار أن يطوروا هذه التجربة و يبنوا عليها لتقديم نموذج تعليمي مثير للإهتمام , لو أنهم وفقوا في ذلك , و الحقيقة أن قادة البلد الأوائل انتبهوا إلى هذا الموضوع لكن العبثية التي سادت ميدان التعليم بعدهم جرفت معها كل محاولات الإصلاح . يقول الأب المؤسس لموريتانيا المرحوم المختار ولد داداه في مذكراته : و نظرا للأهمية التي نوليها لتعليمنا التقليدي , و اعتبارا لشح الموارد التي يمكن لميزانية الدولة أن تضعها في خدمته , فقد اقترحت الحكومة على البنك الدولي برنامجا تجريبيا لتحديث هذا القطاع , فوافق على تمويله , وفي يوليو 1978 م كانت هذه التجربة قد بدأت , وشملت نحو 20 محضرة في الولايات الرابعة و السادسة و الثانية عشرة و منطقة نواكشوط ... ( ولد داداه . 2006 ) . و الحقيقة أن هذه التجربة كان بإمكانها أن تشكل نموذجا للمدارس الدينية المتطورة التي تحتضن تعليما عصريا متميزا , ففي معظم البلدان نجد مدارس كانت دينية و أصبحت الآن من أشهر المدارس في أوروبا و كندا و غيرها , بل إن المدارس الإسلامية في بريطانيا جاءت في مقدمة المدارس المتميزة في هذا البلد . فقد نشرت وزارة التعليم البريطانية سنة 2019 م لائحة أفضل المدارس , و جاءت 3 مدارس إسلامية في مقدمتها , حيث احتلت المراكز الثلاثة الأولى , كما حلت 8 مدارس إسلامية ضمن قائمة أفضل 20 مدرسة في بريطانيا , متفوقة على 6500 مدرسة في عموم البلاد . ( الجزيرة نت ) . كما حافظت المدارس الإسلامية في بريطانيا على هذا التفوق للسنة الثانية على التوالي لسنة 2020 م . ( الجزيرة نت ) . و تعلم هذه المدارس اللغة العربية و القرآن و العلوم الشرعية , بالإضافة إلى المنهج البريطاني . جدير بالذكر أن التعليم في بريطانيا يعتبر متطورا , و تأتي بريطانيا ضمن قائمة الدول العشرة الأوائل في مجال التعليم على المستوى الدولي . فهل يمكن للمحاظر أن تنقذ تعليمنا إذا أضفنا إلى مناهجها وسائل و أساليب حديثة ؟
المحظرة - التعليم التقليدي - تعليم الشناقطة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة