أ.د سومة أحمد محمد الحضري


المريضة الصامتة اضطرابات نفسية وطفولو قاسية

أ. د سومة أحمد محمد الحضري | Prof. Dr. Soma Ahmed Mohamed Elhadary


08/04/2022 القراءات: 3456  


المريضة الصامتة!!!
المريضة الصامتة والطبيب النفسي : طفولة قاسية واضطرابات نفسية ، "والحقيقة التي لا تُنكر أننا كُلنا إما على درجة أو حافة المرض النفسي" هذا هو قانون الصحة النفسية الذي تعلمناه فاستعرضه لنا الكاتب المبدع ألكس ميكايليديس في روايته العبقرية المريضة الصامتة والتي تبدأ بجملة لا يستوعبها عقل وهي " كان عمر أليسيا ثلاثة وثلاثين سنة عندما قتلت زوجها " والتي عمد فيها الكاتب إلى إشراك القارئ في التحليل والبحث عن سبب صمت أليسيا مقدمًا له مفاتيح الأبواب المغلقة التي تساعده في بحثه وتحليله وهي يوميات أليسيا حتى الوصول إلى النهاية الصادمة ، إنها الرواية التي تحمل بين منعطفاتها أحداث طفولة قاسية واضطرابات نفسية مشتركة بين أليسيا بيرينسون والطبيب النفسي ثيو فابر ، حيث عانا كلاهما من قسوة الأب التي تمثلت في نوبات غضب قاسية من والد ثيو ووصفه إياه بأنه بلا قيمة و جالب للعار والفشل الأمر الذي دفعه إلى إدمان الماريجوانا ومهد الطريق لظهور الاضطرابات النفسية وتلقي العلاج على يد المعالجة النفسية "روث " بينما كانت كلمة والد أليسيا لها " أنتِ لا تستحقين العيش " موت حقيقي بالنسبة لها ، كلما تعمقت وقرأت تفترض افتراضًا يشعرك أنك تقترب من الحقيقة ثم تدرك أنك ما زلت في البداية فتنفي ما افترضته سالفًا حتى تُصدم بالنهاية التي تجعل العقل يتوقف لثوانِ ، تعمل أليسيا بيرينسون رسامة مشهورة تعيش حياة زوجية هادئة وسعيدة مع زوجها غابرييل الذي كان يعمل مصورًا مشهورًا يربط بينها رابطة حب قوية وحياة سعيدة تسير حياتهما على نحو هادئ حتى يُخيل لأليسيا في أحد الأيام وجود شخص يراقبها من أمام منزلها ولم يصدقها غابرييل حتى ينتهي بها الأمر إلى قتل زوجها بالرصاص والتزمت الصمت لسنوات لم تدافع عن نفسها واكتفت خلال التحقيق معها بكتابة كلمة واحدة للتلميح هي " السيستيس " وهي بطلة أسطورة اغريقية ضحت بحياتها عن طيب خاطر من أجل زوجها حتى كان الحكم بايداع أليسيا مصحة الأمراض النفسية والعقلية " ذا غروف" خلال فترة تواجدها ينتقل إلى المصحة الطبيب النفسي ثيو فابر عن قصد لاصراره على مساعدة أليسيا محاولًا مرارًا وتكرارًا أن يجعلها تتكلم قائلاً لها أريد أن أساعدك على الرؤية بوضوح وظل حائرًا بين اقترابه من الحقيقة والبُعد عنها وبالفعل هو الوحيد الذي جعلها تتكلم باستخدامه فنية العلاج بالرسم أحب الأشياء إليها ساعده على ذلك مذكرات أليسيا بيرينسون التي تحمل بين طياتها الكثير والكثير من الحقائق حتى ينتهي الأمر أن تتكلم أليسيا موجهة إليه نظرات حادة وهجوم قوي ، فما الذي جعل ثيو فابر يحمل كل هذه المشاعر وكل هذا الإصرار لمساعدة أليسيا ؟ الأقرب إلى التفكير والعقل هو الدافع المهني إلى أن تأتي النهاية الصادمة فما أن تحدثت أليسيا على يد طبيبها النفسي حتى تم حقنها بجرعة زائدة من عقار المورفين على يد نفس طبيبها النفسي ومعالجها ثيو فابر !! والحقيقة أنها لم تكن جرعة زائدة بل كانت محاولة قتل لتدخل في غيبوبة مطولة وذلك لعدم كشف حقيقة ثيو فابر وهو أنه الشخص الذي كان يراقب أليسيا واختلق المشهد للمواجهة ودفعها إلى قتل زوجها الذي كان يخونها مع كاثي زوجة الطبيب النفسي ثيو فابر !!! وعندما خيره ثيو بين موته أو موت زوجته أليسيا كان اختيار غابرييل العيش والبقاء لتتمثل صورة الزوج مرة أخرى في ذهن أليسيا بصورة أبيها الذي أصدر حكمه عليها مسبقًا باستحقاقها الموت ، والواقع صدقًا أن أليسيا لم تقتل زوجها بل هو الذي قتلها.
تلك النهاية الصادمة تجعلك تقف عاجزًا عن الاستيعاب والتفكير وتلتزم الصمت لوهلة ثم تتساءل ما هذه اليقظة العقلية التي مكنت الكاتب من كتابة روايته بهذا الإبداع و ما هذه الحبكة الروائية؟ حتى تنتهي حواراتك الداخلية بجملة واحدة " كيف فعلها هذا العبقري لقد أبدعت ألكس ميكايليديس فشكرًا لك "
ونؤكد على الحقيقة مرة أخرى " كلنا مرضى نفسيين بدرجة أو بأخرى و لا أحد فوق الاضطراب النفسي كلنا سواء مريض ومعالج" !! ✋🌹


المريضة الصامتة - المعالج - المشترك بينهما


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع