مدونة أ.د حنان الصادق بيزان


أهمية الوعي المعلوماتي في مجتمع المعلومات والمعرفة

أ.د حنان الصادق بيزان | hanan al sadeq bezan


15/07/2021 القراءات: 9867  


 أهمية تعزيز مفهوم الوعي المعلوماتي: -
لا شك ان ما فرضته التطورات التكنولوجية على التعليم والتعلم من متغيرات جعلته ينحو جانب الاستثمار المعرفي، حيث أصبح المتعلم من هذا المنظور هو ذلك الفرد القادر على امتلاك التصور والرؤية المستقبلية، لمواجهة المشكلات والتحديات. لذا تمركزت اهتمامات نظم التعليم الحديثة حول تيسير سبل تفاعل الأفراد مع مصادر المعلومات والمعرفة، وتنمية أنماط التفكير لديهم وصقل مهاراتهم، اللازمة للتعاملات الحياتية المختلفة في خصوصيات الثقافة وعمومياتها.
ان القيم والمهارات التي يتم غرسها واكتسابها تظهر دلالات القيم لدى الطلاب في صورة مؤشرات سلوكية تعبر عن تطلعاتهم أو أهداف يسعون إلى تحقيقيها وبذلك يمكن إيجاد مخرجات مزودة بقدرات عملية متميزة تجعلها قادره على جعل التقدم اقرب إلى حاجاتها الحقيقية وقيمها وتطلعاتها، كما ان مجتمع المعلومات والمعرفة يتطلب إكساب الطلاب مهارات يمكن من خلالها التعامل مع أدوات المعلوماتية كما ينبغي ان يكون.
لذا فان تنمية التفكير "معلوماتيا" يتطلب محو الأمية المعلوماتية التي تستهدف بدورها وصول المتعلم لمرحلة استقلالية التعلم أو التعليم الذاتي، بمعنى أكثر دقه العثور على المعلومات وتوظيفها بفعلية واقتدار في كافة الجوانب الحياتية سواء في الدراسة والبحث او حتى كجزء من عملية اتخاذ القرارات، لذلك تمكن الطالب من إنتاج المعلومات بقدراته الذاتية نحو المعرفة وتحفيز دافعيته نحو الابتكار والإبداع، وبالتالي خلق جيل يمتلك العقل المعلوماتي، هدفا تسعى اليه العديد من المجتمعات، ويتطلب هذا بطبيعة الحال من المعلم ان يكون فعالا وان يدرك حاجة طلابه للمعلومات، ويعمل على إشباعها، والإدراك بان التعليم استثمار بشري له مدخلاته وعملياته ومخرجاته وأهدافه، وفي ضوء ذلك قد شهد قطاع التعليم بصورة عام وطرق التدريس بصورة خاصة، جدلا واسعا وملحوظا لإعادة صياغته .
من الجدير بالذكر ان مفهوم الوعي المعلوماتي يتعدى معرفة الاستخدام الحاسوبي، اذ ينبغي عدم الخلط بين معرفة استخدام الحاسوب والوعي المعلوماتي، فالمعلومات ليست مهمة في حد ذاتها، وهي فعلا لا قولا لا يمكن ان تعادل المعرفة، واستناداً لذلك فإن المقدرة على التفكير الناقد والجدلي تعد ذا أهمية بالغة، وعلى عكس مهارات استخدام مصادر المعلومات بالمكتبة، فالوعي المعلوماتي يؤكد على التفكير والاستنتاج. فهو "الوعي المعلوماتي" ليس طريقة او منهجا، ولكنه هدف يعكس قدرات الطلاب على استخدام المعلومات، كما أنه يعتمد أساساً على تطوير المعلومات وفهمها وإدراكها.
بمعنى أكثر وضوحا هو رفع مستوى الافراد او المؤسسات في مواجهة الانفجار المعرفي والاتصالات وكيفية معاونة الافراد على تحديد البيانات والوثائق والوصول اليها واستخدامها بفهم واستيعاب في حل المشكلات واتخاذ القرارات. كما يعني القدرة على تحديد وقت الاحتياج للمعلومات والقدرة على تحديد مكان هذه المعلومات ثم تقييمها واستخدامها بكفاءة وفاعلية.
وبشكل عام يمكننا الوقوف على خصائص الشخص ذي الوعي المعلوماتي، من طريق إدراكه وتفهمه بأن المعلومات الكاملة والدقيقة أساس صناعة القرار الذكي. كما انه لديه قدرة على التعرف إلى احتياجه من المعلومات، تمكنه من تحدد الأسئلة أو الطلب بناء على احتياجه للمعلومات، مما يساعده علي تطور إستراتيجيات بحث ناجحة، تترجم رغباته المعلوماتية ومن ثم يصل إلى مصادر معلومات رقمية، بمعنى مبنية على استخدامه بطبيعة الحال لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ITC)، ويقيّم المعلومات وينظم المعلومات للتطبيق العملي، ويدمج المعلومات الجديدة مع المعرفة الموجودة، ويستخدم المعلومات في التفكير النقدي وحل مختلف المشكلات التي تواجهه.
وتتجسد أهمية الوعي المعلوماتي في أن الطلاب لا يستطيعون تعلم كل ما يمكن أن يحتاجوا إليه لكي يستمروا وينجحوا في الحياة، بل لابد أن يُعلموا كيف يستوعبون أهمية تقدير قيمة المعلومات ودقتها، بمعنى أخرى إن الحلم بغَدٍ أفضل وجديد سوف يُدرك عندما يتخرج الشباب وهم مسلحون بمهارات الوعي المعلوماتي، وان معرفة الحاسوب، ومعرفة الوسائط المتعددة، والثقافة الرقمية بشكل عام، جميعها مهارات مهمة يمكن استخدامها في التعليم، ولكن ما يجب أخذه في الاعتبار ان جميع تلك المصطلحات لا تستخدم كمرادف للوعي المعلوماتي.
لذا فان الانتقال من الاهتمام بكيفية تجميع المعلومات، والتدريب على إجراءات عملية بحتة لتقصي المعلومات، هي من صلب مهام العاملين في مرافق المعلومات، وان الاهتمام بالتعبير عنها، أي "القدرة على التواصل والمشاركة في المعلومات وإدارتها وإلى التركيز على الاستفادة من هذه المعلومات، أي ربطها بالمعارف المكتسبة وإغناء هذه المعارف لبناء المعاني الجديدة تندرج هذه الرؤية الجديدة ضمن توجه التربويين لربط المهارات بالمعارف المتخصصة، إذ إنَ التعلم الفعال يحدث عندما يواجه المتعلم مشكلة ويقوم بعمل ما، ويكون من خلاله مفاهيم جديدة تضاف إلى معارفه السابقه.
لذا فان الوعي المعلوماتي ضرورة ملحة ظهرت بقوة مصاحبة لبزوغ مجتمع المعرفة مما دفع الدول قاطبة الى السعي جاهده الى تأسيس مجتمع واعي معلوماتيا حتى يساعد على تقدمها وازدهارها، باعتباره يسهم في رفع مستوى الافراد والمؤسسات في مواجهة الانفجار المعرفي والمعاونة على تحديد مصادر المعلومات وطرق الوصول اليها واستخدامها بفهم واستيعاب والإفادة منها .


الوعي المعلوماتي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


موضوع مهم جدًا وقيم نفع الله بكم دكتوره