مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
الأَدِلَّةُ عَلَى صِدْقِ الرُسُلِ
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
16/11/2022 القراءات: 2561
وَأَمَّا الأَدِلَّةُ عَلَى صِدْقِ الرُسُلِ فَكَثِيرة ، وأَعْظَمُهَا شَهَادَةُ اللهِ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ صَادِقون . قال الله تعالى : ﴿ وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ ، وقال عز شأنه : ﴿ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾ .
وقال عز من قائل عن إسماعيل عليه السلام : ﴿ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ﴾ ، وقال عن إبراهيم : ﴿ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً ﴾ ، وقال : ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ .
فسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب إلى غير ذلك من الأدلة ، فهم أصدق الخلق على الإطلاق ، عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وأيدهم بالدلائل الدالة على صدقهم في دعواهم الرسالة .
فمن أعلام نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القرآن العظيم الذي أعجز الورى كلهم ، ومثل انشقاق القمر ، وحراسة السماء بالشهب ومعراجه إلى السماء ، إلى سدرة المنتهى ، إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام ، وكفاية الله أعداءه وعصمته من الناس ، وإجابة دعائه ، وإعلامه بالمغيبات الماضية ، والمستقبلة .
فالقرآن جاء به ذكر عن آدم ونشأته وما وسوس به إليه إبليس وما وقع له من الهبوط إلى الأرض بعد أن كان في الجنة وحدثنا عن نوح عليه السلام وما لقيه من قومه من أذى وسخرية .
وما دعا الله به وما أرشده الله إليه من صنع الفلك وركوبه وإنجائه وأصحاب السفينة ودعوته لابنه وعصيانه له ، وانهمار السماء ، وتفجر الأرض عيونًا ، وغرق الكافرين ، ونجاة المؤمنين .
وأخبر القرآن عن موسى عليه السلام ، وما تم عند ولادته ، وما وقع له في مصر ، وما حدث له في مدين ، وما رآه في جبل طور ، وما كف به من أعباء الرسالة ، وما دار بينه وبين فرعون من حوار ، وما جرى من السحرة ، وما انتهى إليه أمر فرعون وملئه وموسى وقومه .
وأخبر القرآن الكريم عن عيسى وأمه عليهما السلام ، وما وقع لهما من
الخوارق ، وما صنعه لهما بنوا إسرائيل من مكائد ، وأخبره عن غيرهم من الأنبياء . قال الله تعالى : ﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ الآيات .
وقال تعالى : ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ الآية . وقال : ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ .
فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعلمها عن مشاهدة ولكن أعلمه إياها الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، وقال تعالى : ﴿ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ ﴾ .
وأخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمور غيبية عن القرآن . قال الله تعالى : ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ﴾ الآية ، وتحقق الوعد وقال : ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ ﴾ الآية . وقال : ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ ﴾ ، وقوله : ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ﴾ الآية ، فكان ما أخبر به على أتم الوجوه .
ومن هذا الباب إخباره عن مكنون الضمائر فيما أتى به من القرآن فقال : ﴿ إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ ﴾ وقال الله تعالى : ﴿ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ﴾ إلى غير ذلك من الآيات .
ومثل إخبار أهل الكتاب قبله ، وبشارة الأنبياء به . ومثل إخبار الكهان والهواتف به ، ومثل قصة الفيل ، التي جعلها الله آية في عام مولده من العجائب الدالة على نبوته .
ومثل امتلاء السماء ورميها بالشهب التي ترجم بها الشياطين ، بخلاف
ما كانت العادة عليه قبل مبعثه ، وبعد مبعثه ، ومثل إخباره بالغيوب التي لا يعلمها أحد إلا بتعليم الله من غير أن يعلمه إياها بشر . أ . هـ .
وكما أيد الله موسى بالآيات البينات ، قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ وكما أيد الله سائر رسله ، مع انضمام ذلك إلى أحوالهم الجليلة ، وأخلاقهم الفاضلة الجميلة ، من سلامة الفطرة والعفاف ، والكرم والشجاعة ، والعدل والنصح .
وقال : ولا ريب من أن من لقي الله بالإِيمان بجميع ما جاء به الرسول مجملاً مقرًا بما بلغه من تفصيل الجملة غير جاحد لشيء من تفاصيلها أن يكون بذلك من المؤمنين ، إذ الإِيمان بكل فرد من تفصيل ما أخبر به الرسول وأمر به غير مقدور للعباد ، إذ لا يوجد أحد إلا وقد خفي عليه بعض ما قاله الرسول . أ . هـ .
و ضمن الله السعادة لمن أطاعه وأطاع رسوله وتوعد بالشقاء لمن لم يفعل ذلك ، فطاعة الرسول هي مناط السعادة وجودًا وعدمًا ، وهي الفارقة بين أهل الجنة والنار ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرق بين الناس فدل الخلق بما بينه لهم .
وقال تعالى : ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ فمن اجتهد بطاعة الله ورسوله بحسب الاستطاعة كان من أهل الجنة والله يرفع درجات المتقين المؤمنين بعضهم على بعض بحسب إيمانهم وتقواهم . أ . هـ .
أَلا إِنَّ السِباقَ سِباقُ زُهدٍ
الله،الرسول، المومنون،السباق،زهد،أهل الجنة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع