مدونة د رباب فتحي عبد العزيز نجم


الاقتصاد أم الفرد سؤال يتبادر الى أذهان الكثيرين في ظل جائحة كورونا..........؟

د رباب فتحي عبد العزيز نجم | Dr Rabab fathi Abd el Aziz Negm


20/04/2020 القراءات: 3961   الملف المرفق



الاقتصاد أم الفرد سؤال يتبادر الى أذهان الكثيرين في ظل جائحة كورونا..........؟
حتى يتسنى الاجابه على هذا السؤال بداية لابد من تعريف علم الاقتصاد فهو ذلك العلم الذي يهتم بدراسة سلوك الافراد نحو اشباع حاجات متعدده في ظل الموارد المحدودة . أي أنه علم قائم على دراسة سلوك الأفراد فلا يمكن أن يقوم اقتصاد دون وجود فرد صحيح قادر على العمل ، فالأفراد هم المحرك الرئيسي لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومع ظهور جائحة كورونا ( كوفيد 19) في ديسمبر عام 2019 بالصين وانتشارها بصورة واسعه في أغلب دول العالم أدرك العالم أجمع أهمية القطاع الصحي وضروة الاهتمام به من الناحية الطبية ومن الناحية الاقتصادية . فالاقتصاد الصحي هو فرع حديث في علم الاقتصاد يعمل على تطبيق أدوات علم الاقتصاد على قضايا الرعاية الصحية ، بحيث تصبح أكثر قابلية للتحليل مع دراسة أفضل الطرق التي يمكن بها تخفيض الموارد وتحقيق التخصيص الأمثل للموارد المحدودة في ظل الاحتياجات المتعددة ، وليس معنى ذلك خفض التكاليف الصحية . لقد أغفل الكثيرون ممن ينادون بعودة الاقتصاد سريعا على حساب صحة الأفراد متذرعين بما سيصيب الاقتصاد من خسائر جمه ناجمه عن تعطيل حركة الانتاج . ما يسمى بعبء المرض وتكلفته والتى تتمثل في:
تكاليف مباشرة: يتحملها نظام الرعاية الصحية والمجتمع وعائلات المرضى في مواجهة المرض مثل تكاليف التشخيص والمعالجة.
وتكاليف غير مباشرة: تتمثل في تكاليف غير ملموسة كتكلفة الألم والحزن والمعاناه ، وتكاليف ملموسة تتمثل في الخسائر الانتاجية التي تسببها الحالة المرضية والتي يتحملها الفرد والعائلة والمجتمع .
لقد واجهت البشرية على مر التاريخ تحديات تمثلت في فاشيات أمراض معدية انتشرت وتسببت في وفاة العديد من الأشخاص مثل الطاعون في القرن الرابع عشر ، والكوليرا في القرن التاسع عشر . وفي ظل العولمة وفي عالم كثير الحركة والتنقل شديد الترابط والتداخل أصبحت هذه الأوبئه تتخطى الحدود الجغرافية وتتعداها للانتشار السريع خارج حدود الوطن . واكبر مثال على ذلك ما تعرض له العالم من الانتشار السريع لأمراض معدية مستجدة مثل المتلازمة الرئوية الحادة (سارس) ، وانفلونزا الطيور أو ما يسمى بفيروس (H5N1) ، وانفلونزا الخنازير أو ما يسمى بفيروس (H1N1) ، واخيرا كورونا فيروس (كوفيد 19) والذي حقق انتشارا سريعا في كل دول العالم مخلفا وراءه حتى الان العديد من الوفيات والاصابات .
ان الحفاظ على صحة الأفراد من الأمراض المعدية هو غاية في حد ذاتها ، وهدف أساسي للتنمية الاقتصادية . فعبء الأمراض المعدية يودي بحياة الكثير ويشكل عبئا ثقيلا على الاقتصاد والبنية التحتية للدولة. بينما الاهتمام بالصحة يمثل العكس ، وأكبر مثال على ذلك التطعيم باللقاحات ضد الأمراض المعدية يعتبر من التدخلات الصحية المنخفضة التكلفة ، حيث يساعد في منع الاصابة واطاله متوسط العمر المأمول ، ويساعد في زيادة قدرة الطفل على التعلم والتحصيل المدرسي ، وقدرته على العمل عند الكبر مما يرفع من انتاجية الفرد ويعزز امكانات النمو الاقتصادي.
ان ما يمر به العالم الآن في ظل هذه الجائحة عكس على السطح ضعف النظم الصحية في العديد من دول العالم التي تتمتع اقتصادياتها بالقوة ليدرك العالم أهمية القطاع الصحي ، وأن الاهتمام باقتصاديات الصحه وتطبيق النظريات الاقتصادية في الرعاية الصحية ، يهدف للوصول الى فرد صحيح معافى قادر على العمل والانتاج في كل المجالات من صناعة وزراعة وسياحة وتجارة ...وغيرها .
فالنهاية لا بد من الموازنه بين الحرية والحماية ، الحرية التي تتمثل في تدوير عجلة الانتاج وعودة العمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة ، والحماية ممثلة في حماية الفرد والمجتمع باعتبارهم المحرك الأساسي لأي اقتصاد على مستوى العالم ، فبدون حمايتهم واتخاذ كافة اجراءات السلامة والوقاية ستتوقف عجلة الاقتصاد ايضا في ظل فيروس خطير سريع الانتشار بين الجماعات والافراد لم يجدوا علاجا ناجعا له حتى هذه اللحظة.


اقتصاديات الصحة ، جائحة كورونا ، العولمة ، الأمراض المعدية .


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع