مدونة الجيلالي محمد


إحترام حقوق الدفاع في الشريعة الإسلامية عن طريق ضمانات الطعن في الحكم الغيابي

الجيلالي محمد | ELDJILALI MOHAAMED


26/03/2021 القراءات: 2611  


إن ضمانات حقوق الدفاع التي كفلتها الشريعة الإسلامية للمحكوم عليه غيابيا متنوعة و متعددة , و أكثر ضمانة من الحقوق التي أقرتها قوانين الإجراءات الوضعية المعاصرة , و هذه الضمانات مكفولة سواء قبل قدوم الغائب , أو عند قدومه , أثناء الخصومة القضائية , أو بعد صدور الحكم. و تعتبر الضمانات المكفولة للغائب الذي صدر حكم غيابي تجاهه من أهم الضمانات التي تميز الشريعة الإسلامية عن تلك القوانين الوضعية ،و التي تؤكد مدى احترام الشريعة الإسلامية لحقوق الإنسان بصورة عامة و حقوق الدفاع بوجه خاص . فالشريعة الإسلامية لا تربط حق الغائب في الطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي بأية مدة ,فمدة الطعن غير محددة ,فالمحكوم عليه غيابيا مهما طالت مدة غيبته ,له حق الطعن بالمعارضة في الحكم الذي صدر ضده ,و هذا بعد حضوره من غيبته ,فيرجى له كل الحجج ،( لأن إرجاء الحجج – كما يقول الفقيه و القاضي المالكي في كتابه تبصرة الحكام -للغائب لما يحكم به عليه أصل معمول به عند الحكام و القضاة و لا ينبغي العدول عنه و لا الحكم بغيره ) ؛ و عليه فإن المحكوم عليه غيابيا إذا قدم بينة مقبولة يدفع بها ادعاءات خصمه المدعي فان القاضي ينقض حكمه الذي أصدره. على العكس من ذلك فان قوانين الإجراءات الوضعية المعاصرة حددت الطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي بمدة زمنية معينة تختلف باختلاف النظام القانوني لكل دولة ، و هذا ابتداءًا من تاريخ إعلان أو تبليغ الحكم ، فإذا فاتت المدة المحددة و لم يطعن فيه أصبح الحكم نهائيا مكتسبا قوة الشيء المقضي به و قابلا للتنفيذ الجبري ؛ و عندئذ تضيع حقوق دفاع الشخص الغائب ، و بالتالي تضيع حقوقه الإنسانية ، فكم من شخص سلبت منه حريته و أدخل السجن ، و منهم من سلبت منه حياته و حكم عليه بالإعدام ، و البعض الآخر حجزت أمواله و بيعت بالمزاد العلني ، لا لشيء سوى أن هؤلاء لم يعلموا بالحكم الذي صدر ضدهم لأنه بُلِّغَ إليهم حكميا عن طريق التعليق بالمحكمة مثلا ، أو بُلّغَ إلى موطنهم عن طريق أحد أقاربهم الذي لم يسلم لهم الحكم إطلاقا ، و بالتالي حُرموا من الطعن بالمعارضة و حُرموا من الدفاع عن حقوقهم. و لذلك نرى أنه بات من الضروري على الأنظمة المعاصرة ، إسلامية و غير إسلامية ، أن تحذوَ حذو الشريعة الإسلامية و تقتدي بما كان يعمل به فقهاء و قضاة الإسلام قديما ، مع تغيير بعض الإجراءات حتى تتلاءم مع ما وصل إليه العصر الحديث و ذلك بإلغاء ما يسمى بالتبليغ أو الإعلان الحكمي و لاسيما في الأحكام الجزائية الغيابية السالبة للحرية أو السالبة لحياة الإنسان ( الإعدام ) ، مع إلغاء ربط الطعن بالمعارضة بأية مدة باستثناء إذا بلغ المحكوم عليه بالحكم الغيابي شخصيا.


حقوق الدفاع في الشريعة الإسلامية - التبليغ الحكمي - الحكم الغيابي - الخصم الغائ


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع