مدونة د. عبدالكريم محمد حسين الروضي


الموارد البشرية ...تكاليف أم استثمار؟! بقلم د.عبدالكريم محمد الروضي, الخميس 2 يناير 2020م

د. عبدالكريم محمد حسين الروضي | Dr. Abdulkarem Mohammed Hussein Al-Rawdhi


02/01/2020 القراءات: 4956  


الموارد البشرية ...تكاليف أم استثمار؟!
بقلم د.عبدالكريم محمد الروضي
تعد المعرفة العصب الحقيقي للمنظمات ووسيلة إدارية هادفة ومعاصرة للتكيف مع متطلبات العصر، إذ أن المعرفة هي المورد الأكثر أهمية في خلق الثروة وتحقيق التميز والإبداع في ظل المعطيات الفكرية كالعولمة والخصخصة وثورة المعلومات واتساع رقعة المجتمعات الإنسانية المختلفة وفي منتصف التسعينات من القرن الماضي كان انطلاق مفهوم إدارة المعرفة حيث بدأت تشهد انتشاراً واسعاً واهتماماً من قبل المنظمات واعتبرت المعرفة هي مفتاح قوة الأعمال وأن هناك قيمة تتولد عند استخدامها ولذا أصبح موضوع إدارة المعرفة من المواضيع الساخنة والأكثر ديناميكية في الإنتاج الفكري في الإدارة ولقد تغيرت النظرة المعاصرة لعناصر الإنتاج التقليدية المكونة للثروة )العمل والمواد الأولية ورأس المال ( وذلك بإضافة عنصر جديد هو المعرفة وهو العامل الأهم في الإنتاج مع التطورات المعاصرة )الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية ( مما دفع بالكثير من المنظمات الإدارية إلى الاهتمام بالمعرفة لتحقيق الميزة التنافسية وضمان النمو والاستمرار و قد ظهر الاهتمام بإدارة المعرفة واضحاً بازدياد الدراسات النظرية والتطبيقية حولها وتخصيص مجلات علمية محكمة وعقد العديد من المؤتمرات والندوات والبرامج التدريبية وتأسيس جمعيات مهنية متخصصة في ذلك ومن الطبيعي أن يتواصل الاهتمام بالمعرفة في عصرنا الحاضر بعد أن مهدت ثورة الاتصالات وثورة المعلومات والتقنيات الطريق ، وقربت المسافات ويسرت السبل لتبادل المعرفة وتجديدها .
وليس غريبا في ظل هذه الثورات أن يتضاعف حجم المعرفة وكمها كل بضعة سنوات بعد أن كانت مضاعفتها تستغرق قرن من الزمان وقد أدى ارتفاع اقتصاد المعرفة إلى الاعتماد المتزايد على الأصول الفكرية والمعرفية كمصدر جديد للقيمة التنافسية للشركات والمنظمات وتعتبر المعرفة مورد تنظيمي استراتيجي يمكن أن يكون مصدر للميزة التنافسية المستدامة وتشير وجهة نظر الشركات والمنظمات القائمة على المعرفة إلى أن المعرفة هي أساس مستدام للميزة التنافسية لأنها تكون نادرة وغير قابلة للاستبدال و تواجه المنظمات المعاصرة على اختلاف أنواعها موجة من التحولات والتغيرات المتسارعة التي تجتاح عالم اليوم وفي مقدمتها الثورة المعلوماتية والتقنية، تلك الثورة التي تعتمد المعرفة العلمية المتقدمة والاستخدام الأمثل للمعلومات المتدفقة الناتجة عن التقدم الكبير في تقنيات الحاسب الآلي والشبكة العالمية للاتصالات ) الإنترنت ( ونتيجة لتلك التحولات أصبحت المعرفة تمثل المصدر الاستراتيجي الأكثر أهمية ، بل وأصبحت العامل الأكثر تأثيرا أو سيطرة في نجاح المنظمة أو فشلها ومن الأهمية بمكان التساؤل حول ما إذا كانت المنظمات قادرة على الاحتفاط ونقل الخبرات والمهارات والمعارف الموجودة لدى العنصر البشري داخل المنظمة والذي يمثل ثروة الشركة إلى الموظفين الآخرين للحصول على الميزة التنافسية في السوق حيث ستطبح هذه المعارف والمهارات اكثر فائدة عند مشاركتها ولا يزال رأس المال البشري يشكل قوة استرشادية في الجهود المبذولة للاستفادة من إمكانات الموظفين للتميز التنظيمي وينطبق ذلك بصفة خاصة على المنظمات العامة التي تتوق إلى اجتذاب الأشخاص المناسبين للحصول على أداء متميز في سوق عمل يزداد تنافسا وتشير نظرية رأس المال البشري أيضا إلى أنه ليس جميع العاملين يمتلكون المعرفة والمهارات التي لها أهمية استراتيجية متساوية للمنظمة وبالتالي ستسعى المنظمات إلى الاحتفاظ بالموظفين وتطوير مهمتهم .
و يشكل الاهتمام وتنمية الأفراد العاملين في المنظمة وسيلة فعالة بإمكان المنظمة استخدامها من أجل تجديد نشاطها وحيويتها باستمرار والرفع بقدرتها على مواجهة التغيرات على مستوى البيئة الخارجية والداخلية لأنها تثق في القدرات العلمية والسلوكي والعملية للعاملين فيها وساهم تزايد حجم ونوعية المنافسة المحلية والعالمية بين المنظمات وتسابقها لتقديم الجيد والأفضل في السلع والخدمات لتحقيق رضا العملاء في تزايد الاهتمام وتأكيد الإدارة على الدور الاستراتيجي الذي يلعبه التدريب والتنمية في الوصول بالموارد البشرية إلى ان تكون ذات قدرات ومهارات ومعارف عالية المستوى لتمكينها من الابداع والابتكار وتقديم الجديد والأجود من المنتجات وتحقيق الميزة التنافسية .
وتدعي كثير من الشركات والمنظمات اليوم الاهتمام بالعنصر البشري وأنها تقوم بالتطوير فيه بالطريقة السليمة ولكن المشاهد للعمليات والإجراءات التي تقوم بها تلك المنظمات وطريقة احتساب مواضيع التدريب والتعليم والتطوير وكيف يتم التعامل مع الموارد البشرية المؤهلة والمدربة تجد انها تتعامل مع الموارد البشرية على انها تكاليف لا على انها استثمار وهذا هو الفارق بين المنظمات التي تهتم بالعنصر البشري وتلك المنظمات التي تأخذ العنصر البشري كتكلفة ولذا كان لزاماً على الشركات التي تسعى للمنافسة و تغيير آلية النظر والتعامل مع الموارد البشرية ويبدو من خلال اعمال الباحثين شولتز وبيكر بأن الخيار الوحيد امام المنظمات حتى تضاعف نواتج نشاطاتها والزيادة في دخلها يتمثل في توفير الإمكانيات الضرورية والتطوير في مواردها البشرية وذلك عن طريق تدريبهم وتعليمهم من اجل تنمية وزيادة الطاقات والقدرات اللازمة لأداء الاعمال ومواجهة التحديات .
هناك مجموعة من النظريات التي تحدثت حول التحسين في رأس المال البشري باعتباره من العناصر المهمة في المنظمات والتي لابد أن تعيره المنظمة أهمية كبرى في مجال الإنفاق والعائد من هذه العملية و هناك من تحدث عن الموارد البشرية على أنه عنصر من عناصر المنظمة فحسب لكن الحاصل في العصر الحديث هو الحديث عن هذا العنصر كمورد للمنظمة يعود لها بالنفع والفائدة المادية والمعنوية والتسويقية و يجب الحديث عن المورد البشري على انه الميزة التنافسية بين المنظمات والتي يجب ان تتنافس المنظمات في سبيل رفع قيمة هذا العنصر الذي يعتبر مورد للارباح المادية إذا احسن تطويره وتوجيهه في الاتجاه المناسب وبالطريقة السليمة.


الموارد البشرية ، رأس المال البشري ، الأداء ، المعرفة ، تكاليف، استثمار، عبدالكريم الروضي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


موضوع مهم ومعلومات أكثر من رائعة د. عبد الكريم. أجمل تحية وتقدير لك.