أنشدني هؤلاء الفضلاء (1)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
30/11/2024 القراءات: 15
لقيتُ في حياتي كثيرًا من أهل العلم والأدب والفضل، وكنتُ أدوِّنُ أحيانًا ما يقولون وينشدون ويروون، ورأيتُ أن أنشر شيئًا من ذلك، ففيه فائدة للأدب والتاريخ، وجانبٌ من أخبار أهل العصر.
-أنشدني الأخ الكريم الشيخ محمود بن عبدالعزيز العاني في مدينة الفلوجة سنة (1404هـ – 1984م) لنفسه:
"عناية الله"
رجوتُ رسولَ اللهِ والقلبُ هائمُ ... وعند رسولِ الله تُرْجَى المكارِمُ
ببابِك رَحْلي قد حططتُّ وطالما ... ببابكَ غنّتْ للضيوف الحَمائِمُ
علمتُ إذا ما دُقَّ بابُ محمدٍ ... وصحّتْ لدى باب الرسول العزائِمُ
وصاحَ لدى تلكَ الرحابِ متيّمٌ ... ودلَّتْ على قُربِ النجاةِ العلائِمُ
وطابَ بذكر الأولياء فؤادُه ... وطاولَ أعناقَ الرجالِ يُداهِمُ
علمتُ لقد صحّتْ ظنونٌ ظننتُها ... وحقَّقتِ الأقدارُ ما أنا حالِمُ
أيا صاحِ مَنْ مثلي سعيدٌ معذبٌ ... تحاربُهُ الأحداثُ وهْوَ مُسالِمُ
تحارُ عقاقيرُ الطبيبِ بدائهِ ... إذا هُو في خيرٍ مُعافىً وسالِمُ
وتطردُهُ حتى الجمادات بُغضةً ... إذا هو محبوبٌ على الناس قائِمُ
تُحيطُ به الأهوالُ مِنْ كلِّ جانبٍ ... فيخرجُ منها سالمًا وهْوَ نائِمُ
وتفجؤهُ الأعداءُ وهْوَ مغفلٌ ... ويَخرجُ منصورًا وليس يُقاوِمُ
***
-وأنشدني:
"رسالة من جبهة القتال إلى حضرة أخي العزيز عمر عبدالعزيز"
أُخَيَّ ألم تبلغْكَ أخبارُ غربتي ... وكم أنا مجروحُ الفؤاد حزينُ
بأيدي أناسٍ لا يُراعون ذمةً ... ولا يُكرمون الشيخَ وهْوَ رزينُ
ويحشون بطني بالطعام تكرُّمًا ... وقد علموا أنْ ما الطعامُ يَزينُ
يكفّون عن إتقان أعمالهم يدي ... وقد علموا أنَّ القعودَ مَهينُ
أدورُ لوحدي أسألُ اللهَ نصرةً ... وليس على دهري سواهُ معینُ
أجاهدُ أشواقًا وذلًّا ووحشةً ... وأُظهرُ حُسْنَ الحالِ لستُ أبينُ
أُخَيَّ كواني الشوقُ فارثِ لحالتي ... وإنْ تسمعنْ شكوايَ فهْيَ تهونُ
عساكَ إذا صلّيتَ تذکرُ غربتي ... عساكَ بمُضطرِّ الدعاء تُعينُ
كأني مُحاطٌ إنْ تلفتُّ شمألًا ... أتاني بمسنونِ الرماحِ يمينُ
وكالضائعِ الملهوفِ تاهَ بقَفْرةٍ ... تجاوبُهُ أصداؤُه ورنينُ
تمنيتُ حتى الموت مِنْ ضيقِ كُربتي ... ولولا ثباتٌ بالهدى ويقينُ
وإنْ تقرأنْ يومًا كتابًا تذكَّرَنْ ... بأنيَ أيضًا للكتابِ قرينُ
وإنْ جلتَ في روضِ العلومِ تذكَّرَنْ ... بأنيَ حاوٍ للعلوم أمينُ
وضَعْ لي كتابًا فوق رَفٍّ ودفترًا ... لينتظراني والحديثُ شجونُ
عساني إذا ما جئتُ آنستُ حاجتي ... فبِي نحو هايتكَ الرياضِ حنينُ
***
-وأنشدني:
"الصاروخ الثائر"
سأَلَتْني: ماذا تُحبُّ من الصو ... ت سماعًا كي أحضرَ الأوتارا
قلتُ: صوتُ الصاروخ حين يُدوّي ... ويَبثُّ النيران والأحجارا
وبغيظٍ أجزاؤُهُ تتشظى ... ويُذرِّي أحشاءَه أشطارا
ويُدوِّي مُزمجرًا ويُنادي: ... قد كسرتُ الأطواق يكفي حِصارا
ليس للروح في السجون مقامٌ ... فإلى واسعِ الفضاءِ فرارا
أنا حرٌّ وهاكَ جسمي فداءً ... يا فضاءً يَستقبلُ الأحرارا
وترى راية الدخانِ تلوّى ... معلنًا عند رفعِها الانتصارا
شبحٌ ناصعُ البياض يُنادي: ... أنْ هنا زمجرَ السجينُ وثارا
شبحٌ يُرعبُ الطغاةَ ويَروي ... قصةَ الحرِّ بعدَها يتوارى
***
-وأنشدني:
يا نظرةً سلبتْ فؤادي ليلةً ... ليلاءَ ما تركتْ فؤادي يهجَعُ
فاضتْ عليَّ بحُسنها وعذابها ... فبقيتُ في غرَقٍ أغوصُ وأطلُعُ
جلبتْ عليَّ من البلاء عظائمًا ... دهياءَ قد تركتْ فؤاديَ يضرَعُ
يا ليتني إذ ما نظرتُ عرفتُ مَنْ ... أهوى عسى بالوصل عندك أطمَعُ
يا خلُّ حتى في المنام هجرتَني ... هلا خيالك في المنام يُمتِّعُ؟
ألقيتَ لي سرًّا (فهمتُ) بنظرةٍ ... قد عبَّرتْ عمّا حوتْهُ الأضلُعُ
ذكرَتْك عيني كلما قمرٌ بدا ... وذكرتُ عينَكَ في الكواكبِ تلمَعُ
ورأيتُ طيفَك في الخيال فقلتُ: ذا ... مَنْ كان يبحثُ عنه قلبي المولَعُ
ولقد أدورُ لفرط ما أنا واجدٌ ... هيمانَ لا أدري بما أنا أصنَعُ
فأكبُّ مضطجعًا بحبِّك مثقلًا ... ألقى الذي لقيَ الكئيبُ المُوجَعُ
رباه لا تتركْ عُبيدك في الهوى ... رهنَ العذابِ فؤادُهُ يتصدَّعُ
رباه لا تتركْ على ألم الجوى ... قلبًا غدتْ فيه الصبابةُ ترتَعُ
قد كنتُ عن أمر المحبة غافلًا ... حتى قدرتَ ليَ الذي لا يُدْفَعُ
فرأيتُ مِنْ سرِّ الجَمال مشاهدًا ... إنَّ الجَمال لمُؤنسٌ ومُروِّعُ
فغدوتُ كالمجنون أدعوه التفتْ ... ولقد علمتُ بأنه لا يَسمَعُ
***
-وأنشدني:
لأبي "الكابوي" عن رُشدِهِ ... أي تيهٍ مالَ عن قصدِهِ
ثوبه المرقوع يمشي به ... لم يدرْ مِنْ قبلُ في خلدِهِ
قلتُ: هل فقرٌ دها؟ قيل: لا ... بل أبو الأمثال في بندِهِ
(كلُّ ما يَخرج عن حدِّه ... ينقلبْ يومًا إلى ضدِّهِ)
***
-وزرتُه يوم الاثنين (8 من رجب سنة 1404 = 9/ 4/ 1984م) فجاءنا بابنه الرضيع "محمد"، وقد أرَّخ ولادته بقوله:
وحينها أرختُه نجمًا بدا ... نصرٌ من الله وفتحٌ قريبْ
101. 1302 = (1403).
***
-وأنشدني:
وألثغ مجتابٍ خِمارًا لأهلهِ ... فقلتُ لهم: يا قوم إنهوه ذا عارُ
فقالوا له: ماذا بصدرك لابسٌ؟ ... أشار إليه ثم قال: حمارُ [كذا]
***
أدب. شعر. الفلوجة.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع